العلم – لبنى الحفيظي (صحافية متدربة)
قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلاصة مخرجات حول حماية الأطفال في البيئة الرقمية في إطار إحالة ذاتية، من أجل فضاء رقمي دامج يوفر الحماية لهذه الفئة الناشئة، خلال اللقاء التواصلي الذي عقد أمس الخميس 30 يناير الجاري، بالرباط.
قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خلاصة مخرجات حول حماية الأطفال في البيئة الرقمية في إطار إحالة ذاتية، من أجل فضاء رقمي دامج يوفر الحماية لهذه الفئة الناشئة، خلال اللقاء التواصلي الذي عقد أمس الخميس 30 يناير الجاري، بالرباط.
وقال أحمد رضى شامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في كلمته الافتتاحية أنه في ظل تزايد استخدامات الانترنيت، والأجهزة الذكية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الرقمية، وتطبيقات التواصل الفوري، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أصبح التحول الرقمي المتواصل الذي يشهده العالم مسارا لا رجعة فيه.
وأوضح شامي، أن الفضاء الرقمي يتيح فرصا مهمة للأطفال في تعزيز نموهم الشخصي وتنمية مهاراتهم التعبيرية والإبداعية، وتوسيع آفاقهم المعرفية، كما يتيح لهم إمكانيات لا محدودة للانخراط في أنشطة تفاعلية وترفيهية متنوعة، مبرزا أن هذه البيئة الرقمية رغم امتيازاتها لا تخلو من مخاطر تهدد السلامة الجسدية والمعنوية، والحياة الخاصة، والمعطيات الشخصية لاسيما للأطفال. وبناء على ذلك عمل المجلس على فهم تداعيات هذه الظاهرة بغية وضع خطة موحدة تهدف إلى ضمان بيئة رقمية آمنة لهذه الفئة دون حرمانها من الاستفادة الكاملة من منافع هذه المنصات.
ويأتي رأي المجلس وفق المتحدث نفسه، في سياق يتسم بالاستعمال المفرط لشبكات التواصل الاجتماعي من طرف الأطفال سواء على المستوى العالمي أو الوطني. ففي سنة 2023 وصل عدد المستخدمين لمنصات التواصل الاجتماعي مثل "فايسبوك" و"واتساب" إلى مليارات الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وفي المغرب يستخدمها حوالي 9 من بين 10 أشخاص.
وفي هذا الصدد، أشار رئيس المجلس، إلى الآثار السلبية التي تنتج عن الاستخدام غير الممنهج وغير المراقب لوسائل التواصل الاجتماعي، إذ بلغت استعمالات الأطفال أقل من 18 سنة حوالي 97 في المائة بداية سنة 2024، وعلى المستوى الأسري فإن طفلين من ثلاثة أطفال يستعملان مواقع التواصل الاجتماعي.
وأكد المتحدث ذاته، أن مجموعة من الدراسات أثبتت استخدام هذه التكنولوجيا والمنصات الرقمية بشكل مفرط وغير ملائم يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للأطفال مما يؤدي إلى عواقب وخيمة، على سبيل المثال السلوكيات الإدمانية، العنف، اضطرابات النوم، القلق، الانغلاق على الذات، والعزلة، ومشاكل في التركيز، والاكتئاب، بل ومحاولة الانتحار أحيانا.
وشدد رضى شامي، على أن هذه المخاطر تتفاقم في ظل غياب أو ضعف الآليات القانونية والتكنولوجية الملائمة لحماية الأطفال، وضبط ولوجهم إلى البيئة الرقمية، وهذا التحدي مطروح على الصعيد العالمي، وتعاني منه مختلف البلدان بما فيها المغرب، لأن الالتزامات الدولية أو التشريعات الوطنية الحالية ذات الصلة بحماية حقوق الطفل تبقى غير كافية لمواجهة العواقب المحتملة الناتجة عن استخدام الأطفال لهذه المواقع، بما في ذلك التعرض للاستغلال الجنسي، والتحرش الإلكتروني، والعنف، والابتزاز.
ونوه رئيس المجلس، بالتدابير والمبادرات التوعوية والتحسيسية التي يقوم بها فاعلون عموميون والمجتمع المدني في هذا الإطار، لكنه قال إن هذه الجهود تظل مجزأة ومعزولة دون أن تلتئم ضمن رؤية استراتيجية شاملة لحماية الأطفال بشكل فعال ومستدام في البيئة الرقمية.
وأبرز شامي، أهمية تحديد سن الرشد الرقمي الذي يمكن الطفل قانونيا من الولوج إلى شبكات التواصل الاجتماعي، مع اتخاذ تدابير تقييدية للمنصات مثل الالتزام برفض تسجيل القاصرين دون موافقة الوالدين.
من جانبه طرح جواد شعيب، عضو في المجلس ومقرر الموضوع، مجموعة من التوصيات لأجل إرساء بيئة رقمية توفر الحماية للأطفال، ما يتطلب مضافرة جهود التعاون والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية من خلال إدماج حماية الأطفال على الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي ضمن أهداف السياسات العمومية.
وتتمحور هذه التوصيات حول ملاءمة الإطار القانوني الوطني مع المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الطفل لاسيما ما يتعلق بتوصيف الجرائم المرتكبة على الانترنيت وتوضيح المسؤوليات بالنسبة للفاعلين في مجال الاتصالات وتحديد القواعد المؤطرة لاستعمال شبكات التواصل الاجتماعي من طرف الأطفال، مع تحديد بروتوكولات واضحة وسريعة للإبلاغ عن المحتويات غير الملائمة أو الخطيرة ومعالجتها كالتحرش الإلكتروني، والمحتويات المتضمنة للعنف... وذلك عبر تكثيف التعاون بين السلطات العمومية والمنصات الرقمية.
كما أبرز المتحدث، الدور الفعال لأدوات الذكاء الاصطناعي في الكشف بشكل استباقي عن المحتويات غير اللائقة للقصارين، وأيضا تحليله للسلوكيات المحفوفة بالمخاطر، مؤكدا على ضرورة إدماج التربية الرقمية في المناهج الدراسية منذ سن مبكرة مع التركيز على تطور الروح النقدية والتحقق من المعلومات، وهي ضرورة لابد منها، إلى جانب تنظيم حملات للتوعية والتحسيس موجهة للأسر، الأمهات والآباء والمستعملين بشأن المخاطر المرتبطة بشبكات التواصل الاجتماعي.