العلم الإلكترونية - بقلم يونس التايب
اعتبارا لإرث المشاكل الاجتماعية و حجم الانتظارات المجتمعية المشروعة، لا أرى أي معنى في عدم الحرص على تعزيز رصيد الثقة لدى الرأي العام، الذي جسدته المشاركة المكثفة في التصويت خلال الانتخابات الأخيرة لفائدة المكونات الحزبية التي شكلت الحكومة الحالية. أقول هذا، و قد أصبح يغلب لدي شعور أننا نتحرك دون استحضار ما يفرضه الظرف الدقيق الذي تمر منه بلادنا، بتحدياته الاجتماعية و الاقتصادية الصعبة، و بالتهديدات العدائية لمصالح وطننا من طرف قوى خارجية، من ضرورة جعل كل القرارات العمومية مناسبة لتقوية الجبهة الداخلية و تعزيز الشعور بالانتماء و وحدة المصير الوطني، عبر تقوية التضامن الفعلي بين الفئات الاجتماعية، و حفظ المكتسبات المشروعة من خلال سياسات و برامج تحمل الطمأنينة لأنفس الناس، و تفتح آفاق الأمل و التفاؤل في وجه أكبر عدد من الأسر المغربية، خاصة تلك التي تعيش أوضاعا هشة.
اعتبارا لإرث المشاكل الاجتماعية و حجم الانتظارات المجتمعية المشروعة، لا أرى أي معنى في عدم الحرص على تعزيز رصيد الثقة لدى الرأي العام، الذي جسدته المشاركة المكثفة في التصويت خلال الانتخابات الأخيرة لفائدة المكونات الحزبية التي شكلت الحكومة الحالية. أقول هذا، و قد أصبح يغلب لدي شعور أننا نتحرك دون استحضار ما يفرضه الظرف الدقيق الذي تمر منه بلادنا، بتحدياته الاجتماعية و الاقتصادية الصعبة، و بالتهديدات العدائية لمصالح وطننا من طرف قوى خارجية، من ضرورة جعل كل القرارات العمومية مناسبة لتقوية الجبهة الداخلية و تعزيز الشعور بالانتماء و وحدة المصير الوطني، عبر تقوية التضامن الفعلي بين الفئات الاجتماعية، و حفظ المكتسبات المشروعة من خلال سياسات و برامج تحمل الطمأنينة لأنفس الناس، و تفتح آفاق الأمل و التفاؤل في وجه أكبر عدد من الأسر المغربية، خاصة تلك التي تعيش أوضاعا هشة.
في هذا السياق، تعتبر المسألة المتعلقة ببطالة الشباب حملة الشواهد، أول الملفات التي تشغل بال المواطنين. لذا، المفروض في كل قرار حكومي يمس هذا الملف، أن يستحضر حجم الضغط الاجتماعي و النفسي الذي تشكله البطالة على الأسر التي لديها أبناء ينتظرون أول فرصة تتاح للخروج من دائرة التهميش، خصوصا مع أزمة الجائحة الوبائية التي قلصت فرص التشغيل المتاحة. كما ينبغي أن يأخذ كل قرار بعين الاعتبار، واقع البطالة الهيكلية بسبب نسبة نمو لا تخلق فرص شغل كافية، و بسبب عجزنا عن الخروج من دائرة سلبية فارغة cercle vicieux تتمثل في نظام تعليمي يخرج، كل سنة، آلاف من الشباب بشواهد عالية و بكفاءات علمية بعيدة عن ما يحتاجه سوق الشغل. لذلك، تظل إمكانيات التوظيف في القطاع العام، إحدى أبواب الأمل الكبرى للشباب، التي يجب أن ندعها تلعب دورها في إبقاء الأمل و منح فرص جديدة كل سنة، و لو أنني من المقتنعين بأن الوظيفة العمومية لا يمكنها أن تحل مشاكل البطالة، إلا في حدود نسبة متحكم فيها.
في هذا السياق، تفاعلا مع فرض سن أقصى لاجتياز مباريات التدريس، أرى أن مبدأ تنظيم مباريات انتقاء تكون نزيهة ليس فيها سياسة "باك صاحبي"، هو مكسب هام، كما أن اشتراط تكوينات تأهيلية تربوية للشباب قبل التحاقهم بمهامهم الجديدة، هو مكسب متميز. لكنني، لا أجد أي منطق يبرر و يسند قرار تحديد سقف 30 سنة بالنسبة للشباب الراغبين في خوض تجربة التدريس في المدرسة العمومية. و بعد تفكير طويل، لم تتضح لي أسباب منطقية، تربوية أو مادية، يجب على أساسها أن نمنع شبابا أذكياء و متميزين في مسارهم الجامعي، يرغبون في امتهان التدريس، من التنافس لخوض تلك التجربة، فقط لأن أعمارهم تصل 35 أو 40 سنة، مثلا.
