العلم الإلكترونية - سمير زرادي
ثلاثة محاور استراتيجية وعشرة التزامات كبرى لتغيير واقع المغاربة نحو الأفضل
قال السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة ان البرنامج الحكومي للفترة 2021-2026 يعد برنامج الامل للخروج من الازمة، ويمثل القطيعة مع مرحلة طبعتها صعوبات بسبب إكراهات وتداعيات الأزمة الصحية.
وذكر رئيس الحكومة خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان زوال الاثنين الماضي في إطار الفصل 88 من الدستور أن البرنامج الحكومي يرتكز على ثلاثة محاور استراتيجية وعشرة التزامات و5 مبادئ مُوجِهة.
خيط ناظم بين مكونات الأغلبية
وسجل قبل تقديم التفاصيل بخصوص هذه المرتكزات ان المرحلة المقبلة تتطلب حكومة منسجمة وقادرة على انجاز الاوراش الاستراتيجية وأجرأة النموذج التنموي بكفاءة عالية، ونسج خيط ناظم بين الفعل الحكومي لمكونات الأغلبية، موازاة مع منح فرص سانحة لكل المغاربة من أجل بناء مستقبل أفضل، وإرساء دولة القانون والحريات والعدالة الاجتماعية والمجالية، مضيفا ان مضامين البرنامج الحكومي نابعة من مقاربة تشاركية غير مسبوقة للأحزاب الثلاثة المشكلة للأغلبية الحكومية انطلاقا من امتدادها المجتمعي، حيث اختارها الناخبون بناء على ما قدمت من برامج طموحة اجتماعية واقتصادية ذات مصداقية.
وأشار الى ان المحاور الاستراتيجية الثلاثة تتمثل في تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، ومواكبة التحول الاقتصادي، وتعزيز فعالية الإدارة ونجاعتها، بينما تتمثل الالتزامات العشرة للحكومة خلال الولاية الحالية فيما يلي: الرفع من وتيرة النمو الى 4 في المائة خلال الخمس سنوات، احداث مليون منصب شغل صافي على الأقل خلال نفس الفترة، رفع نسبة نشاط النساء الى اكثر من 30 في المائة عوض 20 في المائة حاليا، وكذا تفعيل الحماية الاجتماعية الشاملة، وإخراج مليون أسرة من الهشاشة والفقر، ثم حماية وتوسيع الطبقة الوسطى وتوفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية لبروز طبقة فلاحية متوسطة في العالم القروي، تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية الى أقل من 39 في المائة بدل 46.4 في المائة، وتعبئة منظومة التربية بهدف تصنيف المغرب ضمن أحسن 60 دولة عالميا، وتعميم التعليم الاولي لفائدة الأطفال من سن الرابعة، وأخيرا تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من خلال إحداث صندوق خاص بميزانية تصل مليار درهم بحلول 2025.
اما المبادئ الموجهة الخمسة التي يقوم عليها البرنامج الحكومي فتتمثل في تحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته، مأسسة العدالة الاجتماعية، وضع الرأسمال البشري في صلب تفعيل النموذج التنموي، جعل كرامة المواطن أساس السياسات العمومية، وختاما توسيع قاعدة الطبقة الوسطى وتعزيز قدرتها الشرائية والادخارية.
وعلى مستوى تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية استحضر رئيس الحكومة التنفيذ التدريجي لتعميم الحماية الاجتماعية لتشمل 22 مليون شخص تهم الفئات المعوزة وفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الاجراء.
ثم تعميم التعويضات العائلية خلال 2023 و2024 من خلال تمكين الاسر غير المستفيدة منها من تعويضات للحماية من مخاطر مرتبطة بالطفولة او من تعويضات جزافية، وكذا توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد سنة 2025 لتشمل الذين يمارسون عملا ولا يستفيدون من معاش، فضلا عن ركيزة أخرى ترتبط بإعادة هيكلة النظام الصحي وتعزيز الخدمات والولوج اليها استجابة مع تزايد الطلب على العلاجات بناء على ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وما يتطلبه ذلك من تأمين السيادة الصحية وتأهيل منظومة الصناعة الدوائية.
