فقبل أسابيع بادرت السلطات الإقليمية وعبرها المحلية بعد منح أرباب المقاهي والمحلات والنوادي البحرية مهلة انتقالية الى هدم كل المرافق التي كانت لسنوات طويلة تمتد على طول الشاطئ، ويجد فيها المصطافون مآربهم، وكل ما يحتاجونه لقضاء يوم جميل، واختزان ذكريات استجمام ممتعة مع العائلة والأصدقاء، تحت أشعة الشمس وعلى رمال ذهبية وزرقة بحر منعش يطفئ لهيب الحرارة، في انسجام تام مع تكامل الطبيعة في أبهى حلتها.
لكن يبدو ان هذا الموسم الصيفي سيتعكر كل هذا الصفاء الذي استمر عقودا في شاطئ اعتاد ان يحتضن أعدادا هائلة من المصطافين، امام قرار اقتلاع كل المرافق الحيوية وتحويلها الى خراب يصدم العين بمجرد تخطي مركن السيارات، حيث الحجارة المتراكمة والخيام المنصوبة وكأنه فضاء لاجئين لمنطقة منكوبة.
الواقع اليوم الذي يصرخ بشاطئ الرباط هو انعدام الماء الشروب، وغياب المرافق الصحية والرشاشات والمقاهي ومحلات البقالة التي يمكن ان تمد المصطافين بمأكولات الدراويش التي تسد الرمق، ومشروبات تطفئ عطش الصبيان الذين قد تجف أبدانهم أمام فرط الجري والسباحة والحرارة المرتفعة.
الواقع اليوم، والمزري في هذا الشاطئ الذي دأب ان يكون قبلة كل الرباطيين والسلاويين قبل ان يزحف الاسمنت نحو القنيطرة والمحمدية، وتؤمن خطوط الحافلات التنقل نحو شواطئ أخرى في تمارة وسيدي الطيبي، هو تحول مياه الشاطئ إلى ملاذ الصغار للتخلص من المياه الصفراء أمام غياب المراحيض، وتحول الأحجار الضخمة الى مأمن لقضاء أشياء أخرى، دون إغفال مشاهد تغيير الفتيات للثياب في الأركان أمام الأعين المتلصصة.
أما المتورعون فانهم يتخلصون من "السوائل الصفراء" في قنينات البلاستيك. ولكم ان تتخيلوا هذه المشاهد، في شاطئ قصده يوم الاحد الماضي قرابة 7 آلاف مصطاف، علما انه في بعض الأحيان يحتضن نهاية الأسبوع 30 ألف من هواة السباحة والبحر.
هذا الواقع الناجم عن ارتباك السلطات التي اتخذت قرارا متسرعا دون دراسة استشرافية او تقديم بدائل خلال أشهر الصيف التي تعرف الاقبال اليومي خلف سخطا عارما لدى آباء وأمهات عبروا عن استيائهم مما يعانيه أطفالهم في غياب المرافق الحيوية التي لا يمكن أن يستغني عنها أي شاطئ، مضيفين ان مثل هذا القرار لم يكن ليطبق على شواطئ مثل عين الذياب او "طماريس" او "سابليط" او "كابو نيغرو" او "مارينا سمير"، لكن بما ان هذا الشاطئ يقصده سكان الأحياء الشعبية والمدينة العتيقة فان مصيرهم هو الحرمان من أبسط الاحتياجات في فترة حساسة، دون مبالاة بما يمرون به على طول اليوم وكأنهم يعيشون عصر الكهوف.