العلم - بقلم عبد الله البقالي
لا نخال أن يكون من قبيل الصدفة فقط، أن تتعمد جهتان دوليتان متخصصتان في قضايا المناخ، إصدار تقريرين يستعرضان الأوضاع الكارثية للمناخ، بسبب التغيرات المناخية في العالم، تزامنا مع انعقاد الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29)، الذي تضمن الشق رفيع المستوى لرؤساء الدول والحكومات، وانطلقت أشغاله بالعاصمة الأذربيجانية (باكو). فمؤشر التزامن يحفل بالدلالات والخلفيات التي لا تحتاج إلى كبير جهد لإدراكها وربطها بما انعقدت قمة المناخ من أجله.
فهذا تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية الذي صدر يوم انطلاق أشغال قمة المناخ، يشير إلى أن يكون العام الحالي الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، بعد شهور عديدة، ارتفع فيها متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفاعا استثنائيا، حيث بلغت درجة الحرارة العالمية خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية 1,5 درجة بزيادة (0,13) درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وأن الاحترار طويل الأمد لا يزال متواصلا بعد قياسه لعقود دون 1,5 درجة مئوية. كما سجل أن السنوات العشر الماضية تعتبر الأحر على الإطلاق وأن حرارة المحيطات واصلت الارتفاع، والجليد البحري في (أنتاركتيكا) يسجل ثاني أدنى مستوياته، والأنهار الجليدية تفتقد كتلتها بوتيرة سريعة، ويرصد أيضا ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع حرارة المحيطات وظواهر الطقس المتطرفة. كما أن الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة تؤدي إلى خسائر اقتصادية وبشرية فادحة. وأطلق هذا التقرير صيحة عالية، لا بد أن أصداءها ترددت في ردهات قاعات اجتماع قمة المناخ، حول مناخ تغير في جيل واحد بوتيرة وصفها بـ(المفزعة) فاقمتها وعجلت بها المستويات التي تتزايد باستمرار من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
وهذا تقرير ثان صادر عن خدمة المناخ في مرصد (كوبرنيكوس) التابع للاتحاد الأوروبي، صدر بدوره قبل أيام قليلة من انطلاق أشغال قمة المناخ في باكو، كشف أن عام 2024 سيصنّف الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة العالمية السنوية بمقدار 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة لأول مرة، وأن متوسط درجة الحرارة العالمية خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2024 كان بمستوى أعلى بمقدار 0,71 درجة مئوية من خط الأساس لفترة 1991- 2020، وهو أعلى معدل مسجل لهذه الفترة، إذ يتفق في ذلك مع تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وسواء تعلق الأمر بالتقرير الأول أو الثاني، فإن أسباب هذا السقوط المناخي المفزع كثيرة ومتعددة، ولكنهما يجمعان على توجيه أصابع الاتهام إلى انبعاثات الغاز الناتجة عن الأنشطة البشرية واحتراقات الطاقات الأحفورية، خصوصا من الكاربون والنفط والغاز، والتي لا يحتاج المتابع العادي والبسيط إلى كبير جهد لتحديد مصادرها ومعاقل انتاجها وإفرازها. ناهيك عن أن خبراء المناخ يتحدثون أيضا على إصرار ظاهرة النينيو الطبيعية التي تتميز بارتفاع في درجات الحرارة فوق كوكب الأرض، على تمديد عمرها الافتراضي والتي أكدوا أنها بلغت أعلى مستوياتها في عامي 2023 و2024، لتكون بذلك من أقوى خمس ظواهر طبيعية عرفتها هذه الظاهرة. وإن سجلوا أنها بدأت فعلا في الانحسار تدريجيا بعد وصولها لنهاية عمرها الافتراضي، لكنها في سلوك شاذ، من المتوقع أن تواصل تأثيرها في ارتفاع درجات الحرارة التي تجتاح الغلاف الجوي، ولذلك يلتقي ويتفق الخبراء مع ما جاء به التقريران من أن درجات الحرارة ستسجل أعلى معدلاتها الطبيعية في جميع مناطق اليابسة تقريبا خلال هذه السنة.
في الحقيقة، فإن جميع المعطيات التي تضمنها التقريران والحقائق الصادمة التي يكشف عنها الخبراء، ليست جديدة ولا مفاجئة، لأن التغيرات المناخية أضحت حديث العامة من الناس وأصبحت واقعا يعيشه البشر في جميع أنحاء المعمور، لكن الأهم في هذه التطورات، يتمثل أساسا في حرص هذه الجهات الدولية على نشر التقارير المؤسساتية قبل انطلاق قمة المناخ. والواضح من هذا التزامن أن الأطراف المتخصصة بقضايا المناخ والمنشغلة إلى حد القلق بالتغيرات المناخية بوتيرة سريعة ومتطرفة، أصرت على توجيه رسالة واحدة واضحة للمئات من المسؤولين الحكوميين الذين تحملوا أعباء السفر إلى غاية باكو، والمسؤولين في المنظمات الدولية المعنية بقضايا المناخ الذين حزموا حقائبهم إلى هناك، مفادها أن مثل هذه القمم والمبادرات لم تعد تجدي نفعا في معالجة الأسباب التي تدفع بالتغيرات المناخية نحو الأسوأ، إذ بقدر تزايد عدد القمم واللقاءات وزيادة حجم الالتزامات المالية والسلوكية والإكثار من توقيع الاتفاقيات، فإنه مقابل ذلك تزداد مؤشرات التغيرات المناخية تدهورا، وتواصل تثبيت الإنذار الجدي بما يحدث وتعمق القلق والخوف مما يترتب عنها.
