العلم الإلكترونية - وكالات
27 سنة بعد وقوعها, ما زالت أحداث أطلس اسني الإرهابية بمراكش تكشف عن المزيد من أسرارها و الغازها و تزعزع عرش جهاز المخابرات العسكرية الجزائرية التي وجه المغرب اليه في حينه أصابع الاتهام بالتخطيط و تنفيذ أول هجوم إرهابي مسلح تشهده المملكة في تاريخها و يخلف عدة قتلى و جرحى .
السلطات الفرنسية التي واكب جهازها الأمني صيف سنة 1994 التحقيقات المغربية للكشف عن ملابسات الحادث الإرهابي , قررت ترحيل أحد مهندسي الهجوم الإرهابي عبد الإله زياد، المدان من طرف القضاء الفرنسي بثمان سنوات سجنا بتهمة الضلوع في الحادث قبل أن يغادر السجن , و يتضح أن مساره و تحركاته الداخلية الخارجية و الداخلية تنطويان على معلومات استخباراتية ثمينة جدا تتقاطع في نقطة تجنيد الإسلامي المزيف من طرف دائرة الأمن و الاستعلام التابعة لجهاز المخابرات العسكرية الجزائرية التي كان يديرها تزامنا مع تاريخ الحادث الجنرال الدموي النافذ بالجزائر محمد لمين مدين المعروف بالجنرال توفيق .
من شأن المعلومات التي سيدلي بها عبد الالاه زياد دي الأصول المغربية حال ترحيله الى المغرب أن تكشف حقائق م معطيات جديدة تثبث صلات المخابرات الجزائرية بالهجوم الإرهابي المسلح بمراكش الذي نفذه ثلاثة فرنسيين من أصول جزائرية هم هامل مرزوق , استيفان آيت يدر ورضوان حمادي , لتثبت تحقيقات الأمن الفرنسي أن مهندس الهجوم هو عبد الالاه زياد الذي تم تبنيه و وتدريبه من طرف أجهزة الاستخبارات الجزائرية ضمن جزء من العمليات القذرة للجهاز لزعزعة الاستقرار بالمغرب.
بتتبع مسار الإرهابي بعد طرده من فرنسا سنة 1984 , سيتضح ان الأخير لجأ الى الجزائر قادما اليها من ليبيا حيث تم استقباله كمعارض مغربي و ايوائه و تجنيده ليتم إدخاله مجددا الى التراب الفرنسي بجواز سفر ووثائق هوية جزائرية و اسم مزور مكلفا بمهمة مزدوجة و هي التجسس على نشطاء جبهة الإنقاذ الجزائرية بفرنسا بخلفيته كعنصر متطرف ثم استقطاب شباب مغاربيين و تجنيدهم لتنفيذ عمليات إرهابية مسلحة بالتراب المغربي لتلقين درس الى الرباط نظير المترددة في تفكيك خلايا الدعم و الاسناد لجبهة الإنقاذ المنحلة بالجزائر .
زياد سيلتقي خلال مقامه بفرنسا بهوية جزائرية مزورة مع جمال لونيسي المدرج في قائمة الأمم المتحدة الخاصة بالإرهاب و التي تفيد جذاذة معلوماته و سوابقه أنه من قادة تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة منذ سنة 1992 و تؤكد أنه تردد على المغرب أين سهر على تنظيم قواعد للاتجار بالأسلحة ووضع خطط لتوريدها إلى الجزائر عبر التراب المغربي قبل أن تدينه المحكمة الجنحية بباريس عام 1997 بتهمة التآمر على إنشاء شبكة إرهابية لها صلة بهجوم مراكش الدامي .
لونيسي سيتحول فيما بعد وفي روف غامضة و مثيرة للشبهات الى أحد أبواق النظام الجزائري , و سيستفيد وسط ذهول المتتبعين من عفو شامل بالجزائر, بل إن الحكومة الجزائرية ستبادر ست سنوات بعد أحداث مراكش بتقديم طلب إلى هيئة الأمم المتحدة، من أجل شطب اسم جمال لونيسي من قائمة المطلوبين دوليا، على غرار ما حدث مع مؤسس الجماعة السلفية للدعوة والقتال حسان حطاب الذي تحول أيضا الى أحد المقربين من السلطات و المدافعين عن مشروعها بعد أن قاتلها لسنوات ضمن ما يعرف بعشرية الدم لدى الجيران .
صفحة أحداث أطلس إسني بمراكش ستظل من حينه مفتوحة على قراءات جديدة و موضوعية قد تحبل بالمفاجئات المفجعة و المثيرة للتساؤلات المشروعة تماما مثلما فجر في غضون 2010 عميل المخابرات الجزائرية السابق كريم مولاي بعض المسكوت عنه حينما كشف لوكالة «قدس بريس» اللندنية معلومات كان لها وقع القنبلة، حيث قال إن «مديرية المعلومات والأمن DRS، هي التي خططت للهجوم الذي نفذ على فندق أطلسي آسني « مؤكدا الاتهامات المغربية التي أثارت في حينه غضب و تشنج الجزائر التي سارعت الى غلق الحدود البرية مع المغرب من جانب واحد رافضة الاتهامات المغربية و مطالبة الى حدود اليوم باعتذار الحكومة المغربية عن قرار فرض التأشيرات على الرعايا الجزائريين .
العميل الجزائري أكد حينها في تصريحات نشرتها “قدس برس” الموجود مقرها في لندن أنه وبتكليف من الاستخبارات الجزائرية سافر إلى المغرب في (أبريل) من العام 1994، وأنه هو من رتب الأمور اللوجيستية بالكامل لما جرى في آسني دون أن يكون على علم مسبق بأن الهدف هو التفجير أو قتل سياح أجانب.
مولاي صرح أن المخابرات الجزائرية كلفته بالسفر إلى المغرب و تنظيم اختراقات أمنية هناك سعياً لإحداث بلبلة أمنية في المغرب، والحصول على أرقام هواتف وعناوين الجزائريين والمغاربة، الذين أسهموا فيما بعد في الاعداد لتفجيرات آسني , و أضاف أنه كان على بعد عشرات الأمتار من فندق آسني لحظة الانفجارات، وقال: “لم أكن على علم مسبق بالتفجيرات، لأنني لم أكن مكلفاً بالتنفيذ، وإنما مهمتي كانت جمع المعلومات والترتيب اللوجيستي، لكنني عندما سمعت الانفجار أدركت أن الأمر جرى بفعل المخابرات الجزائرية، الذين اتصلوا بي وطمأنوني ووعدوني بتأمين عودتي إلى الجزائر «.
تصريحات العميل الجزائري اللاجئ ببريطانيا هربا من بطش و ملاحقة جهاز ال درس و ما تحفل به ذاكرة الإرهابي الذي ينتظر الترحيل نحو المغرب من شأنها تسليط الأضواء على المزيد من ألغاز و خفايا المشروع الاستخباراتي المتربص منذ عقود بالمصالح المغربية انطلاقا من الجزائر كما ستبدد بالمرة مصداقية الردود الانفعالية العنترية لحكام الجزائر التي أعقبت مباشرة الاعلان عن الشكوك المغربية الرسمية في تورط الجهاز الأمني الجزائري في هجوم مراكش كما من شأنها أن تضع العديد من القضايا و الأمور ذات الصلة بأسرار العلاقات بين البلدين الجارين فوق محك الحقيقة المنصفة و المؤلمة في نفس الوقت .