
العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي
أكد الحسن المحداد أستاذ التعليم العالي بجامعة ابن زهر بأكادير، أن المنظومة المائية المغربية تعرف تحولا استراتيجيا ملموسا وفق السياسات الجديدة التي تتبناها المملكة، حيث انتقل المغرب من الاعتماد التقليدي على الموارد المائية القارية المتجددة إلى الانخراط التدريجي في مشاريع تحلية مياه البحر والمياه الأجاج.
وأبرز الخبير في محاضرة علمية ألقاها أمس الثلاثاء 08 أبريل الجاري، بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بعنوان "المنظومة المائية المغربية: من تشبع الموارد المائية الاعتيادي إلى بديل التحلية"، (أبرز) أن هذا التوجه الجديد بات ضرورة حتمية في ظل بلوغ الموارد العذبة مستويات التشبع، خاصة خلال فترات الأزمات المناخية وتراجع التساقطات، مضيفا أن المغرب يملك مؤهلات بحرية وبشرية كبيرة تخول له ريادة هذا التوجه على المستوى الإقليمي.
وأشار المحداد إلى أن التحلية ليست خيارا جديدا تماما، إذ سبق أن اعتمدها المغرب في مناطق الجنوب منذ سبعينات القرن الماضي في طرفاية، لكنها اليوم أصبحت استراتيجية وطنية تتوسع نحو الشمال والمناطق الساحلية الأخرى، مبينا أهمية ضبط المفاهيم وتوضيحها بشكل علمي لتجاوز بعض الأفكار غير الدقيقة المتداولة في النقاش العام حول موضوع الماء مثل (استنزاف الفرشة المائية، ونضب المياه،…) وهي مفاهيم لا يقبلها الطرح العلمي الأكاديمي الرصين معللا ذلك يتجدد الثروة المائية، ومشيدا في الختام بالتفاعل الإيجابي من طرف المشاركين في الندوة الذي أثرى النقاش وأبرز أهمية الموضوع وراهنيته.
من جهته، اعتبر الحسين المجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن هذه الندوة تندرج ضمن سياسة الانفتاح والتفاعل التي ينهجها المعهد منذ تأسيسه، والتي تشمل التعاون مع الجامعات والباحثين والمجتمع المدني من خلال اتفاقيات وشراكات وتنظيم لقاءات علمية وثقافية حول قضايا راهنة.
وأوضح المجاهد، أن الندوة تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة التي ينظمها المعهد احتفاء بمناسبات وطنية ودولية، من قبيل اليوم العالمي للغة الأم، واليوم العالمي للبيئة، وغيرها، مشيدا بجودة المحاضرة وثراء النقاش الذي تلاها.
وفي سياق موضوع المحاضرة، قدم عزيز بن الطالب، أستاذ وباحث بوحدة الدراسات البيئية بالمعهد، معطيات تفصيلية حول الضغوط المتزايدة التي تعرفها الموارد المائية في المغرب نتيجة الجفاف المتكرر، والتغيرات المناخية، والتوسع العمراني، وتزايد الزراعات ذات الطابع الرأسمالي.
وأوضح الباحث، أن المملكة انتهجت سياسة استباقية لتدبير هذه التحديات مواجهة الأزمات، من خلال تعبئة الموارد السطحية عبر بناء السدود، ومعالجة المياه العادمة، إلى جانب إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، والتي بلغت إلى حدود اليوم 16 محطة تنتج ما يقارب 277 مليون متر مكعب سنويا، مع طموح لبلوغ 1.7 مليار متر مكعب في أفق سنة 2030.
وشدد بن الطالب على أهمية التوزيع العادل والمعقلن للمياه بين مختلف جهات المملكة، داعيا إلى اعتماد مقاربة مجالية تحقق التضامن بين المناطق الساحلية الغنية بالمياه، والمناطق الداخلية، خاصة الواحات، التي تواجه تحديات حقيقية في التزود بالماء الصالح للشرب والري.
كما دعا الباحث، إلى التسريع بتنزيل المخطط الوطني للماء 2020-2050، مع ضرورة الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استهلاكها عبر إجراءات وتدابير مستدامة.