العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
تعد صناعة السيارات بالمغرب من أهم الصناعات التي تحتل مراتب متقدمة في النسيج الاقتصادي الوطني. وقد أضحى توجه المملكة اليوم واضحا نحو الاستغناء عن الحافلات الكربونية في قطاع النقل بشكل تدريجي. لذلك لا غنى عن إنشاء صناعة محلية لإنتاج الحافلات الكهربائية، الشيء الذي سيشكل فرصة كبيرة لتطوير الإنتاج الوطني في استثمار الطاقات البديلة. وكنتيجة لذلك سيخلق فرصا للشغل، ويحد من تلوث الغلاف الجوي ويعزز مشروع النقل الوطني.
تعد صناعة السيارات بالمغرب من أهم الصناعات التي تحتل مراتب متقدمة في النسيج الاقتصادي الوطني. وقد أضحى توجه المملكة اليوم واضحا نحو الاستغناء عن الحافلات الكربونية في قطاع النقل بشكل تدريجي. لذلك لا غنى عن إنشاء صناعة محلية لإنتاج الحافلات الكهربائية، الشيء الذي سيشكل فرصة كبيرة لتطوير الإنتاج الوطني في استثمار الطاقات البديلة. وكنتيجة لذلك سيخلق فرصا للشغل، ويحد من تلوث الغلاف الجوي ويعزز مشروع النقل الوطني.
أسطول الحافلات في أرقام..
يتوفر المغرب على 2600 حافلة نقل حضري، وما يقرب من 800 حافلة لنقل المستخدمين، على امتداد المدن المغربية، ويمكن أن تكونَ فرصة سانحة للاستغناء عن الغاز الكربوني، في حالة الاعتماد على الحافلات الكهربائية.
بعد النسخة الرابعة من الندوة الدولية، المتعلقة التعبئة الحضرية، التي انعقدت بمراكش في 06 من أكتوبر 2022، حول مهنة قطاع النقل، التقى مختصونَ في قطاع النقل ضمن أعمال النسخة 11 من المؤتمر الوطني للطرق الذي عقد في الفترة من 10 إلى 12 أكتوبر الماضي بمدينة الداخلة، ويرتكز هذين الحدثين، على وضع أسس استراتيجية للنقل الحضري المستدام، في سياق جيو-سياسي يتسم بالتأكيد على ضرورة تسريع المملكة انتقالها إلى قطاع نقل أقل اعتمادًا على الوقود الأحفوري، والمكلف ماديًا، الذي يتم استيراده بالكامل من خارج المغرب. وفي هذا الصدد، من المتوقع أن تصل التكلفة الطاقية ببلادنا إلى أكثر من 135 مليار درهم بنهاية 2022 ، مقارنة بـ 2019 التي وصلت 76 مليارًا، مع استهلاك معدل الطاقة، المخصص لقطاع النقل بنحو 41 بالمائة خلال الربع الأخير من 2022.
نموذج كهربائي للنقل..
بالنظر إلى "المخطط العالمي لتحول النقل"، وبعد إجراء النسخة الوطنية الأولى، يتيعن علينا اكتشاف توجهات خريطة الطريق في هذا المجال، فالواقع يفرض نموذجا جديدًا لخط النقل، الذي يُمكن من خلق دينامية محلية مضافة، ومن جهة أخرى سيساهم في التأثير البيئي بشكل إيجابي، لا سيما وأن قطاع النقل من القطاعات الحيوية والواعدة في النموذج المغربي للنقل الكهربائي.
بلغ قطاع صناعة السيارات بالمغرب، دراجات عالية من الحِرفية والمهنية، وسيستفيد المغرب الكثير من المزايا في هذا القطاع، والتي تدخل في باب نظام بيئي صناعي وخطوط إنتاج مخصصة لخطوط النقل العمومية الكهربائية. علما أن الإطار القانوني والتنظيمي المنظم لهذا القطاع يسمح بالاستثمار في إنتاج وإعادة بيع الكهرباء الخضراء التي تعد من الطاقات المتجددة، والاستثمار في إنتاج وصيانة الحافلات الكهربائية المصنعة في المغرب.
ستمكن هذه الخدمات من تطوير التنمية الاجتماعية والاقتصادية ببلادنا، ومن خلق فرص العمل، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز ظهور صناعة محلية لإنتاج الحافلات الكهربائية الكبيرة و الصغيرة، والمساهمة بشكل مباشر في الحد من تلوث الهواء والانحباس الحراري، ومحاولة القضاء على الكربون في هذا القطاع، مما يمكن المملكة من الوفاء بالتزاماتها الدولية، والمضي نحو امتلاك خزان كبير، من أرصدة الكربون لإعادة بيعه دوليًا بموجب المادة 6 من اتفاقية باريس للمناخ.