جعل المدرسة العمومية مشتلا لكفاءات المستقبل
كما تطرق رئيس الحكومة في هذا المحور الى اصلاح المدرسة العمومية قصد رفع جاذبيتها وجعلها مشتلا لكفاءات المستقبل، موازاة مع معالجة تشتت التحويلات المالية في اطار المساعدة الاجتماعية عبر مدخل تسريع اخراج السجل الاجتماعي الموحد لتحقيق استهداف فعال لفائدة المستفيدين المستحقين، ثم تعميم التغطية الصحية لغير النشيطين والمقصيين من سوق العمل، والذين تضرروا من تبعات الجائحة، كحال كثير من النساء غير العاملات والعاطلين وذوي الدخل المحدود، والمسنين الذين تزيد أعمارهم عن 65 سنة، ويستهدف الإجراء توفير دخل ادنى قار تحدثه الحكومة تحت اسم «مدخول الكرامة»، يمول من صندوق التماسك الاجتماعي بمبلغ 400 درهم انطلاقا من الفصل الرابع ل2022 لمن يتجاوزون 65 سنة، وسيرتفع تدريجيا في 2023و2024 ليبلغ 1000 درهم في 2026.
وفيما يخص المنظومة الصحية فقد أورد ان بلادنا تواجه خطر انخفاض عدد الأطباء بثلاثة اضعاف خلال السنوات العشر المقبلة، جراء تنامي هجرة الأطباء لذلك تعتزم الحكومة تعزيز ميزانية الصحة العمومية والاعتناء بالأطر الطبية من خلال فتح حوار في السنة الأولى للولاية الحالية من اجل مراجعة وضعية مهنيي الصحة وفقا لكفاءاتهم ورفع اجرتهم وتحسين شروط التعويض عن الحراسة والمداومة، وتعزيز قدرة التكوين في كليات الطب واستكمال اوراش المراكز الاستشفائية الجامعية.
اما بخصوص طب الاسرة فستعمل الحكومة بشراكة مع المجالس الترابية على تخصيص مِنح البُعد للأطر الطبية العاملة في المناطق النائية، تُحدَد قيمتها بناء على المسافة الفاصلة بين مقر التعيين وأقرب مدينة.
في نفس الاتجاه ابرز رئيس الحكومة أهمية رد الاعتبار لمهنة التدريس من خلال سياسة ارادية لتجويد تكوين الأساتذة وتحديد معايير توظيفهم والرفع من أجورهم، والعمل على صياغة خطة لخلق تكوين انتقائي ومتجدد للأساتذة، واحداث كلية التربية لتكوين الأساتذة توفر التدريس ثلاث سنوات للحاصلين على الباكلوريا بعد اختيارهم بدقة لولوج هذه المهنة المواطنة، والتي تتطلب المزيد من الجاذبية، وتستحضر الحكومة في هذا الاطار فتح حوار اجتماعي مع المركزيات النقابية في السنة الأولى لها من اجل التوافق حول الرفع من الحد الأدنى التدريجي للأجرة الصافية لتصل 7500 درهم لحاملي شهادة التأهيل التربوي، وان هذه الزيادة المقررة في 2500 درهم في بداية المسار من شانها ان تزيد من جاذبية مهنة التدريس.
فرص شغل للجميع
لقد اكد رئيس الحكومة ان معضلة البطالة من الانشغالات الكبرى، سيما في ظل الازمة الصحية القائمة وانكماش النمو الى 2.3 في المائة كمتوسط في العقد الأخير، لذلك تواجه الحكومة المرحلة القادمة بسياسة وطنية للتحول الاقتصادي تحكمها ثلاثة مبادئ: جعل التشغيل المحور الأساسي لكل السياسات العمومية في الميدان الاقتصادي، والعمل على تعزيز السيادة الوطنية في المنتوجات والخدمات الاستراتيجية، والتعريف بالمنتوج المغربي وطنيا ودوليا وحمايته من المنافسة اللامشروعة.
