العلم الإلكترونية - مصطفى البوبكراوي
تطمح كل دولة إلى تطوير نظامها التربوي لتحقيق أعلى مستويات الأداء، وترصد لذلك كل الموارد المادية والبشرية لتحقيق الجودة المنشودة، ونظرا لكون العملية التربوية، عملية معقدة ومركبة تتدخل فيها مجموعة من الأطراف، فان توفير فرص تعليمية لجميع المتعلمين يستدعي تكاثف الجهود وتنسيقها.
تطمح كل دولة إلى تطوير نظامها التربوي لتحقيق أعلى مستويات الأداء، وترصد لذلك كل الموارد المادية والبشرية لتحقيق الجودة المنشودة، ونظرا لكون العملية التربوية، عملية معقدة ومركبة تتدخل فيها مجموعة من الأطراف، فان توفير فرص تعليمية لجميع المتعلمين يستدعي تكاثف الجهود وتنسيقها.
تعد الأسرة المدرسة الأولى للطفل، والمؤسسة التي يتعلم فيها القيم والسلوكيات السليمة، فأصبحت اللبنة الأساس التي تعتمد عليها المدرسة لإتمام عملية البناء.
إن وعي الأسرة بحاجات الأبناء النفسية والتربوية، محفزا رئيسا للتواصل مع المدرسة للاطلاع على مستوى الأبناء ومتابعة تحصيلهم الدراسي، لذلك تعتبر الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع آلية هامة لتحقيق الأهداف المنشودة.
الشراكة بين المدرسة والأسرة:
يقضي الأطفال معظم أوقاتهم بين أحضان الأسرة والمدرسة، حيث تعد الأسرة مصدرا غنيا للتعلم، لذا اهتمت الدراسات العلمية بأثر الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع في تقديم خدمات تعليمية مناسبة للمتعلمين. إن الاشتغال وفق مقاربة تشاركية وشمولية، تنسق الجهود بين المدرسة والأسرة والمجتمع، سيعزز من فرص النجاح لدى المتعلمين، مما يفرض المزيد من الاهتمام بالشراكة بين الأطراف المعنية خدمة للتلاميذ.
وتعرف الشراكة بين المدرسة والأسرة بالصلات الفاعلة بينهما بهدف الارتقاء بمستوى التعليم. فالشراكة تعاون وتكامل بين المدرسة والأسرة والمجتمع لبناء البرامج والأنشطة ومتابعتها وتقويمها لزيادة فاعلية كل أطرافها. وتأتي أهمية الشراكة من خلال تعزيز الثقة المتبادلة بين أطرافها، وتبادل الخبرات واستثمار قدرات وإمكانيات جميع الأطراف المعنية، كما تساهم في زيادة فاعلية البرامج التي تقدمها المدرسة من خلال المساهمة في مواجهة التحديات وتوفير مناخ آمن وايجابي يساعد المتعلمين على التفوق. إن الهدف من الشراكة بين الأسرة والمدرسة، يتجلى في تعزيز العلاقة القائمة وتكامل الدور التربوي، مما يساهم في تحقيق الثقة والحد من الأحكام المسبقة حول المجهودات المبذولة من قبل جميع الأطراف.
في الحاجة إلى إطار عام للشراكة وأنماطها
تختلف أطر الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع تبعا لاختلاف أسلوب القيادات التربوية واختياراتها واجتهاداتها وحاجات المدارس، مما يؤدي إلى تنوع أطر الشراكة لتشمل أنواع مختلفة من الأنشطة التي ينظمها إطار واضح. إن اعتماد نوع معين للشراكة يحدد عناصرها ومراحلها ومتطلباتها، من خلال جمع الأنشطة ليسهل تنفيذها وتقويمها وتطويرها. ومن بين الأطر العامة للشراكة التي أثبتت الدراسات جدواها، إطار الشراكة لإبستين والذي ينطلق من مجموعة من الفرضيات التي توصلت إليها رفقة زملاؤها من خلال نتائج بحوث عدة وهي:
- كل الأسر تهتم وترغب في نجاح أطفالها؛
- يرغب العاملون في المدارس والأسر في الانخراط في شراكة فاعلة ولكن لا يعلمون كيف تبنى؛
- كل التلاميذ تقريبا وفي كل المراحل يرغبون في وجود شراكة بين أسرهم والمدرسة؛
- تميل الشراكات إلى التناقص عبر المراحل، ما لم تعمل المدارس على تطوير وتنفيذ ممارسات ملائمة لاستمرارها؛
- يتزايد في المجتمعات الثرية بصورة عامة الانخراط الأسري الإيجابي؛
- التلاميذ الناجحون يحضون بدعم أكاديمي وانخراط قوي من أفراد أسرهم.
أنماط الشراكة حسب ابستين وزملاؤها هي:
- الأسرة: من خلال المساهمة في بناء أسر تدعم تعلم الأبناء؛
- التواصل التفاعلي بين المدرسة والأسرة: من خلال تصميم أشكال متنوعة وفاعلة من التواصل بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي مثل توجيه رسائل الكترونية بشأن التلاميذ لأسرهم عبر حسابهم الخاص في تطبيق الولي؛
- التطوع: توجيه القدرات التطوعية في المجتمع والأسر لخدمة برامج وأنشطة تعليمية وتربوية؛
- تعزيز تعلم الأبناء: متابعة الأسرة لأبنائها في القيام بالواجبات، لاستمرار التعلم وتعزيزه وتثبيته والتوسع فيه وفتح آفاق جديدة للتساؤل والتفكير؛
- صنع القرار: مشاركة الأسرة والمجتمع مع المدرسة في تشخيص المشكلات واقتراح الحلول لتسهيل اتخاذ القرار المناسب.
