العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط
تتجه العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا الى نسق تصعيدي غير مسبوق يطبعه التوتر الذي تغذيه من العاصمة الجزائرية حرص قصر المرادية على توجيه قوة الضغط إلى ساكن قصر الإيليزي، في حين يحرص الأخير على تأطير علاقاته التاريخية والمصلحية مع النظام الجزائري بمنطق المصالح المشتركة وبعيدا عن لغة التهديد والابتزاز وسياسة الند للند التي يحاول حكام قصر المرادية فرضها معادلة لتدبير عدد من الملفات والقضايا الثنائية المشتركة .
تتجه العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا الى نسق تصعيدي غير مسبوق يطبعه التوتر الذي تغذيه من العاصمة الجزائرية حرص قصر المرادية على توجيه قوة الضغط إلى ساكن قصر الإيليزي، في حين يحرص الأخير على تأطير علاقاته التاريخية والمصلحية مع النظام الجزائري بمنطق المصالح المشتركة وبعيدا عن لغة التهديد والابتزاز وسياسة الند للند التي يحاول حكام قصر المرادية فرضها معادلة لتدبير عدد من الملفات والقضايا الثنائية المشتركة .
ساعات بعد استدعاء الجزائر لسفيرها في باريس، محمد عنتر دواد، السبت، للتشاور في أعقاب تصريحات نسبتها وسائل إعلام فرنسية للرئيس إيمانويل ماكرون تناول فيها نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون ونظام حكمه، اتخذ قصر المرادية قرارا ثانيا بغلق الأجواء الجزائرية أمام الطائرات العسكرية الفرنسية التي تعبر عادة التراب الجزائري للتحليق نحو وجهتها بمنطقة الساحل ضمن عملية «برخان» العسكرية التي ينفذها الجيش الفرنسي منذ غشت 2014 لمكافحة المتمردين والتصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة النشيطة بشمال مالي .
التطورات المتسارعة في مسار الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر و فرنسا تعكس بلوغ الوضع الى نقطة قطيعة غير مسبوقة بين البلدين، لاحت بوادرها مع استدعاء الجزائر لسفيرها بباريس للمرة الأولى في ماي 2020 على إثر بث فيلم وثائقي حول الحراك المناهض للنظام في الجزائر على قناة «فرانس 5» والقناة البرلمانية الفرنسية .
الجزائر التي كان ردها في نظر المتتبعين باردا وموزونا في التفاعل مع تصريحات نسبتها صحيفة «لوموند» الفرنسية للرئيس ماكرون قال فيها إن نظيره الجزائري عبد المجيد تبون «عالق داخل نظام صعب للغاية و منهك و ضعيف» و شكك عبرها في وجود «أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي»، مشددا على ضرورة التطرق لهذه المسألة من أجل تحقيق «المصالحة بين الشعوب».
الرئاسة الجزائرية اكتفت في مرحلة أولى ب «الاستدعاء الفوري» لسفيرها في باريس و عبرت عن «الرفض القاطع» للتصريحات المنسوبة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي اعتبرتها تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للجزائر.
اتخاذ قرار عسكري من قبيل حظر عبور الطيران العسكري الفرنسي للأجواء الجزائرية ينطوي على رسالة أمنية توجهها الجزائر لحليفها وشريكها العسكري فرنسا , مفادها أن الجزائر قادرة على عرقلة ومعاكسة الأجندة الفرنسية بمنطقة الساحل، سيما وأن قصر المرادية ظل لسنوات يعبر ولو ضمنيا وبلباقة دبلوماسية عن تذمره وقلقه من استفراد باريس عسكريا بملف الأزمة في الساحل وتجاوزها مناطق النفوذ الاستراتيجي والسياسي التي حرصت الدبلوماسية الجزائرية على خلقها و رعايتها بالمنطقة المتاخمة لحدودها الجنوبية بالساحل الافريقي .
الجزائر في نظر المتتبعين لن تغامر بحرق جميع اوراقها مع باريس بالنظر الى الملفات الثنائية الحساسة جدا التي تربط الطرفين و على رأسها مسلسل الاتفاقيات الاقتصادية المتينة جدا، والمعاهدات و البرامج الثنائية حول مكافحة الإرهاب وتتبع الجريمة العابرة للقارات، بالإضافة إلى الدور المشترك في عدد من الملفات الأمنية والإقليمية.
الجزائر بقرار حظر الطائرات الفرنسية تسعى الى ابتزاز فرنسا أمنيا و اخضاعها سياسيا بمبرر قدرة المؤسسة العسكرية بساحة الاوراسي على لخبطة أجندة قصر الإليزيه بمنطقة الساحل و استغلال الأزمة لتقوية الجبهة الداخلية بتوظيف مسألة الذاكرة كسلاح للضغط على باريس و استنهاض همم الشعب الجزائري ضد العدو الخارجي المتغير للأمة الجزائرية بتحول المستجدات و التحديات الداخلية و الخارجية و الإقليمية للجزائر.
فرنسا التي تعي مقاصد و حسابات قصر المرادية , قللت من أهمية القرار الجزائري ,حيث أكد الناطق باسم هيئة الأركان العامة الفرنسية الكولونيل باسكال إياني في تصريح لوكالة فرانس برس أن هيئة الأركان العامة لم تتلق أي إخطار رسمي بهذا القرار , وشدد إياني على محدودية تأثير هذه الخطوة على تدفق الدعم، مشيرا إلى أن «الطائرات سيتعين عليها أن تعدل مخططات تحليقها»، مؤكدا أن ذلك «لن يؤثر على العمليات أو المهام الاستخباراتية» التي تقوم بها فرنسا في منطقة الساحل.
يذكر أن الطيران العسكري الفرنسي يحلق منذ سبع سنوات عبر الأجواء الجزائرية بموجب ترخيص استثنائي منحه الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة لباريس في مقابل ما تردد حينها عن اتفاق البلدين على تعزيز تعاونهما العسكري و الاستخباراتي .