هذه المحاور المبادئ الأساسية تسنُدها خمسة محاور تتمثل في إنعاش فوري للاقتصاد الوطني، ووضع برنامج وطني وجهوي لدعم المقاولات الناشئة في القطاعات الواعدة، ثم تفعيل الإصلاحات الهيكلية لدعم الاقتصاد، وكذا تنفيذ سياسات قطاعية طموحة وطنيا ومجاليا، وأخيرا سن سياسة فاعلة لدعم النشاط الاقتصادي للنساء.
وتضع الحكومة نصب أعينها لإنجاح هذه الرؤية ضرورة تنزيل خطة استعجالية لمواكبة المقصيين من سوق الشغل، والإنقاذ السريع للمقاولات المهددة بالإفلاس عبر المصاحبة والتمويل، وتحفيز المبادرة الخاصة وتذليل العقبات الإدارية والتنظيمية امامها، وخلق رجة تنافسية عبر مواكبة وتطوير المقاولة التنافسية والمبتكرة، والدفاع عن علامة «صنع في المغرب» من اجل دعم الإنتاج الوطني.
وستهم مبادرة مواكبة المقصيين من الشغل تنزيل اوراش عامة صغرى وكبرى في اطار عقود مؤقتة على مستوى الجماعات الترابية وبشراكة مع الجمعيات والتعاونيات دون اشتراط مؤهلات قصد توفير ما لا يقل عن 250 ألف فرصة شغل مباشر في غضون سنتين.
دبلوماسية برلمانية واقتصادية وثقافية لدعم القضية الوطنية
وسجل السيد عزيز أخنوش ان الحكومة ستستثمر الاجماع الوطني حول الوحدة الترابية والاشارات القوية الصادرة عن نسبة التصويت الكبيرة في الأقاليم الجنوبية في الاستحقاقات الأخيرة قصد الدفاع عن الصحراء المغربية، وتعزيز الحضور القوي للمغرب قاريا ودوليا وضمان استمرار اشعاعه، موازاة مع دعم الدبلوماسية البرلمانية، والدبلوماسيات الموازية بما فيها الاقتصادية والثقافية، ومواصلة مسار التنمية بالأقاليم الجنوبية، وحسن استغلال الانتصارات المتراكمة ومن ابرزها الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء وفتح القنصليات بهذه الأقاليم، وإقرار الحل السياسي الذي قدمه المغرب.
ولم يفت رئيس الحكومة في إطار حديثه عن مختلف التدابير التطرق الى الإصلاح الجبائي، وانبثاق جيل جديد من المقاولين الفلاحيين عبر تعبئة مليون هكتار من أراضي الجموع، وتفعيل التحول الرقمي وتطوير صناعة خالية من الكاربون، والتفاعل الحكومي الآني مع التوجيهات الملكية بخصوص تامين المخزون الاستراتيجي للمنتجات الغذائية والطاقية، وتقليص الفوارق المجالية في المناطق القروية والجبلية، وضمان تتبع ومراقبة لتنفيذ السياسات والبرامج في اطار الشفافية وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وختم رئيس الحكومة عرضه بالتأكيد على ان الازمة تمنح فرصة تاريخية لإرساء دولة اكثر عدلا وقوة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، وان سبيل النجاح هو المقاربة التشاركية والتضامن والفعالية والجرأة ونكران الذات لخدمة المغاربة وتسريع وتيرة التنمية، ووضع أسس علاقة الحوار مع المؤسسة التشريعية، والتنسيق المفتوح وتغليب مصلحة الوطن، والقبول بالرأي المخالف والنقد البناء للمعارضة حتى تضطلع بدورها الدستوري، ليصف في الأخير التدابير المزمع تنفيذها ببرنامج الأمل، وبميثاق شرف مع المواطنين والمواطنات الذين عبروا عن ارادتهم في التغيير، فجاء هذا البرنامج الحكومي عاكسا لانتظاراتهم واولوياتهم، ويظل المأمول الالتزام الجماعي والثقة في كفاءات الأحزاب المشكلة للحكومة قصد تغيير واقع المغاربة نحو الأفضل.