- التشارك مع المجتمع المحلي: تعبئة موارد المدرسة من خلال الشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي وتشكيل بيئة محلية داعمة لأهداف المدرسة.
نماذج من الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع المحلي:
تتنوع نماذج الشراكة بين المدرسة والأسرة بتنوع مجالات تدخلها التي تؤطهرها مجموعة من النصوص القانونية، والتي تعتبر الأسرة شريكا أساسيا في العملية التربوية، حيث تعلب دورا بارزا من خلال جمعيات آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ. ومن مجالات الشراكة بين الأسرة والمدرسة التنسيق حول الواجبات المنزلية لمعرفة أهميتها ونوعيتها وكميتها ودور الأسر فيها.
وبخصوص الشراكة مع المجتمع المحلي، يلاحظ تعدد وغنى الجهات التي تلعبا دورا هاما في تطوير المدرسة وتحسينها أدائها العام. ومن مجالات الشراكة بين المدرسة والمجتمع المحلي ما يلي:
- الشراكة مع القطاع الخاص: حيث يمكن أنةيساهم القطاع الخاص في الشراكة المجتمعية مع المدارس من خلال المساهمة في توفير موارد للمدرسة، واستثمار مرافقها في أنشطته المجتمعية والمساهمة في ربط التعليم بسوق العمل.
- الشراكة مع وسائل الإعلام : حيث يمكنها القيام بدور هام في مشاركة المدرسة في العملية التربوية، وذلك من خلال عكس الصورة الايجابية للمدرسة والمجتمع، وتغطية أنشطة المؤسسات التعليمية، مع المساهمة في تنمية القيم والاتجاهات والسلوكيات الإيجابية، وتوفير الفرص الملائمة لتنمية مهارات التلاميذ في مجال الإعلام.
- دور الشباب والمراكز الرياضية : تشكل الأندية والمراكز الرياضية رافدًا داعمًا للمدرسة وأفرادها وذلك من خلال التنسيق والتعاون الفاعل، من أجل استثمار الطاقات التي يتمتع بها التلاميذ، ومساعدة المدرسة في إكساب التلاميذ القيم الإيجابية مثل الاحترام والتعاون والنظام والتسامح والعمل بروح الفريق من خلال الأنشطة والألعاب الرياضية وغيرها. كما يمكن أن تستفيد المدارس من الخبرات المميزة في مجال التدريب الرياضي.
- المؤسسات الصحية: عن طريق مساهمتها في تعزيز الصحة المدرسية للتلاميذ والأطر التربوية والإدارية عن طريق زيادة الوعي لدى المدرسة والمجتمع المحلي حول التغذية السليمة من خلال زيادة الوعي الصحي الوقائي لدى المدرسة والمجتمع المحلي، مثل عقد ندوات ومحاضرات من قبل المختصين حول مواضيع التدخين والمخدرات والأمراض المنقولة جنسيا وغيرها من الأمراض الشائعة في المجتمع، وسبل الوقاية منها.
- مؤسسات التعليم العالي: تعد مؤسسات التعليم العالي أحد مكونات ومؤسسات المجتمع و يتم توثيق العلاقة والتعاون بين المدرسة ومؤسسات التعليم العالي واستثمارها من خلال عدة جوانب ومن أبزرها الآتي: تطبيق الأبحاث التي تلبي حاجة المدرسة وفقًا لخطتها، بعد إجراء مسح لحاجاتها من البرامج التعليمية، وخاصة في مجال تقنية المعلومات وعقد محاضرات وورش عمل لرفع كفايات للمدرسين والتلاميذ، إضافة إلى تنظيم زيارات للمتعلمين إلى مؤسسات التعليم العالي للتعرف على أنشطتها وفعالياتها وأقسامها وغيرها، والاستفادة
من خدماتها ومرافقها.
- الأمن الوطني: بمشاركة المؤسسات الأمنية مع المدرسة في تقديم محاضرات للتلاميذ والمجتمع المحلي حول واجبات واختصاصات الشرطة وآليات التعاون معها، والمساهمة في توعية التلاميذ بقواعد السلامة الطرقية والقيادة السليمة للسيارات. كما يمكنها أن تشارك في توعية التلاميذ بمخاطر المخدرات وآثارها السلبية والصحية والإجتماعية والسلوكية والنفسية والإقتصادية على أفراد المجتمع.
- الوقاية المدنية: تعدّ الوقاية المدنية من الإدارات الهامة في المجتمع لدورها في الحماية والوقاية من المخاطر المختلفة، ويمكن أن تقدم للمدارس الآتي : محاضرات توعوية للتلاميذ والمجتمع المحلي حول الوقاية من أخطار الكهرباء والسيول والحرائق وغيرها. وكذا توعية للتلاميذ والمجتمع المحلي حول التعامل مع الحوادث والمصابين، وتنظيم ورشات للتدريب على عمليات إطفاء الحرائق وغيرها.