*العلم: سعيد الوزان*
برحيله الجارح، لم تطو صفحة واحدة من صحائف تاريخ حزب الاستقلال المجيدات، بل صفحات عديدات لا تكفها المحابر والأقلام، كتبت بماء الذهب والعزة والشرف والنبل، فبفقده صبيحة الإثنين 12 دجنبر 2023 عن عمر الرابعة والتسعين، فقد المغاربة عامة والاستقلاليون بوجه خاص، واحدا من أهم وأكبر زعمائهم وقادتهم الأفذاذ.
وطني من طينة نادرة ومعدن ثمين، رجل دولة، صاحب مواقف ثابتة لا تتزحزح ولا تميل، مناضل القرب الساهر على حراسة التفاصيل، المنصت الكبير والحكيم الذي عرك التجارب قبل أن تعركه.. تلكم بعض من شيمه وخصاله ومكارمه، لا نزكي على الله أحدا، ولكن الرجل حقا كان مدرسة في الوطنية الصادقة، بإخلاصه وتفانيه، بتواضعه الجم، بمراسه ونضاله وإنسانيته وطيبته ودماثة خلقه.
ورغم اختياره "الزهد" طوعا في المناصب والكراسي والمآرب بانزوائه بعيدا عن السياسة وأوجاعها، نكساتها وخيباتها، منذ عقود، إلا أن ظله المديد بقي يفيئ على أجيال بكاملها من الاستقلاليين الأفذاذ، يستذكرونه في جلساتهم الخاصة ولقاءاتهم العامة، بغير قليل من الأسى الشفيف، وبكثير من الزهو والفخر، لأن الزمن كافأهم بأن جاوروه في أزمنة مضت، تتلمذوا على يديه وتربوا على قيمه ومثله الحق، التي كان يستقيها من معين الفكر العلالي الصافي ومنبعه الذي لا ينضب، كيف لا، وهو أحد أولئك الآباء المؤسسين الأوائل.
زعيم بشخصية استثنائية، كاريزما بلا نظير، أنيق جدا في غير ما تبجح، خطيب مفوه بغير ما ابتذال، قائد حقيقي في كل المعارك، لا يخشى لوم لائم ولا يضيره عتب معاتب، هكذا يشهد محبوه ومريدوه، وهكذا يسترجعون ملامح من شخصيته التي بمثلها لا يجود الزمان إلا لماما..
برحيله الجارح، لم تطو صفحة واحدة من صحائف تاريخ حزب الاستقلال المجيدات، بل صفحات عديدات لا تكفها المحابر والأقلام، كتبت بماء الذهب والعزة والشرف والنبل، فبفقده صبيحة الإثنين 12 دجنبر 2023 عن عمر الرابعة والتسعين، فقد المغاربة عامة والاستقلاليون بوجه خاص، واحدا من أهم وأكبر زعمائهم وقادتهم الأفذاذ.
وطني من طينة نادرة ومعدن ثمين، رجل دولة، صاحب مواقف ثابتة لا تتزحزح ولا تميل، مناضل القرب الساهر على حراسة التفاصيل، المنصت الكبير والحكيم الذي عرك التجارب قبل أن تعركه.. تلكم بعض من شيمه وخصاله ومكارمه، لا نزكي على الله أحدا، ولكن الرجل حقا كان مدرسة في الوطنية الصادقة، بإخلاصه وتفانيه، بتواضعه الجم، بمراسه ونضاله وإنسانيته وطيبته ودماثة خلقه.
ورغم اختياره "الزهد" طوعا في المناصب والكراسي والمآرب بانزوائه بعيدا عن السياسة وأوجاعها، نكساتها وخيباتها، منذ عقود، إلا أن ظله المديد بقي يفيئ على أجيال بكاملها من الاستقلاليين الأفذاذ، يستذكرونه في جلساتهم الخاصة ولقاءاتهم العامة، بغير قليل من الأسى الشفيف، وبكثير من الزهو والفخر، لأن الزمن كافأهم بأن جاوروه في أزمنة مضت، تتلمذوا على يديه وتربوا على قيمه ومثله الحق، التي كان يستقيها من معين الفكر العلالي الصافي ومنبعه الذي لا ينضب، كيف لا، وهو أحد أولئك الآباء المؤسسين الأوائل.