ربما، لو تقرر أن يكون السقف الأعلى للمشاركة في المباريات، هو سن 40 سنة، لتقبله الناس بعض الشيء، و لتفهموا الحاجة التربوية إليه، خاصة أننا سنفتح حينها باب المشاركة في وجه مئات الآلاف من الشباب المجازين الذين هم بين 30 سنة و 40 سنة. كما أن سن التقاعد المحدد في 62 سنة، و ربما قد يصبح 65 سنة من أجل دعم التوازنات المالية لصناديق التقاعد، يعني أن الأستاذ الذي سيعين قبل أن يصل إلى عمر 40 سنة، سيساهم في صناديق التقاعد مدة 23 سنة، أو ربما 25 سنة، قبل أن يتقاعد. و بذلك ستكون المعادلة المحاسباتية متوازنة جدا، بين حجم المدخرات برسم تقاعد الأستاذ و قيمة المعاش الذي سيحصل عليه.
و ما دام سن 45 سنة هو المعتمد للتوظيف في القطاع العام، ما المانع من أن نعتمده هو نفسه و ننهي الجدل، أو على الأقل نقترب منه في حالة احتياز مباريات التدريس، عوض توتير الأجواء بشكل لا داعي له؟؟ أعتقد أن الأفضل هو التركيز على ضمان شروط النزاهة في حكامة مباريات الانتقاء لترسيخ مبدأ التنافس بين الشباب على المناصب المتاحة، و العمل على تطوير مسارات التأهيل التربوي لأساتذة المستقبل، و إعطاء الأولوية للاستثمار في أطر التدريس لرفع كفاءاتهم التربوية حتى يستفيد أبناءنا من جودة حقيقية في المنظومة التربوية.
و لأننا نتحدث عن قرار جديد خلف جدلا لا يبدو أنه سينتهي بسهولة، أتسائل لماذا لا يتم الانتباه، بحس سياسي مسؤول، إلى خطورة أن يشعر المجتمع بأن القرارات تتفادى أي نقاشات عمومية، و لا يتم بشأنها أي تشاور بالقدر الكافي، و لا يواكبها تواصل جيد يشرحها و يقنع الناس بها، قبل المبادرة بتنزيلها بشكل متسرع يخلق البلبلة و يحدث من الاختلاف أكثر مما يجلب من الاتفاق و الفائدة ؟ ألسنا في مرحلة جديدة اتفقنا على تخصيصها لتنزيل نموذج تنموي جديد ؟ أليست مقومات تعزيز السير في تلك الطريق هي التشاركية، أولا، و تقوية رصيد الثقة بين المجتمع و المؤسسات، ثانيا؟
أقول هذا و أنا أفترض حسن النية لدى الجميع، و أحسب أنه لا أحد من المكونات الحزبية المشكلة للحكومة يريد أن يصل الرأي العام الوطني، و الناخبين الذين صوتوا على الأغلبية الحالية، إلى قناعة بأن اعتماد البعد الاجتماعي و تحقيق النجاعة في التدبير و إعطاء الأولوية للشباب، لم تعد هي أولويات المرحلة. لذلك، أتمنى أن يحمل لنا المستقبل، قرارات تستند إلى خلاصات نقاشات واسعة، يتم تنزيلها بأسلوب تشاركي واسع، و مقاربة تواصلية شاملة ومحفزة، و إذا حدث أن قرارا لم يكن صائبا، تحضر الشجاعة السياسية والمسؤولية الوطنية لسحبه و تغييره، من أجل إبقاء الثقة و الأمل.
من المهم جدا الانتباه إلى ضرورة تجنب الاجتهادات القطاعية الأحادية التي تكون متسرعة و تنتهي بتوتير الأجواء دون ضرورة، و بدلا عن ذلك التوجه نحو إبداع تصورات نوعية، و سياسات عمومية و برامج تجمع بين المقاربة التقنية و السياسية، كي نضمن أن يستفيد منها الناس بشكل واسع، لأنها تحمل لهم ما اعتقدوا أن الحكومة الجديدة قادرة على أن تأتي به ليتحسن واقعهم اليومي، حتى تتقوى الطمأنينة بشأن المستقبل و يتعزز الأمل لدى الأسر بخصوص مصير أبنائهم الذين تجاوزوا 30 سنة، و لا زالوا عاطلين رغم شواهدهم العليا، ينتظرون أن يتحسن آداء الاقتصاد الوطني و تظهر فرص عمل جديدة أو تنشأ شروط إنشاء مشاريع مقاولات صغرى، أو يعلن عن مباريات مهنية نزيهة، في قطاع التدريس نموذجا، يتنافسون خلالها لتحقيق أحد أشكال الإدماج الاقتصادي والاجتماعي المتاحة.