في حدث تاريخي بنيوزيلندا، تم يومه الخميس 05 سبتمبر، تنصيب "نغا واي هونو إي تي بو" كملكة جديدة للماوريين، وذلك بعد وفاة والدها، "الملك توهيتيا بوتاتو تي ويرويرو السابع" الذي رحل عن دنيانا يومه 30 غشت، في جزيرة الشمال النيوزيلندية، وتعتبر الابنة الوحيدة وأصغر أبناء الملك الراحل.
وجاء إعلان تولي "نغا واي هونوا آي تي بو" البالغة من العمر 27 عامًا، العرش خلال مراسم "تانغهانغا" الجنائزية التي امتدت ستة أيام تكريمًا لوالدها. وقد جاء اختيارها من قِبَل مجلس "تيكاو-ما-روا"، وهو مجلس استشاري يتألف من 12 ممثلًا من شيوخ القبائل المختلفة.
وبهذا التتويج، تصبح نغا واي هونوا آي تي بو الملكة الماورية الثامنة، وثاني امرأة تتولى هذا المنصب بعد جدتها تي أريكينوي تي أتيرانجيكاهو، التي توفيت في عام 2006.
وعلى الرغم من أن دور ملك الماوري لا يُورث تلقائيًا، إلا أن جميع ملوك الماوري ينتمون إلى سلالة مباشرة لقادة الحركة الملكية الماورية "كيينغيتانغا"، التي تأسست في عام 1858 كرمز لمقاومة الاستعمار وحماية الثقافة والأراضي الماورية.
حضر مراسم التتويج الآلاف في "تورانغاوايواي ماراي"، حيث وصفت الاحتفالات بأنها "فجر جديد" لحركة الماوري.
وفي كلمة له، أكد رئيس مجلس "تيكاو ما-رو"، تشي ويلسون، على أهمية التقاليد التي يعود تاريخها لثمانية أجيال، والتي تعكس وحدة ورفعة شعب الماوري.
وأضاف: "نغا واي هونوا آي تي بو ليست مجرد ملكة جديدة؛ بل هي رمز لجيل جديد من القيادة، حيث تم اختيارها بحكمة ووفقًا لتقاليد أجدادنا."
الملكة الجديدة تحمل شهادة ماجستير في الدراسات الثقافية الماورية من جامعة وايكاتو، وحصلت على وشم "موكو كاواي" على ذقنها عندما كانت تبلغ 19 عامًا، كهدية لوالدها تقديرًا لعطائه خلال سنوات حكمه.
ويُنظر إليها كرمز للأمل والاستمرارية في الحركة الملكية الماورية، حيث شهدت العديد من المناسبات الملكية بجانب والدها.
وقالت المحامية البارزة آنيت سايكس، التي نذرت حياتها للدفاع عن حقوق الماوري، إن الملكة الجديدة تمثل "المستقبل الذي يسعى إليه الشعب الماوري".
وأضافت: "إنها تجسيد حي لإحياء واستعادة اللغة والثقافة الماورية. لغتها الأولى هي الماورية، وتتحدثها بطلاقة. إنها تسعى لتحسين الرفاهية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لشعبنا."
الملكة نغا واي هونوا آي تي بو ليست فقط رمزًا ثقافيًا، بل تمثل أيضًا تحولًا في القيادة. إذ إنها تحظى بدعم واسع النطاق ليس فقط لقدرتها على قيادة الشعب الماوري، ولكن أيضًا لحفاظها على توازن مميز بين التقاليد والعصر الحديث.
وعلّقت سايكس قائلة: "لقد رأيناها تنمو وتكبر لتصبح قائدة تسعى للمعرفة الأصيلة، ومع ذلك، تدمج هذه المعرفة في عالمنا الحديث. إنها تمثل الفجر الجديد لشعبنا."
منذ وفاة والدها، شهدت نغا واي هونوا آي تي بو دعمًا كبيرًا من مختلف القبائل الماورية، حيث يعتبرها الكثيرون رمزًا للاستمرارية والأمل في الحفاظ على حقوق الشعب الماوري، خاصة في ظل التحديات السياسية التي تواجههم.
الملكة نغا واي هونوا آي تي بو باكي كانت قد التقت بالأمير تشارلز في لندن عام 2022، وعبرت عن احترامها لتاريخ أجدادها، إلا أنها أشارت إلى صعوبة تقبل تأثيرات الاستعمار القاسية على الماوري في نيوزيلندا.
وقالت: "بصراحة، أعظم رغباتي هي استعادة جميع أراضي الماوري لأصحابها الأصليين."
جدير بالذكر أن الحركة الملكية الماورية تأسست في القرن التاسع عشر كحركة مقاومة ضد الاستعمار البريطاني، وهي تُعتبر اليوم رمزًا للفخر الماوري والاستمرار في حفظ حقوق الشعب.
وبرغم أن دور الملكة اليوم يعد إلى حد كبير شكليًا، إلا أنه يحمل أهمية تاريخية وثقافية كبيرة، حيث يقود رئيس الدولة العديد من القبائل الماورية ويوحدها ضد التحديات المشتركة.
وأخُتمت مراسم التتويج بتوجيه جثمان الملك الراحل توهيتيا إلى نهر "وايكاتو"، حيث نقلته قوارب "واكا" إلى جبل "تاوبيري" المقدس لدفنه في مراسم تتويج استثنائية مليئة بالمشاعر والتقدير لمسيرته الطويلة في الدفاع عن شعبه.