لا نخال أن يكون من قبيل الصدفة فقط، أن تتعمد جهتان دوليتان متخصصتان في قضايا المناخ، إصدار تقريرين يستعرضان الأوضاع الكارثية للمناخ، بسبب التغيرات المناخية في العالم، تزامنا مع انعقاد الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29)، الذي تضمن الشق رفيع المستوى لرؤساء الدول والحكومات، وانطلقت أشغاله بالعاصمة الأذربيجانية (باكو). فمؤشر التزامن يحفل بالدلالات والخلفيات التي لا تحتاج إلى كبير جهد لإدراكها وربطها بما انعقدت قمة المناخ من أجله.
فهذا تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية الذي صدر يوم انطلاق أشغال قمة المناخ، يشير إلى أن يكون العام الحالي الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل درجات الحرارة، بعد شهور عديدة، ارتفع فيها متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفاعا استثنائيا، حيث بلغت درجة الحرارة العالمية خلال التسعة أشهر الأولى من السنة الحالية 1,5 درجة بزيادة (0,13) درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وأن الاحترار طويل الأمد لا يزال متواصلا بعد قياسه لعقود دون 1,5 درجة مئوية. كما سجل أن السنوات العشر الماضية تعتبر الأحر على الإطلاق وأن حرارة المحيطات واصلت الارتفاع، والجليد البحري في (أنتاركتيكا) يسجل ثاني أدنى مستوياته، والأنهار الجليدية تفتقد كتلتها بوتيرة سريعة، ويرصد أيضا ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع حرارة المحيطات وظواهر الطقس المتطرفة. كما أن الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة تؤدي إلى خسائر اقتصادية وبشرية فادحة. وأطلق هذا التقرير صيحة عالية، لا بد أن أصداءها ترددت في ردهات قاعات اجتماع قمة المناخ، حول مناخ تغير في جيل واحد بوتيرة وصفها بـ(المفزعة) فاقمتها وعجلت بها المستويات التي تتزايد باستمرار من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي.
وهذا تقرير ثان صادر عن خدمة المناخ في مرصد (كوبرنيكوس) التابع للاتحاد الأوروبي، صدر بدوره قبل أيام قليلة من انطلاق أشغال قمة المناخ في باكو، كشف أن عام 2024 سيصنّف الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث من المتوقع أن ترتفع درجة الحرارة العالمية السنوية بمقدار 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة لأول مرة، وأن متوسط درجة الحرارة العالمية خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2024 كان بمستوى أعلى بمقدار 0,71 درجة مئوية من خط الأساس لفترة 1991- 2020، وهو أعلى معدل مسجل لهذه الفترة، إذ يتفق في ذلك مع تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وسواء تعلق الأمر بالتقرير الأول أو الثاني، فإن أسباب هذا السقوط المناخي المفزع كثيرة ومتعددة، ولكنهما يجمعان على توجيه أصابع الاتهام إلى انبعاثات الغاز الناتجة عن الأنشطة البشرية واحتراقات الطاقات الأحفورية، خصوصا من الكاربون والنفط والغاز، والتي لا يحتاج المتابع العادي والبسيط إلى كبير جهد لتحديد مصادرها ومعاقل انتاجها وإفرازها. ناهيك عن أن خبراء المناخ يتحدثون أيضا على إصرار ظاهرة النينيو الطبيعية التي تتميز بارتفاع في درجات الحرارة فوق كوكب الأرض، على تمديد عمرها الافتراضي والتي أكدوا أنها بلغت أعلى مستوياتها في عامي 2023 و2024، لتكون بذلك من أقوى خمس ظواهر طبيعية عرفتها هذه الظاهرة. وإن سجلوا أنها بدأت فعلا في الانحسار تدريجيا بعد وصولها لنهاية عمرها الافتراضي، لكنها في سلوك شاذ، من المتوقع أن تواصل تأثيرها في ارتفاع درجات الحرارة التي تجتاح الغلاف الجوي، ولذلك يلتقي ويتفق الخبراء مع ما جاء به التقريران من أن درجات الحرارة ستسجل أعلى معدلاتها الطبيعية في جميع مناطق اليابسة تقريبا خلال هذه السنة.
في الحقيقة، فإن جميع المعطيات التي تضمنها التقريران والحقائق الصادمة التي يكشف عنها الخبراء، ليست جديدة ولا مفاجئة، لأن التغيرات المناخية أضحت حديث العامة من الناس وأصبحت واقعا يعيشه البشر في جميع أنحاء المعمور، لكن الأهم في هذه التطورات، يتمثل أساسا في حرص هذه الجهات الدولية على نشر التقارير المؤسساتية قبل انطلاق قمة المناخ. والواضح من هذا التزامن أن الأطراف المتخصصة بقضايا المناخ والمنشغلة إلى حد القلق بالتغيرات المناخية بوتيرة سريعة ومتطرفة، أصرت على توجيه رسالة واحدة واضحة للمئات من المسؤولين الحكوميين الذين تحملوا أعباء السفر إلى غاية باكو، والمسؤولين في المنظمات الدولية المعنية بقضايا المناخ الذين حزموا حقائبهم إلى هناك، مفادها أن مثل هذه القمم والمبادرات لم تعد تجدي نفعا في معالجة الأسباب التي تدفع بالتغيرات المناخية نحو الأسوأ، إذ بقدر تزايد عدد القمم واللقاءات وزيادة حجم الالتزامات المالية والسلوكية والإكثار من توقيع الاتفاقيات، فإنه مقابل ذلك تزداد مؤشرات التغيرات المناخية تدهورا، وتواصل تثبيت الإنذار الجدي بما يحدث وتعمق القلق والخوف مما يترتب عنها.