بفوزهِ في الانتخابات الإسبانية أضحى خامس رئيس حكومة منذ عودة الديمقراطية إلى إسبانيا، أعيدَ انتخابه سنة 2008 مرة أخرى، وفازَ بالانتخابات أيضا، لكنها كانت سنة بداية أزمة اقتصادية كبرى في أوروبا والعالم، عرفت إسبانيا ساعتها أعلى معدلات البطالة بأوروبا بحوالي 18 في المائة، ما عجل بتقويض سلسلة نجاحاته السياسية التي تأتي على رأسها: إصلاح قانون الإجهاض، وإصلاح القوانين المختلفة التي تتمتع بالحكم الذاتي، ولا سيما النظام الداخلي في كاطالونيا. وفي سنة 2011 إثرَ تنامي موجة البطالة في إسبانيا أعلن عن انتخابات مبكرة مقررا عدم العودة مجددًا إلى المناصب الوزارية.
ثابطيرو الذي تربطه بالمغرب علاقة متينة، يدركُ جيدًا طبيعة العلاقة مع المغرب وأهمية ذلك، وما فتئ يدعم ويؤكد مقترحَ المغرب ومخطط الحكم الذاتي، في لقائه الأخير بطنجة بوزير الخارجية ناصر بوريطة، في يونيو الماضي أكدت صحيفة «إل باييس» الإسبانية، أن ثابطيرو يدعم بقوة حكومة سانشيز وموقفها من مخطط الحكم الذاتي، مشيرة إلى أن إسبانيا «تتبع موقفًا بناء وواقعيًا» لإدارة الأزمة مع الجزائر، حيث أكد على ضرورة توخي الحذر.
بابتسامته التّي تشي بخبرةٍ دبلوماسية، لا تخطئها العين، وبحضور ملفت للنظر، يشد إليهِ مستمعيه، حاضر خوسيه لويس ثابطيرو، من على خشبة العرض في رحاب المدرسة العليا للأساتذة بمدينة تطوان، تحتَ عنوان : «العلاقات الدبلوماسية المغربية والإسبانية»، لم تكن مداخلة الرئيس الأسبق لحكومة إسبانية عبارة عن محاضرة، وإنما كانت خطابًا في «الدبلوماسية الثقافية» ودورها الموازي في إرساء دعامات التعاون بينَ الدول، وجسرِ أسس الحوار وربط العلاقات على أساس: التعايش، والسلام، والاحترام، هذهِ هي المبادئ والمفاتيح الأساس لخطاب ثابطيرو.
ترتكز العلاقات الدولية اليوم، على أهمية وضرورة «الدبلوماسية الثقافية»، بوصفها قوة ناعمة، تستند إليها الدول الديمقراطية في تعزيز جسور التواصل ورئبِ تصدع العلاقات التي قد تحصل بينَ الدول. من ناحية أخرى قد نجني نتائج ناجعة بفضل هذا التوجه وسريعة في آن، ذلكَ أن جسور التقارب بينَ الشعوب والنقاط المشتركة التي تطرأ على العلاقات، تجعل من هذا التوجه الدبلوماسي فرصة ممكنةَ المنال، وهو الدور ذاته الذي مارسه ثابطيرو، عندما ركزّ على ما يجمع المغاربة بإسبانيا، من تاريخ مشترك، وحاضر مُعاش، ومستقبل ممتد، فضج له المدرج كل لحظة وحين بالتصفيقات المتتالية، لأنه استدعى في خطابه معجم: الجوار، والعلاقات المتينة، والشراكات الممتدة، والتعاون الإيجابي... إلخ.
لم يفت ثابطيرو، التأكيد على أهمية المنطقة المتوسطية وأهمية المغرب وإسبانيا في هذهِ المنطقة، بوصفهما بلدينِ يقعانِ جغرافيًا في مجال حيوي، وبما أنهما يشهدان حركة عبور نشيطة للمهاجرين وحركتي التجارة والاقتصاد، فهما بوابتين رئيسيتين لإفريقيا وأوروبا، وعلاقتهما التاريخية شاهدة على الدور المحوري الذي يقومان به في هذهِ المنطقة، وكما أبرز ثابطيرو أن «التاريخ يذكر الدول والأمم بما قدمته وتقدمه للعالم من ثقافة وحضارة وتطور»، وليسَ هناكَ شك في أن إمكانيات المملكتين في هذا الباب، كثيرة ويشهد على تنوعها المنطقة بما توفره من بنيات ثقافية وحضارية أصيلة، هكذا تبدو صورة البلدين في المنطقة المتوسطية، وعلى البلدين استثمار ذلكَ من أجلِ تطوير بنيات أخرى تحتاجُ إلى تأهيلها وتطويرها.
