وإذا كانت القمة الخليجية الثانية والأربعون لم تكتف في بيانها الختامي ، بالإشادة بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب، ولكنها أكدت على أهميتها ووصفتها بالخاصة، وهو توصيف دقيق وذو معنى، فإن الربط بين هذه الشراكة من المستوى العالي وبين تنفيذ خطة العمل المشتركة، يعني بالدرجة الأولى تفعيل الشراكة وتنزيلها إلى أرض الواقع والعمل سويا على تطويرها حتى تواكب المتغيرات المتلاحقة الجارية في المنطقة، ومسايرة التطورات المطردة في العالم . وهذا التفعيل والمواكبة والمسايرة للأوضاع الإقليمية والدولية ، من مقومات الشراكات الاستراتيحية بين الدول التي تتخذ القرارات الحاسمة التي تخدم مصالحها العليا وتحقق أهدافها الكبرى ، وتنخرط في الجهود الدولية لبناء الأمن والسلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم .
لقد تزامن التأكيد القوي والواضح والصريح على أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين المغرب والدول الخليجية الست ، مع تصاعد وتيرة الأزمات في عديد من المناطق من العالم العربي، بسبب التوترات والنزاعات والصراعات والتجاذبات التي يأخذ بعضها برقاب بعض، في تواتر لا يتوقف واسترسال لا ينتهي، سواء في منطقة الخليج العربي أو في شمالي أفريقيا. وهو الأمر الذي يستدعي تضافر الجهود لتنسيق السياسات وتكاملها، لتجنب الصراعات الإقليمية والدولية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول. وهذا ما عبر عنه البيان الختامي للقمة الخليجية بالمسار الذي يحقق الدعم والترابط الاستراتيجي بين السياسات الاقتصادية والدفاعية والأمنية المشتركة. ويلاحظ في هذا السياق ورود الترابط الاستراتيجي مقترنا بالسياسات الاقتصادية والدفاعية والأمنية. وتلك هي طبيعة الاستراتيجية ومجالاتها ومفاهيمها. ومن هنا ننظر إلى الشراكة الاستراتيجية القائمة بين المغرب ودول الخليج العربية ، التي هي ذات الأهمية الخاصة.
والواقع أن الروابط المتينة بين المغرب والدول الخليجية الست، تقتضي تقوية الشراكة العالية السقف البعيدة المدى المتجذرة الثابتة، وكونها استراتيجية، فهذا يستدعي أن تكون دائمة ومتواصلة وفي تصاعد مستمر ، وليست مرحلية عابرة لا تأثير لها . ولذلك أكدت القمة الخليجية على أهمية هذه الشراكة وربطتها بخطة عمل مشتركة واجبة النفاذ .
إن ما يجمع بين المملكة المغربية ودول الخليج العربية الست، الشرعية التاريخية والقانونية والوطنية التي تتمتع بها جميعها، وقوة الانتماء للأوطان وعمق الولاء لأولي الأمر قادة الدول. وهذه العناصر القوية هي مصدر القوة والمناعة والحصانة والقدرة على رفع التحدي للدول السبع معا. ولذلك كانت الشراكة الاستراتيجية بينها تقوم على قواعد متينة ، وتستند إلى مقومات لا تتوفر لغيرها ، مما جعلها منارات للاستقرار قلاعا للأمن وفضاءات للإشعاع الحضاري وقواعد راسخة للنماء والبناء والوفاء للتراث الوطني في مصادره المتنوعة .
من هذا المنطلق النظري والقاعدة العملية ننظر نحن في المملكة المغربية إلى تأكيد للقمة الخليجية على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين المغرب ودول الخليج العربية، ونتطلع بأمل عريض وبوعي عميق وباستعداد كبير، لتنفيذ خطة العمل المشتركة في إطار هذه الشراكة.
العلم