العلم الإلكترونية - سمير زرادي/ت:الأشعري
انطلقت يوم أمس الجمعة فعاليات الملتقى الجهوي للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب حول السياسة المائية بالمغرب، وسط تتبع إعلامي واسع يعكس من جهة الأهمية القصوى والواجهة الأمامية لهذا الملف في ظل ما تشهده بلادنا من ظرفية مناخية صعبة، ومن جهة ثانية التوقيت المناسب لبحث كل المعطيات ذات الصلة بالماء وتداعيات شح الأمطار والتدابير العملية للتقليص من الآثار على الساكنة، وضمان حكامة جيدة على مستوى تدبير الموارد المائية.
انطلقت يوم أمس الجمعة فعاليات الملتقى الجهوي للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب حول السياسة المائية بالمغرب، وسط تتبع إعلامي واسع يعكس من جهة الأهمية القصوى والواجهة الأمامية لهذا الملف في ظل ما تشهده بلادنا من ظرفية مناخية صعبة، ومن جهة ثانية التوقيت المناسب لبحث كل المعطيات ذات الصلة بالماء وتداعيات شح الأمطار والتدابير العملية للتقليص من الآثار على الساكنة، وضمان حكامة جيدة على مستوى تدبير الموارد المائية.
تفاعل مع انشغالات المغاربة
وسجل الدكتور نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي في مستهل هذا اللقاء أن النواب والنائبات ارتأوا مجددا تجسيد سياسة القرب والتفاعل مع الانشغالات ذات الأولوية بالنسبة للمغاربة، من خلال تنظيم هذا اللقاء بمراكش والذي ستليه ملتقيات جهوية مماثلة في مدن أخرى، بعد الانفراج الذي شهدته الوضعية الصحية في الفترة الأخيرة، والتي أدت الى تأجيل هذا اللقاء لعدد من الأسابيع.
وبذلك ينخرط هذا الملتقى ضمن الأنشطة الموازية للفريق الاستقلالي وانفتاحه على كل الشرائح المغربية، وتسليط الضوء على القضايا الوطنية واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
وبالتالي فإن بحث موضوع الماء كإشكالية ملحة يعكس الوعي بضرورة مواجهة الحالة الصعبة بتدخل عاجل، وباستراتيجية مائية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، تستحضر التحول البنيوي في التساقطات المطرية غير المنتظمة، وتأثيره على مختلف المجالات وعلى رأسها القطاع الفلاحي، وما يتبع ذلك من خصاص في الماء الشروب.
الأمن المائي هدف جوهري
وواصل الأخ مضيان قائلا" أصبح لزاما على الحكومة الجديدة بتوجيهات من جلالة الملك أن تتبنى سياسة مستعجلة لامتصاص الانعكاسات برؤية بعيدة المدى بغض النظر عن حجم التساقطات، ولذلك سطرت الحكومة سياسة خاصة من خلال وزارة التجهيز والماء، والتي مضت منذ أن تولى الأستاذ نزار بركة تسيير دواليبها في الاشتغال على هذا الموضوع بشكل عاجل ودؤوب، لتقديم الحلول لمختلف الاكراهات المطروحة سواء تعلقت بثمين الموفورات المائية، أو كيفية التوزيع أو تنزيل مشاريع مائية، أو ترشيد الاستهلاك، أو حماية الموارد المائية من الضياع.
كل هذه التدابير يقول الدكتور مضيان استدعت فتح النقاش مع خبراء في الميدان، وتواصل أعضاء الفريق الاستقلالي معهم قصد تبادل الأفكار والمقترحات، على اعتبار أنهم صورة متكاملة ومصغرة للوطن، بما أن كل المناطق والجهات والأقاليم ممثلة داخل تركيبة الفريق الاستقلالي من الشمال والجنوب والشرق والوسط، ما يؤكد على وجود تصورات مختلفة وإشكاليات متباينة بتفاصيل صغيرة حسب كل منطقة، ويظل المطلب الأساسي والهدف الجوهري هو توفير الماء وضمان الأمن المائي.
وأبرز أن التداول في إشكالية حياتية ومصيرية سيفضي إلى أفكار وتوصيات ستمكن الفريق الاستقلالي من مرافعات ودفاعات في إطار مراقبة العمل الحكومي، والمهمة التشريعية للبرلماني والبرلمانية، وسيشكل فرصة للتعرف على كل المعطيات المرتبطة بالماء وما يختزنه الواقع الميداني من حقائق بشأن الثروة المائية وكيفية تدبيرها.
