العلم الإلكترونية - نجاة الناصري
قررت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، يوم 13 أكتوبر الجاري، تأجيل النظر في قضية عمدة مراكش ونائبه الأول "ي.ب"، وذلك إلى غاية 17 من شهر نونبر المقبل.
وكانت المحكمة قد أعلنت في بداية الجلسة عن جاهزية الملف للمناقشة، قبل أن يتقدم الأستاذ يونس بوسكسكو، المحامي بهيئة مراكش، بملتمس التأخير قصد الاطلاع على معطيات القضية، بعدما تنصيبه عن العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان كطرف مطالب بالحق المدني في هذا الملف، وهو الملتمس الذي استجابت له هيئة المحكمة .
وحسب مصدر فقد عرفت الجلسة حضور المتهمين في القضية المتابعين على التوالي من أجل جناية تبديد أموال عامة وجناية المشاركة في تبديد أموال عامة، بموازاة حضور الحقوقي عبد الإله طاطوش، ممثل الطرف المشتكي، والجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب ورئيس مجلسها الوطني.
ويذكر أن رئيس المجلس الوطني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب وجه صباح يوم الرابع من شهر أكتوبر الجاري رسالة إلى رئيسة المجلس الجماعي لمراكش المنتخبة حديثا.
وأكدت الرسالة، التي توصلت الجريدة بنسخة منها "أنها تلتمس من فاطمة الزهراء المنصوري، بصفتها رئيسة المجلس الجماعي لمدينة مراكش، والممثل القانوني لهذه الجماعة، أن تتقدم بطلب لرئاسة محكمة الاستئناف بمراكش، من أجل تنصيب الجماعة طرفا مطالبا بالحق المدني في القضية المعروضة على محكمة جرائم الأموال المعروفة بالصفقات التفاوضية "كوب 22" والتي كلفت حوالي 28 مليار من المال العام.
وأضافت ذات الرسالة، "أنه لا يخفى على الرئيسة، أن وزارة الداخلية سبق وأن وضعت رهن إشارة جماعة مراكش خلال الولاية السابقة، حوالي 28 مليار سنتيم من أجل التهيئ لإنجاح المؤتمر الدولي للتغييرات المناخية "كوب22" الذي احتضنته نفس المدينة، حيث أبرم المجلس الجماعي السابق حوالي 49 صفقة تفاوضية مع مجموعة من المقاولات من أجل إنجاز أشغال خاصة بتهيئة الطرق والإنارة العمومية وغيرها من الأشغال، وهي الصفقات التي شابتها العديد من الإختلالات والتجاوزات القانونية.
وأضاف المصدر ذاته أن الجمعية وقفت على مجموعة من الاختلالات في هذه الصفقات، وتقدمت بشكاية أمام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، معززة بالعشرات من الوثائق والمستندات، وطالبت من خلالها بالتحقيق مع "م.ب.ع" رئيس المجلس الجماعي السابق، بصفته الآمر بالصرف، ونائبه الأول "س.ب" باعتباره المشرف المباشر على الصفقات التفاوضية المذكورة حسب نفس الرسالة.
وأكدت الجمعية أن مراحل البحث والتحقيق أسفرت عن متابعة كل من رئيس المجلس الجماعي السابق ونائبه الأول من أجل جناية تبديد أموال عامة بالنسبة للأول، وجناية المشاركة في تبديد أموال عامة بالنسبة للمتهم الثاني.
وأشارت الرسالة إلى أنه باعتبار، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، الممثل القانوني للجماعة، بعد أن وضع المواطنون والمواطنات ثقتهم فيها، وعقدوا آمالهم عليها وعلى مساعديها من أجل الدفاع عن حقوق ومصالح الجماعة، التي هي حقوق ومصالح ساكنة هذه المدينة، فإن الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان تلتمس منها، بكل احترام وتقدير، أن تتقدم بطلب أمام محكمة جرائم الأموال كمطالب بالحق المدني".
وأوضحت الجمعية، أن رئيس المجلس الجماعي لمراكش، ملزم قانونيا وأخلاقيا بالدفاع عن مصالح الجماعة وعن حقوقها، وعن المال العام، من خلال المطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة قصد القطع مع الفساد .
وأكدت الجمعية الحقوقية" أن تنصيب جماعة مراكش كمطالبة بالحق المدني في هذا الملف، من شأنه أن يبدد الشكوك التي تساور المهتمين والمواطنين حول تشابه التجارب السابقة واللاحقة، ويكشف للجميع أن التجربة الحالية هي بداية نهاية مسلسل الفساد ونهب المال العام، و الاغتناء الفاحش "
ويشار إلى أن الجلسة المقبلة لمحاكمة العمدة السابق ونائبه الأول، من المقرر أن تنعقد صباح يوم الأربعاء 17 نونبر المقبل .
ويذكر أن الكاتب الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، وجه شكاية إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش يطالبه بالتحقيق في ما أسمته الجمعية "تبديد أموال عامة من طرف كل من رئيس المجلس الجماعي لمراكش بصفته آمرا بالصرف، إلى جانب نائبه الأول، وذلك عبر إبرام صفقات تفاوضية خارج القانون مع عدد من المقاولات بلغت قيمتها الإجمالية حوالي 28 مليار سنتيم".
