بكل وضوح، حان الوقت لوقفة صارمة ضد الشغب والعنف في الملاعب، الذي تتورط فيه جماهير فرق رياضية، غالبها في مجال كرة القدم، بغض النظر عن أسماء الأندية و المدن ومواقع الأحداث.
ومما لا نقاش فيه، العنف في الشارع العام، كما العنف في مدرجات الملاعب وخارجها، ليس تعبيرا عن الرأي، ولا يمكن أن يعتبر تصريفا لمواقف معينة كيفما كانت. العنف عنف، كيفما كان مصدره وسياقه ومسبباته والمتورطون فيه. ويجب أن يتم التصدي له وتطبيق القانون بكل صرامة. كما يتعين منح القوات العمومية والمصالح الأمنية مزيدا من الإمكانيات اللوجيستيكية لضبط الحالات في الملاعب وفي محيطها، والتدخل بالسرعة والفعالية والنجاعة اللازمة.
حان الوقت لوقف التحاليل المتسامحة مع الظاهرة، أو تلك الغارقة في تبرير و تفسير "أسباب العنف و الشغب"، كما لو أن المطلوب منا هو أن "نتفهم" ونصمت أمام سلوكات شباب يعرضون حياة الناس للخطر، و يمارسون الترهيب في جوار الملاعب و في الطرقات المؤدية إليها.
ولكم أن تتخيلوا أنكم تعيشون في مدينتكم بهدوء، و في نهاية الأسبوع، و أنتم تتجولون في الشارع العام، تجدون أنفسكم في مرمى قصف مفاجئ وكثيف بالحجارة، ويعترض طريقكم و طريق بناتكم و أبنائكم، شباب هائجون يكسرون السيارت، ويحطمون ممتلكات عامة و خاصة، و يعتدون على رجال الأمن العمومي، بدعوى أنهم ليسوا راضين عن هزيمة فريقهم، أو لأن تلك طريقة احتفالهم بفوز فريقهم !!!
أملي أن تبادر الجامعة الملكية لكرة القدم، لأنها معنية بما يجري، و معها القطاع الوزاري الوصي على الرياضة، إلى فتح نقاش عمومي موسع، وتنظيم ندوة وطنية جادة في الموضوع، تساهم فيها كل القطاعات العمومية المعنية، والأندية والجمعيات الرياضية، وجمعيات المجتمع المدني المتخصصة، ووسائل الإعلام الجاد، ومشاركة بعض ضحايا حالات عنف الملاعب المسجلة في السابق، من أجل فتح حوار متخصص وعالم (بكسر اللام!)، يستحضر كل أبعاد الظاهرة و يقارن وضعنا مع وضع بطولات دول أخرى، من أجل تشخيص الحالة بشجاعة وواقعية، والخروج باقتراحات عملية متعددة الأبعاد، تكون ملزمة للجميع بقوة القانون.
وأول المستهدفين من مخرجات النقاش العمومي حول سبل التصدي لعنف وشغب جماهير الفرق الرياضية، يجب أن تكون هي الأندية الرياضية نفسها، التي عليها بمقتضى دفاتر تحملات واضحة مع السلطات الوصية على الرياضة، ومع الجامعات الرياضية المعنية و الجماعات الترابية، ضبط أنصارها وتحمل المسؤولية في تأطيرهم عبر وضع برامج للتنشيط الرياضي والتأطير الاجتماعي لجمهورها، خاصة من فئة الشباب.
أجزم أنه لا شيء يجب أن يمنع الأندية من أن تنخرط، بشراكة مع فعاليات أخرى، منها جمعيات ووداديات الأحياء وجمعيات التنشيط الرياضي و الاجتماعي والتربوي، في وضع برامج تفاعلية ميدانية مع جماهيرها، و تعبئة أطر متخصصة وبالاعتماد على مناهج عصرية في التأطير والتواصل، لنشر ثقافة الروح الرياضية، وتعزيز الوعي بخطورة العواقب القانونية على كل من تورط في عنف داخل الملاعب أو خارجها، وعلى كل من يعتبر مدرجات الملاعب منبرا لسب اللاعبين وإطلاق عبارات عنصرية أو مخلة بالحياء و الذوق العام.
حان وقت الفعل الجاد و الصارم المستند إلى القانون، لأن من حقنا أن نرى ملاعبنا الرياضية تسودها أجواء طيبة، وأن نرى الجمهور يدخل إلى الملاعب ويغادرها وهو مطمئن على الأرواح و الممتلكات. وسالات الهضرة.
الكاتب يونس التايب