ثابطيرو يؤكد على موقفه الداعم لمخطط الحكم الذاتي
اهتمَ ثابطيرو كثيرًا، بالحديث عن العلاقات المغربية الإسبانية، وأسهب في ذلك أحيانا واستعمال في ذلك قاموسًا، دِبلوماسيا قوامه، العلاقات المتينة، وأهمية التاريخ والجغرافيا، والتدبير السياسي لملفات الأمن والهجرة وغير ذلك، لكن اللافت أنّه ما فتئ يؤكد على ازدهار العلاقات المغربية الإسبانية، رغم التصدعات التي تشهدها العلاقات بين البلدين، ليسَ خافيًا أن ثابطيرو إبانَ فترة توليه رئاسة الحكومة الإسبانية، كان موقفه الأولي التقرب والتودد إلى المغرب، ومنذ لقائه الأول بجلالة الملك محمد السادس، أدركَ أهمية التقارب بين البلدين، وهو ما سعى إليه عبر مواقفه تجاهَ المغرب، إذ سجل باستمرار دعمه مخططَ الحكم الذاتي، بل عده أثناء مداخلته هو الخيار الذي يجسد فعلا مبادئ التعايش، والسلام، والاحترام، وبالنظر إلى خلفية ثابطيرو في دعمِ هذه المبادئ فإن مخطط الحكم الذاتي، يضع الركائز الأساس لاستقرار المنطقة ككل، وهو ما أدركته إسبانيا عندما عبر «سانشيز» رئيس الحكومة الإسبانية بوضوح دعمه لمخطط الحكم الذاتي، الشيء الذي ثمنه ثابطيرو، كثيرًا واعتبره طريقا ناجعًا لتجاوز بعض الخلافات التي تطفو على علاقات البلدين.
استثمرَ ثابطيرو في مجيئه إلى المغرب، حيث أكد أنه «يقبل دعوة المغرب دائما، خصوصًا في مثل هذه المناسبات الدولية»، بيد أن الأهم هو تأكيدهُ على دور المدينة في مسار «الدبلوماسية الثقافية»، وما تلعبهُ من رمزيةٍ كبيرة في ترسيخ صور الحضارة والثقافة المتوسطية، ولم تكن هذهِ المدينة سوى تطوان، التي تحظى بتاريخٍ زاخر يشهد بالتعدد والتنوع، ما يؤهلها لهذا الدور الحيوي، وربما تأكيد «ثاطيرو»، على ذلك لم يأتي من فراغ، وإنما هو من إرث المخيال الإسباني المعاصر عن مدينة تطوان، وتعلق الإسبان بالمدينة، وفي المجمل منَ اللافت أن يتم الالتفات إلى المدينة بوصفها أحد دعامات «الدبلوماسية الثقافية».
لم تتوقف إشارات ثابطيرو، الرامية إلى إذكاء روح التعاون بينَ البلدين، عندما حرص أن تكون مراكز البحوث والجامعة، أحد المساهمينَ في ذلك، فالجامعة اليوم تعد أهم من يحمل رسائل عن طبيعة الشعوب، ومدى استعدادها للتجاور والازدهار، لذا كانت إشارة ثابطيرو، موحية بمزيدٍ من الاهتمام بهذه الملفات لأنها تعمل في الخلف كقوى «مرنة» و»ناعمة» في جسرِ الهوةِ بينَ البلدين.
يمكن أن نرى في «الدبلوماسية الثقافية» اليوم، أداة ناجعة في كسر العديد منَ التحديات التي تواجه البلدين، ومن تعزيز جسور التواصل التي تنبني أساسًا على استحضار روابط الشعوب المتعددة الروافد، وهي أحد المهام التي يجب أن تستأنفها الدبلوماسية المغربية، لأن الإرث التاريخي والثقافي الذي يحمله المغرب، يؤهله لكي يصيرَ مرجعًا في ذلك.
استثمرَ ثابطيرو في مجيئه إلى المغرب، حيث أكد أنه «يقبل دعوة المغرب دائما، خصوصًا في مثل هذه المناسبات الدولية»، بيد أن الأهم هو تأكيدهُ على دور المدينة في مسار «الدبلوماسية الثقافية»، وما تلعبهُ من رمزيةٍ كبيرة في ترسيخ صور الحضارة والثقافة المتوسطية، ولم تكن هذهِ المدينة سوى تطوان، التي تحظى بتاريخٍ زاخر يشهد بالتعدد والتنوع، ما يؤهلها لهذا الدور الحيوي، وربما تأكيد «ثاطيرو»، على ذلك لم يأتي من فراغ، وإنما هو من إرث المخيال الإسباني المعاصر عن مدينة تطوان، وتعلق الإسبان بالمدينة، وفي المجمل منَ اللافت أن يتم الالتفات إلى المدينة بوصفها أحد دعامات «الدبلوماسية الثقافية».
لم تتوقف إشارات ثابطيرو، الرامية إلى إذكاء روح التعاون بينَ البلدين، عندما حرص أن تكون مراكز البحوث والجامعة، أحد المساهمينَ في ذلك، فالجامعة اليوم تعد أهم من يحمل رسائل عن طبيعة الشعوب، ومدى استعدادها للتجاور والازدهار، لذا كانت إشارة ثابطيرو، موحية بمزيدٍ من الاهتمام بهذه الملفات لأنها تعمل في الخلف كقوى «مرنة» و»ناعمة» في جسرِ الهوةِ بينَ البلدين.
يمكن أن نرى في «الدبلوماسية الثقافية» اليوم، أداة ناجعة في كسر العديد منَ التحديات التي تواجه البلدين، ومن تعزيز جسور التواصل التي تنبني أساسًا على استحضار روابط الشعوب المتعددة الروافد، وهي أحد المهام التي يجب أن تستأنفها الدبلوماسية المغربية، لأن الإرث التاريخي والثقافي الذي يحمله المغرب، يؤهله لكي يصيرَ مرجعًا في ذلك.
العلم: أنس الشعرة