وطالبت الجمعية من خلال الشكاية التي توصلت الجريدة بنسخة منها، بإجراء بحث قضائي، في شأن تبديد أموال عامة من طرف كل من رئيس المجلس الجماعي لمراكش بصفته آمرا بالصرف، إلى جانب نائبه الأول بعد تورطهما في خرق قانون الصفقات العمومية عبر إلغاء بعض الصفقات العمومية وحرمان عدد من المقاولات من حقوقهم في الحصول عليها بعد مشاركتهم فيها وفق القانون، قبل أن يتم إلغائها من طرف رئيس المجلس الجماعي، ويدخل نائبه الأول في تفاوض أحادي مع شركة بعينها ويمنحها عددا من الصفقات فاقت قيمتها مليارين ونصف المليار سنتيم".
وأكدت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب أنها "تابعت ظروف وملابسات عقد صفقات تفاوضية من قبل النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي لمراكش مع مجموعة من المقاولات، عبر ما نشرته الصحف الوطنية أو عبر الاتصال المباشر بمستشارين بالمجلس الجماعي، وحصلت على معلومات ومعطيات ووثائق تؤكد أن هذه الصفقات لم تحترم مقتضيات قانون الصفقات العمومية، إذ تم تمريرها بشكل تفاوضي مباشر مع عدد من المقاولات، بدعوى طابعها الاستعجالي بالنظر إلى أن مدينة مراكش كانت تستعد لاحتضان التظاهرة الدولية المتمثلة في قمة التغييرات المناخية (كوب22)، وبالتالي فإن المجلس الجماعي تضيف الجمعية انخرط في المساهمة في إنجاحها عبر إنجاز مجموعة من الأشغال الخاصة بالإنارة العمومية، والتزفيت، والصباغة وتهيئة العديد من شوارع المدينة".
وأضافت الشكاية أنه بالرجوع إلى " بعض هذه الصفقات والتدقيق في أرقامها، يتضح أن بعضها تم التضخيم في أرقامه، كما أن بعضها الآخر مازال حتى الآن لم ير النور بعد، أو أنها مازالت عبارة عن أوراش مفتوحة حتى بعد مرور حوالي ثلاثة أشهر عن قمة التغييرات المناخية، التي تذرع مسؤولو المجلس الجماعي بها لتمرير هذه الصفقات بشكل تفاوضي مباشر مع مقاولات بعينها خارج قانون الصفقات العمومية".
وأشارت الجمعية إلى انه " سبق للمجلس الجماعي لمراكش أن أعلن عبر الصحافة الوطنية عن صفقة عمومية خاصة بالإنارة العمومية، خلال شهر مارس الماضي 2016، تحت رقم 2016-15 س.ج، من أجل تجديد الشبكة الكهربائية لشارع الحسن التانئ، وحدد تاريخ 21 أبريل 2016 موعدا لفتح الأغلفة بالنسبة للمقاولات المعنية والتي تتوفر فيها الشروط المعلن عنها في دفتر التحملات"/ مضيفة أن " أطر القسم التقني للمجلس الجماعي لمراكش قد قاموا بدراسة للاحتياجات الخاصة بإعادة تجديد الشبكة الكهربائية للشارع المذكور، كما درسوا الغلاف التقديري للصفقة وحددوه في مبلغ 357 مليون سنتيم".
وأشارت" إلى أن خمس مقاولات تقدمت بملفاتها للمشاركة في هذه الصفقة، حيث تم استبعاد شركتين لعدم استيفاء الشروط المسجلة في إعلان الصفقة، لتحتفظ اللجنة المشرفة على الصفقة على ثلاث مقاولات، إذ تم إخبار مسؤولوها أن رئيس المجلس الجماعي سيستدعي المقاولة الفائزة بالصفقة قصد استكمال الإجراءات الإدارية للشروع في عملها".
وأضافت الجمعية أن " تلك المقاولات فوجئت بتاريخ 12 يوليوز 2016، بإعلان رئيس المجلس الجماعي عن إلغاء الصفقة بشكل نهائي لأن:" المعطيات الاقتصادية والتقنية للخدمات موضوع الصفقة قد تغير بشكل جذري" حسب ما ورد في إعلان الإلغاء الموقع من طرف كل من رئيس المجلس الجماعي ونائبته المفوض لها الإشراف على الصفقات العمومية للمجلس".
وأكدت الجمعية" أنه مباشرة بعد هذا الإلغاء دخل النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي في مفاوضات مباشرة مع شركة (...) لم يسبق لها أن شاركت في الصفقة المذكورة، قصد إنجاز الأشغال المعلن عنها في الصفقة الملغاة، والمتعلقة بتجديد الشبكة الكهربائية للشارع السالف ذكره.