أولا: هل المغرب في حاجة إلى تشجيع إنشاء قطاع محلي لإنتاج الحافلات الكهربائية؟
حتما ستؤدي كهربة النقل العمومي، إلى تقليص فاتورة الطاقة في قطاع النقل بالمغرب بشكل كبير، كما أنّه سيقلل بشكل كبير من حجم العجز في الميزان التجاري الوطني، وفي معدل الاعتماد الوطني على الوقود الأحفوري المستورد بشكل كامل منَ الخارج. من جهة أخرى يجب تأمين الوصول العادل إلى وسائل نقل منخفضة الكربون وذات نوعية جيدة وبأسعار معقولة لجميع الفئات الاجتماعية. وسيكون لهذا تأثير كبير على جودة الحياة وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، وسيمنح أيضا القدرة على التنافس كذلك، وسيعطي جاذبية أكثر للمدن. دون أن ننسى أن مشروع إنتاج الحافلات الكهربائية في المغرب فرصة فريدة من نوعها يجب تشجيعها.
ثانيا: هل سيمكن هذا المشروع الاستفادة من الإندماج الاقتصادي بشكل كامل؟
يمكن ذلك، خاصة وأن الكوبالت في صيغته الخام أساس في هذا النوع من الإنتاج (في إنتاج البطاريات على وجه الخصوص)، ويتم إنتاجه على المستوى الوطني. لذلك، هناك أسباب كثيرة من الاستفادة في استخراج ومعالجة الكوبالت (والمعادن الاستراتيجية الأخرى) وهو في الآن ذاته ما يمكن من ضمان أمن التوريد الذي تسعى إليه الدول الأخرى على المستوى العالمي من أجل جعل إنتاجاتها نماذج قابلة للتطبيق على المدى الطويل. ويمنح القانون 40-19 للمستثمرين إمكانية إنتاج احتياجاتهم من الطاقة الخضراء، والاستفادة من هذا القانون في هذا النوع من الاستثمار يمكن أن يؤدي إلى نموذج مبتكر بمكنته تجاوز معدل الاندماج بـ 90 بالمائة.
ثالثا: هل بالإمكان إعادة بيع أرصدة الكربون المحفوظة لاحقًا؟
تعد الاعتمادات الكربونية في الواقع رافعة تمويل هامة جدا، والتي تعتمد على ثلاثة شروط، أولا: تطبيق نظام ضرائب الكربون المنصوص عليها في المادة 7 من قانون الإصلاح الضريبي، ثانيا: تنفيذ إطار تشريعي وتنظيمي مرتبط بسوق الكربون في المغرب (تماشيا مع أحكام المادة 6 من اتفاقية باريس)، ثالثا: تطوير الخبرة الوطنية في اعتماد قاعدة الطاقة المتجددة، وكذلك الخبرة اللازمة من جهة قياس وحدات ثاني أكسيد الكربون، التي يتم توفيرها بالاعتماد على معيار قوي ومعترف به دوليًا. ونتيجة لذلك، فإن وضع مسار مغربي معترف به دوليًا لقياس الكربون، سيكون حاسمًا في دعم سوق الكربون الوطني والمستثمرينَ في هذا القطاع.
استراتيجية منخفضة التكلفة ..
أعد المغرب استراتيجية جديدة "الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050"، التي تم إطلاقها في أكتوبر 2021 حيث تستهدف 80 بالمائة من إجمالي استهلاك الطاقة المتجددة. يؤدي هذا إلى إرساء دعائم كهربة الخدمات العمومية، والتحول الرقمي، والاستثمار وتطوير مصادر جديدة، والبنية التحتية للنقل منخفضة الكربون، ودمج الهيدروجين الأخضر للقضاء على الكربون في مجال النقل، وهي محاور لتنمية استراتيجية، كما أكد السيد نزار بركة خلال المؤتمر الدولي الرابع للنقل المستدام.
وحسب بعض المصادر، فإن إحدى الشركات الوطنية الخاصة، مستعدة لمواكبة هذا التحدي، المتمثل في ولوج نظام بيئي جديد ومنتج للحافلات الكهربائية على المستوى المحلي. ويمكن لهذه الشركة أن تنطلق في وقت قياسي، طالما أنها ستستفيد من "تشجيع صناع القرار ي في البلاد، وذلك بتوفير حوالي عشرين حافلة كهربائية مستوردة في كل مدينة"، يكون سعرها التفضيلي مطابقا لسعر الحافلات الكربونية.
قطاع النقل العمومي يبحث عن حافلات كهربائية في المناطق الحضرية..
ينطلق التوجه الوطني اليوم، إلى إبراز إمكانات الصنع المحلية للحافلات الكهربائية، ويمكن ذلكَ أن يخلق سوقا تنافسية، في الوقت الذي حددت فيه المفوضية الأوروبية القضاء على الحافلات الكربونية بحلول 2050، من خلال حظر تسويق حافلات النقل ذات الوقود الأحفوري.
لتحقيق ذلك، نحن في حاجة لقرارات شجاعة من الفاعلين في هذا المجال، لاتخاذ قرار التوقف عن استعمال حافلات النقل العمومي الكربوني، ومن جهة أخرى يجب إعطاء فرصة للشركات والمستثمرين المغاربة، لمواجهة هذا التحدي الذي يمكن أن يكون نقطة تحول استراتيجي لتحقيق الأهداف الوطنية للقضاء على الكربون وإعطاء القيمة المضافة محليا. وسيتمكن المغرب من الاستفادة من موارده الطبيعية والبشرية، والاستمرار في مكانته كرائد إقليمي في الطاقات المتجددة ونموذج قاري للتحول الصناعي في المنطقة.