صورة لا بالوردية ولا بالقاتمة
الأستاذ نزار بركة انطلق من البداية في رسم صورة لا بالوردية ولا بالقاتمة، حيث كشف أن الوضع الحالي دوليا من البديهي أن يرخي بظلاله على المغرب بدءا بكورونا، ثم الحرب الدائرة في أوكرانيا، موازاة مع التوترات السياسية العالمية، وما أفضت اليه من انفجار في الأسعار.
واعتبر أن حزب الاستقلال ألِفَ من موقعه الوطني والمجتمعي مواجهة التحديات والمحطات الصعبة، وفق مبادئه وتصوراته ومشروعه التعادلي اقتصاديا واجتماعيا لما يحققه من مرتكزات دنيا كفيلة بمقاومة الاهتزازات، مؤكدا على المبدإ المركزي للسيادة الوطنية التي تجعل المغرب نسبيا في منأى عن الصدمات الدولية، وعلى رأسها السيادة الترابية، وما يلازمها من سيادة هوياتية تحفظ الانسية المغربية وترسخ المقومات الدينية والثقافية والروافد المجتمعية، دون إغفال السيادة الاقتصادية التي تستحضر ضرورة تنويع العلاقات والشراكات، وتفادي التبعية لجهة أو طرف، هذه السيادة في أبعادها الشمولية تحقق للمغرب استقلالية القرار الذي أمسك بزمامه منذ 1992، وتقيه من سيناريو الثمانينات وسنوات التقويم الهيكلي.
ولم يستثن الأخ نزار بركة السيادة الاجتماعية وتحرير الانسان من الجهل والفقر والعنف الاجتماعي، وتكافؤ الفرص الاجتماعية وتقليص الفوارق بين الوسطين الحضري والقروي، هذا بالموازاة مع السيادة الثقافية ومقاومة الغزو الثقافي واختراقات الفضاء الأزرق التي تسعى للتغلغل الى مجتمعنا.
هاجس خصاص المواد وغلاء الأسعار
وأفاد بعد ذلك أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا تطرح تساؤلات عريضة أمام العالم بشأن الأمن الطاقي، حيث بالرغم من قرارات أمريكا وبريطانيا وأوروبا، لم تتمكن دول أوروبية من وقف استيراد البترول والغاز من البلدين، ناهيك عن الامن الغذائي والحاجة الى الحبوب والمواد الأساسية من البلدين نفسيهما.
وفي ظل صعوبة التكهن بمآل هذا التوتر ومدته يظل هاجس الخصاص وغلاء الأسعار مسيطرا على المشهد الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا النطاق تتضح أهمية الأمن المائي والحفاظ على الموارد المهمة في الإنتاج الغذائي والإنتاج الطاقي خاصة الطاقات المتجددة، وكذا الإنتاج الكهربائي الذي تغطيه قدرة السدود ب11 في المائة، معلنا ان المشاريع المائية تحقق الأثر المطلوب بعد ست سنوات أو أكثر ما يتطلب سن استراتيجيات متوسطة بعيدة المدى، والعمل على كل الواجهات سواء تعلق الأمر ببناء السدود الكبرى، أو السدود التلية أو محطات تحلية مياه البحر، ولهذا فان أفق سنة 2030 يضع برمجة 37 سدا كبيرا وألف سد تلي بواقع 45 في السنة، قصد حل المشاكل المحلية في العالم القروي، ومواجهة الفيضانات والتدبير الرشيد للطلب والاقتصاد في الماء، على اعتبار أن ملايير الأمتار المكعبة تضيع في البحر، ومليار متر مكعب يُستنزف سنويا على مستوى الفرشة المائية.
المزيج المائي لحماية الحاضر ومستقبل الأجيال
واعتبر نزار بركة أن السياسة المائية حققت في السنوات الماضية مكتسبات وتراكمات مهمة، تأسست عليها استراتيجية 2020/2027، والمخطط البعيد المدى 2050، لحماية حاضر المجتمع المغربي ومستقبل الأجيال القادمة.