والغريب أن هذه الشركة المحظوظة استفادت من هذه الصفقة بثمن جد مرتفع عما تقدمت به الشركات المشاركة في الصفقة الملغاة، حيث بلغت التكلفة 413 مليون سنتيم بدل 357 مليون سنتيم المسطرة في الصفقة الأولى" تؤكد الجمعية، التي أضافت أن هناك صفقة أخرى تم إلغائها بتاريخ 25 غشت 2016، بعد مشاركة عدد من المقاولات فيها وفق القانون، وذلك تحت رقم 2016-90 س.ج، والتي كان مقررا أن يتم فتح الأظرفة المتعلقة بها بتاريخ 5 شتنبر 2016، وهي الصفقة الخاصة بالإنارة العمومية لمدارة باب الخميس، ليدخل مرة أخرى النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي في مفاوضات مباشرة مع نفس الشركة التي استفادت من الصفقة الأولى، لتنتقل قيمة الغلاف المالي للصفقة من 143 مليون سنتيم إلى حوالي 500 مليون سنتيم".
وأكدت الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب أن عدد الصفقات الخاصة بالإنارة العمومية التي تمت بشكل تفاوضي دون سلوك المساطر القانونية مع المقاولات المعنية من طرف النائب الأول للعمدة، بلغت 16 صفقة ووصلت قيمتها المالية مجتمعة حوالي أربعة ملايير سنتيم، فازت منها شركة "إ" بست صفقات، تضاف إلى صفقة سابعة فازت بها إحدى الشركات، والتي صادف أنها مملوكة لزوجة صاحب الشركة الأخيرة، حيث بلغت كلفة هذه الصفقات السبعة حوالي مليارين ونصف المليار سنتيم.
وفيما يتعلق بالإنارة فقد أوردت الشكاية أن النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي لمراكش أبرم صفقة تفاوضية خاصة بوضع أحبال كهربائية على جنبات طريق شارع الحسن الثاني الرابط بين حي إزيكي وباب دكالة، مرورا عبر محطة القطار، وذلك قصد تزويد بطاريات الحافلات الكهربائية بالطاقة، وبلغت كلفة هذه الصفقة 3 مليارات و900 مليون سنتيم.
وقد برر العمدة ونائبه عدم اعتماد قانون الصفقات العمومية في هذه الصفقة، لالتزام المجلس الجماعي بانطلاق مشروع الحافلات الكهربائية قبيل انطلاق فعاليات مؤتمر التغييرات المناخية (كوب22)، إلا أن ورش وضع الحبال الكهربائية لم يتم الشروع فيه إلا منذ أسابيع قليلة، أي بعد انتهاء أشغال المؤتمر العالمي المذكور، مما يعني أن المبررات التي اعتمدها العمدة ونائبه الأول في تمرير هذه الصفقة بشكل تفاوضي لا أساس لها من الصحة" .
وأضافت الجمعية أن أهم الخروقات القانونية التي شابت المساطر المعتمدة في العديد من الصفقات التي أبرمها النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي، والتي تكشف عن اختيار شركة بعينها دون سواها من باقي الشركات، كما تكشف عن تناقضات صارخة في أرقامها، والتي يتبين من خلالها، أيضا، إمعان مسؤولي المجلس الجماعي في تبديد وهدر المال العام.
وأشارت الجمعية إلى أن المجلس الجماعي أبرم سبعة صفقات تفاوضية خاصة بإنجاز أشغال صيانة الطرقات بمناسبة احتضان مراكش فعاليات (كوب22)، بلغت قيمتها الإجمالية مليارين و600 مليون سنتيم، استفادت منها شركة "ج.ت.غ.ب" لوحدها بست صفقات، فيما نالت شركة "س" صفقة واحدة بقيمة 120 مليون سنتيم، مما يعني أن النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي خص الشركة الأولى بحوالي مجموع الغلاف المالي لهذه الأشغال دون سواها من باقي المقاولات الأخرى، أي ما مجموعه مليارين و480 مليون سنتيم.
وأشارت إلى أن هذه المقاولة المحظوظة سبق أن استفادت من صفقة عمومية تنافست فيها إلى جانب مقاولات أخرى وفق قانون الصفقات العمومية تحت عدد 120-2016، عبر عروض أثمان من أجل إنجاز أشغال صيانة الطرقات، حيث فازت بها شركة GTRP ، بعدما اقترحت 445 درهم للطن الواحد (التزفيت)، غير أنه في نفس السنة، أي 2016، سيبرم النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي مع نفس المقاولة صفقة تفاوضية من أجل إنجاز أشغال صيانة الطرقات (صفقة عدد 111-2016) بلغت قيمتها 800.00 درهم (ثمان مائة درهم) للطن الواحد، مما يعني ضعف الثمن الأول. هذا دون أن يكون هذا الرقم موضوع تساءل أو اعتراض من طرف النائب الأول للرئيس أو الرئيس نفسه، وهو يرى حجم الفارق بين الصفقة الأولى والثانية، الشيء الذي يعني إمعانهما في تبديد المال العام.
وطالبت الجمعية من خلال شكايتها بضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة وتخليق المرفق العمومي وصيانة المال العام.