زعيم بشخصية استثنائية، كاريزما بلا نظير، أنيق جدا في غير ما تبجح، خطيب مفوه بغير ما ابتذال، قائد حقيقي في كل المعارك، لا يخشى لوم لائم ولا يضيره عتب معاتب، هكذا يشهد محبوه ومريدوه، وهكذا يسترجعون ملامح من شخصيته التي بمثلها لا يجود الزمان إلا لماما..
ولد المجاهد والقائد الوطني الكبير والزعيم الاستقلالي الشامخ بالرباط في فاتح يناير 1929، لأسرة شريفة النسب، عريقة المحتد، كريمة الأصل، تتلمذ كأترابه في "المسيد"، وظهرت عليه إمارات النجابة والذكاء والفطنة وهو بعد لم يزل طفلا، وهي الإمارات التي أهلته كي ينتقى ضمن نخبة درست في المعهد الملكي المولوي زمن المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه، مجاورا في فصوله الدراسية ولي العهد حينها المرحوم الحسن الثاني وشقيقه الراحل الأمير مولاي عبد الله.
تفتح وعيه مبكرا على الفكر الوطني الاستقلالي، في خضم الأحداث العاصفة التي كانت تهز المغرب الرابض تحت نير الاستعمار، فتشرب مبادئ الوطنية الصادقة وتشربته، في تماه صوفي عجيب، أهله كي ينخرط بكامل عواطفه وفكره في صفوف حزب الاستقلال، متجشما في ذلك عناء النضال والكفاح من أجل مغرب مستقل، حر وكريم.
انخراطه في حمأة النضال داخل الحزب جعله يرتقي سريعا الهياكل والتنظيمات، موشحا بثقة إخوته من المناضلين العظام، حتى انتخب كاتبا لفرع الحزب في الرباط، مسلحا بإيمان صادق وإرادة من فولاذ، حيث عرف بالعطف الشديد على الشبيبة والشباب، ودفاعه عنهم وعن حقهم في إسماع الصوت وإبداء الرأي واتخاذ القرار، وهو الدفاع الذي بقي محفورا في الذاكرة موشوما بها، لم يمحه الزمن ولم يطله النسيان.
كثيرة هي الحكايات التي يسردها المناضلون الاستقلاليون عن جوانب مشرقة في شخصيته، حكايات ارتقت لتصبح كالأساطير، عن قائد وزعيم وملهم ونموذج في التضحية والبذل ونكران الذات، وكان حقا كذلك، مساره وسيرته أسطع حجة وأقوى برهان.
تفتح وعيه مبكرا على الفكر الوطني الاستقلالي، في خضم الأحداث العاصفة التي كانت تهز المغرب الرابض تحت نير الاستعمار، فتشرب مبادئ الوطنية الصادقة وتشربته، في تماه صوفي عجيب، أهله كي ينخرط بكامل عواطفه وفكره في صفوف حزب الاستقلال، متجشما في ذلك عناء النضال والكفاح من أجل مغرب مستقل، حر وكريم.
انخراطه في حمأة النضال داخل الحزب جعله يرتقي سريعا الهياكل والتنظيمات، موشحا بثقة إخوته من المناضلين العظام، حتى انتخب كاتبا لفرع الحزب في الرباط، مسلحا بإيمان صادق وإرادة من فولاذ، حيث عرف بالعطف الشديد على الشبيبة والشباب، ودفاعه عنهم وعن حقهم في إسماع الصوت وإبداء الرأي واتخاذ القرار، وهو الدفاع الذي بقي محفورا في الذاكرة موشوما بها، لم يمحه الزمن ولم يطله النسيان.
كثيرة هي الحكايات التي يسردها المناضلون الاستقلاليون عن جوانب مشرقة في شخصيته، حكايات ارتقت لتصبح كالأساطير، عن قائد وزعيم وملهم ونموذج في التضحية والبذل ونكران الذات، وكان حقا كذلك، مساره وسيرته أسطع حجة وأقوى برهان.
انتخب سيدي عبد الحفيظ القادري بعد التفاف شعبي منقطع النظير برلمانيا ممثلا لدائرة حي يعقوب المنصور بالرباط، خلال انتخابات سنة 1977، ليعين بعدها وزيرا للشبيبة والرياضة حيث كان له الأثر الأعمق على هذا القطاع، والذي لا تزال تسير بذكره الركبان، وتحتفظ له ردهات الوزارة بكثير من الامتنان والعرفان، نظير ما قدمه للقطاع من عظيم العطاءات وجليل الخدمات.