ومن هنا يتضح دور المزيج المائي mix hydrique وتعزيزه بمعالجة المياه العادمة، وضمان شبكة خاصة بالماء الشروب وأخرى للمياه المعالجة ورصدها لسقي المساحات الخضراء، ورفع نسبة تحلية المياه الى معدلات مهمة عوض 1.5 في المائة حاليا.
وتحدث بعد ذلك عن أهمية النجاعة المائية والحرص على عدم ضياع الماء سواء بسبب التسريبات التي تكلف 30 في المائة من الماء، وتوسيع تقنيات السقي بالتنقيط، وتفادي الافراط في استعمال المياه سواء في المجال السياحي والصناعي والإداري، وفي هذا الإطار أعلن عن تدشين حملة تحسيسية خلال رمضان الأبرك من أجل الاستخدام المسؤول والمعقلن للماء انسجاما مع التعاليم الإسلامية، على اعتبار أن المسؤولية مشتركة بين المواطن والمنتج والجماعات الترابية.
وضع المغاربة في الصورة الحقيقية
الى ذلك أكد الأستاذ نزار بركة أن حزب الاستقلال اختار أن يخاطب المواطن المغربي فيما يخص الماء بلغة واقعية وتبني خطاب الحقيقة والمصداقية دون تخويف أو طمأنة، ووضع المغاربة في الصورة كما هي وفق التشخيص الواقعي دون تحامل على أي طرف، لذلك بادر الى الاستباق ورصد مخططات منذ نونبر للمناطق المتضررة والا لكان الوضع اليوم كارثيا في وجدة ومراكش، واعتماد 3.5 مليار درهم في اطار الاستعجال، ومباشرة عمل وتتبع يومي، مع تبني التنسيق المحكم لوزارة التجهيز والماء مع رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وقطاع الفلاحة والصناعة وإعداد التراب والمياه والغابات والجهات كذلك، مع مراعاة الأفضلية الوطنية ودعم المقاولة وإنصافها واحترام آجال المشاريع، مذكرا في سياق خطاب الوضوح أن الفترة الصيفية المقبلة ستكون صعبة، أمام الغياب الكلي للتساقطات في بعض المناطق.
سعر الفحم يثقل الفاتورة الطاقية
وفي إطار الظرفية الصعبة لفت الاستاذ نزار بركة الى أن المغرب حاليا يتوفر على مخزون حبوب يمتد لأربعة اشهر ومخزون طاقي يغطي شهرا واحدا، وفي ظل التوتر السياسي الدولي فان الأسعار ستشهد ارتفاعا وتقلبات، حيث أن البترول قفز الى 140 دولار وتراجع حاليا الى 112 دولار، كما تضاعف سعر الغاز خلال ثلاثة أسابيع، وصعد سعر الفحم من 75 دولار الى 430 دولار، وهو أساسي للمغرب في إنتاج الكهرباء بنسبة 65 في المائة، والذي كان سيؤثر على فاتورة الاستهلاك الاسري ب40 في المائة إضافية، لكن تقرر عدم الزيادة وتحمل المكتب الوطني للكهرباء الفارق ب14.5 مليار درهم.
قنينة الغاز تكلف 135 درهم
أما الانعكاسات على سعر الغاز الطبيعي، فهي تجعل السعر الحقيقي لقنينة غاز البوتان في 135 درهم، وللحفاظ على السعر الحالي تم ضخ 4 ملايير درهم إضافية للمقاصة، ودعم القمح اللين كذلك بغلاف 4 ملايير درهم كذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمغاربة، وبذلك يستمر النهج الحكومي منذ إعداد الميزانية في منح الأولوية لتقليص الضغط على إنفاق الاسر المغربية، وفي ضوء ذلك يأتي البرنامج الملكي لدعم العالم القروي بغلاف 10 ملايير درهم، ومباشرة عملية تسديد التأمينات للفلاحين في الفترة الحالية، لإطلاق عمليات الفلاحة الربيعية، وتسريع برنامج "أوراش" و"فرصة" لمواكبة المقاولات الصغرى والمقاولين الذاتيين.
وفي أعقاب ذلك ركز الأستاذ نزار بركة على ضرورة تضافر كل الجهود بما فيها جهود النواب والنائبات والمنتخبين المحليين لضمان بلوغ العلف والماء لكل الدواوير، وتتبع لتنزيل السليم لكل التدابير والإجراءات الحكومية.