العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
أكدت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية، "فيتش راتينغ"، في تقرير لها، استقرار الاقتصاد الوطني، رغم مظاهر العجز في الميزانية العمومية في 2023.
أكدت وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية، "فيتش راتينغ"، في تقرير لها، استقرار الاقتصاد الوطني، رغم مظاهر العجز في الميزانية العمومية في 2023.
وبحسب التقرير أن هذه السنة، عرفت انتعاشًا مطردًا في المجال السياحي بالمغرب، وأظهرَ التقرير ذاته، أن قطاع التصنيع بالمغرب، يعرف أداءً قويًا، بل هو الأبرز في المنطقة، وسينعكس إيجابا على الميزانية العامة، ويتوقع التقرير تسجيل نمو بنسبة 2.8 بالمائة في 2023، مع التعافي التدريجي للقطاع الفلاحي بالمغرب، ويضيف التقرير، أن النمو الاقتصادي سيرتفع إلى 3.2 بالمائة في 2024، وسيؤثر هذا الارتفاع في النمو الاقتصادي، في تراجع أسعار الغذاء والطاقة وانتعاش القطاعات الصناعية والسياحة.
أفاق النمو الاقتصادي..
ويؤكد التقرير، أن النمو الاقتصادي المغربي، سيشهد تراجعًا، بسبب موجة الجفاف التي تمر منها البلاد، وبسبب موجة الانكماش الحاد في الناتج الفلاحي والتضخم الذي يؤثر على الاستهلاك وارتفاع الأسعار، ويتوقع التقرير أن لا يتجاوز معدل النمو الاقتصادي 1.1 بالمائة.
ويشير التقرير، أن آفاق النمو الاقتصادي بالمغرب تعتمد على المستويات الهامة لهطول الأمطار ، وتنبع مخاطر هذا النمو من الحرب الممتدة في أُكرانيا التي تشهد ارتفاع أسعار الطاقة وتعطل الإمدادات، وتآكل القوة الشرائية للأسر، والتباطؤ الاقتصادي الطويل الأمد للشركاء التجاريين للمغرب.
وأبرز التصنيف، أن معدل التضخم قد ارتفع سنة 2022، بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والنقل. وبحسب التقرير ذاته، يُتوقع أن يبلغ معدل التضخم 6.2 بالمائة في المتوسط، قبل أن ينخفض إلى 2.2 بالمائة في 2024، مع تراجع الضغوط على أسواق السلع العالمية.
وبخصوص بنك المغرب، ترى الوكالة الأمريكية، أنه سيواصل تشديد السياسة النقدية لترسيخ توقعات التضخم، واتباع دورة تشديد البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي.
قانون مالية 2023..
واهتم التقرير بمشروع قانون المالية 2023، الذي سيسجل، عجزًا في الميزانية بنسبة 4.5 بالمائة في 2023. وأبرزَ التقرير أن نسبة العجز ستتسع مؤقتًا في 2023، حيث سترتفع ارتفاعًا طفيفًا ليصلَ إلى 5.0 بالمائة من الناتج الإجمالي، والسبب في ذلك، يضيف التقرير، تباطؤ نمو الإيرادات بسبب أسعار الفوسفاط وتباطؤ الأنشطة الصناعية والسياحية على المستوى العالمي، ما سينعكس على المستوى المحلي. وأشار تصنيف الوكالة، أن الحكومة ستتجه إلى زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم، بالشكل الذي يتلاءم مع النموذج الجديد وتجديد الدعم.
وبحسب وكالة "فيتش"، بالرغم من أن نمو الواردات سيتباطأ في 2023 بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية، إلا أنه سيستمر في التفوق على مستوى الصادرات، وتتوقع المؤسسة ذاتها، أن الصادرات سوف تكون معتدلة مع زيادة الطلب العالمي على الفوسفاط والركود الذي تعرفه منطقة اليورو، الشيء الذي يفسر تفوق الصادرات الصناعية.
وبحسب التصنيف الذي تقوم بها الوكالة، فإن المغرب حصل على درجة الملاءمة "ESG RS" من "5" على مستوى الاستقرار السياسي والحقوق وسيادة القانون، والجودة المؤسساتية والتنظيمية ومراقبة الفساد. ويحتل المغرب مرتبة متوسطة في تصنيف WBGI عند معدل 40.6، مما يعكس مستوى معتدلًا من حقوق المشاركة في العملية السياسية، وقدرة المؤسسات الوطنية في خلق التوازن السياسي، وترسيخ مبادئ سيادة القانون، ومحاربة الفساد. و الحفاظ على الاستقرار السياسي رغم نوبات الاضطرابات المتكررة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب ما يؤكده تقرير الوكالة.
قراءة أولية..
يبرز التقريرـ مآلات الاقتصاد الوطني، وتوجهاته الكبرى، على مستوى الماكرو -اقتصادي، والمِكرو-سوسيولوجي، ولا يمكن فصل هذه البنى عن بعضها، بسبب التواشج في طبيعة التنظيم الهيكلي والمؤسساتي. من جهة أخرى فإن التأثيرات الدولية، تمارسُ ضغطًا كبيرًا على الميزانية العامة للبلاد، الشيء الذي يفسر استمرار العجز التجاري، بيدَ أنّ مجموعة من هذه التأثيرات على الاقتصاد الوطني، تظل أسسها داخلية، تستدعي مجموعة منَ التدابير الهيكلية لمواجهة ارتفاع الأسعار، الذي يؤثر في الدينامية الاجتماعية واستقرار المجتمع، وتكريس التوازن السياسي.
الدولة الاجتماعية..
أتت مضامين الخطب الملكية، معززة تدخل الدولة لتعزيز دورها، كدولة حاضنة وداعمة للأطر والنظم الاجتماعية، ورغم تخصيص قانون مالية 2023، حيزًا هامًا لهذا التدخل، إلا أنه يشهد تباطأ على مستوى الممارسة، وعلى الحكومة المساهمة في تطوير توجهها الاجتماعي، ترجمة لمضامين الخطب الملكية، وتوسيع هامش دور التوجه الاجتماعي، بوصفه أحد ضمانات الاستقرار الجماعي في البلاد، وترسيخ مبادئ التكافؤ الاجتماعي ومحاربة الفساد.
ضبط التوازنات، الماكرو- اقتصادية، والقراءة الاستباقية لتقلبات السوق العالمية، سيجنب الحكومة الكثير من المفاجأة، التي قد تربك عملَها وتبعثر توجهاتها، ومن جهة أخرى يجب اللعب على هذه التوازنات للمساهمة في تجاوز الأزمة بحسب ما توقعه التقرير.