في تلك الفترة، يعود له الفضل الكبير في إنشاء ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وهو أول من أرسى دعائم مراكز التكوين داخل القطاع، يده الندية كان من فيضها إحداث مركز عبد الكريم الفلوس بالمعمورة، وتوسيع شبكة التخييم ودعمها بقوة ليستفيد منها أبناء الشعب خلال عطلهم المدرسية.
ترأس نادي "الفتح" الرباطي، وكان واحدا من خيرة مسيريه، لعشقه وعطفه الكبير عليه، ديمقراطي الطبع والفكر والهوى، لا يميز الناس على أساس معتقداتهم أو انتماءاتهم أو حساسياتهم أو مواقعهم، بل على أساس أهليتهم وكفاءتهم، ولا يتورع عن الدفع بالأطر إلى مناصب المسؤولية، حائزين ثقته ودعمه دونما قيد أو شرط، إلا خصلتان لم يكن يتجاوز عنهما أو يغفل: الصدق والمسؤولية.
عين سفيرا للمملكة المغربية في مدريد، ولم يلتحق بمنصبه الجديد إلا بعد حين، فقد كانت الشبيبة ترفض التحاقه بشبه الجزيرة الإيبيرية، لما كانت تمر منه العلاقات المغربية الإسبانية حينها من صعوبات، مختارا الانصياع لرأي الشباب، مقدرا له، ولم يفعل إلا حين بدا أن مصلحة البلاد تقتضي ذلك، وهناك، كانت له في العمل الدبلوماسي صولات وجولات.
اختار النأي عن الحزب في زمن عسير، تعبيرا عن مواقف سياسية اقتضتها المرحلة حينها، ولم يرشح نفسه لعضوية اللجنة التنفيذية الجديدة في مؤتمر عام، لكن المناضلين عن بكرة أبيهم قرروا ترشيحه وانتخابه بالإجماع عضوا فيها، غير أن إصراره كان أعند، ولم يعد بعدها رغم كثير من الإلحاح والرجاء، مختارا أن يقدم الدليل على أن القادة الكبار لا يبحثون عن المناصب، ولا عن المواقع، بل هي من يبحث عنهم، وهم بها أجدر.
في تلك الفترة، يعود له الفضل الكبير في إنشاء ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وهو أول من أرسى دعائم مراكز التكوين داخل القطاع، يده الندية كان من فيضها إحداث مركز عبد الكريم الفلوس بالمعمورة، وتوسيع شبكة التخييم ودعمها بقوة ليستفيد منها أبناء الشعب خلال عطلهم المدرسية.
ترأس نادي "الفتح" الرباطي، وكان واحدا من خيرة مسيريه، لعشقه وعطفه الكبير عليه، ديمقراطي الطبع والفكر والهوى، لا يميز الناس على أساس معتقداتهم أو انتماءاتهم أو حساسياتهم أو مواقعهم، بل على أساس أهليتهم وكفاءتهم، ولا يتورع عن الدفع بالأطر إلى مناصب المسؤولية، حائزين ثقته ودعمه دونما قيد أو شرط، إلا خصلتان لم يكن يتجاوز عنهما أو يغفل: الصدق والمسؤولية.
عين سفيرا للمملكة المغربية في مدريد، ولم يلتحق بمنصبه الجديد إلا بعد حين، فقد كانت الشبيبة ترفض التحاقه بشبه الجزيرة الإيبيرية، لما كانت تمر منه العلاقات المغربية الإسبانية حينها من صعوبات، مختارا الانصياع لرأي الشباب، مقدرا له، ولم يفعل إلا حين بدا أن مصلحة البلاد تقتضي ذلك، وهناك، كانت له في العمل الدبلوماسي صولات وجولات.
اختار النأي عن الحزب في زمن عسير، تعبيرا عن مواقف سياسية اقتضتها المرحلة حينها، ولم يرشح نفسه لعضوية اللجنة التنفيذية الجديدة في مؤتمر عام، لكن المناضلين عن بكرة أبيهم قرروا ترشيحه وانتخابه بالإجماع عضوا فيها، غير أن إصراره كان أعند، ولم يعد بعدها رغم كثير من الإلحاح والرجاء، مختارا أن يقدم الدليل على أن القادة الكبار لا يبحثون عن المناصب، ولا عن المواقع، بل هي من يبحث عنهم، وهم بها أجدر.