العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني
لم تحمل زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، إلى المغرب يومي 15 و16 دجنبر الجاري أي جديد لمعالجة السبب الحقيقي للأزمة بين الرباط وباريس غير المعلنة.
ويُنتَظر ما ستحمله زيارة الرئيس ماكرون المرتقبة للمغرب، إن تمت، من جديد عما حملته وزيرة الخارجية .
ففي هذا الاتجاه أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن البلدان القريبة من المنطقة، التي لديها إطلاع جيد على ملف الصحراء المغربية، مدعوة إلى المساهمة في إيجاد أفق للحل.
وقال السيد بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة عقدها مع وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، عقب محادثاتهما الجمعة بالرباط، أنه من الضروري أن تساهم بلدان قريبة من هذه المنطقة، والتي لديها إطلاع جيد على هذا الملف، في تحديد أفق للحل (للنزاع حول الصحراء المغربية).
وشدد على أن المغرب لم يعتبر أبدا أن موقف باريس سلبي بل على العكس من ذلك، مذكرا بأن فرنسا، التي تدرك أهمية قضية الصحراء المغربية بالنسبة للشعب المغربي وللقوى الحية للبلاد، كانت سباقة منذ البداية إلى تقدير ودعم مخطط الحكم الذاتي
وأضاف أنه وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبفضل مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حصلت تطورات جوهرية في موقف البلدان القريبة من فرنسا، سواء على المستوى الجغرافي أو السياسي.
وسجل الوزير، بالمقابل، أن الحاجة إلى التكيف مطروحة على الطاولة ويمكن دراستها، خاصة وأن ملف الصحراء ومحيطها الإقليمي والجيوسياسي عرف مؤخرا تطورات مهمة.
وكانت مشاعر فرنسا تجاه المغرب قد تغيرت منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
حيث لم تنظر باريس بعين الرضى إلى التحول الأمريكي في موقفه من الصحراء، وهو الملف الذي ظلت فرنسا تتحكم فيه لعقود، حيث شعرت بأن أهم وسيلة ضغط في علاقتها مع المغرب قد انتفت، هذه الوضعية كرسها التوجه المغربي الذي دعا عددا من شركائه بمن فيهم فرنسا إلى الخروج من المنطقة الرمادية، والتعبير بوضوح عن موقفهم من قضية الصحراء التي أصبحت المنظار الذي ينظر به المغرب لعلاقاته الخارجية.
فخلال زيارتها الأخيرة للمغرب واجتماعها بالسيد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لم تعط وزيرة الخارجية الفرنسية أية إشارة تلمح لتغير موقف باريس من قضية الصحراء في اتجاه الخروج من الموقف الملتبس الذي سماه السيد بوريطة بالمنطقة الرمادية.
حيث ذكرت الوزيرة بأن موقف بلادها من قضية الصحراء «موقف ثابت وواضح».
وكانت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية قد شددت، أخيرا ، على أن موقف فرنسا المتعلق بالصحراء « ثابت، لفائدة حل سياسي عادل، دائم، ومقبول لدى جميع الأطراف، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، مؤكدة في هذا السياق أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل قاعدة لمناقشات «جادة وذات مصداقية».
وأضافت«نأمل في استئناف المفاوضات بين الأطراف من أجل التوصل إلى حل عادل وواقعي»، مشيرة إلى ثبات موقف فرنسا، وخاصة المتعلق بتجديد ولاية بعثة المينورسو.
هذا الموقف الذي يبدو أقل من الموقف الإسباني الذي يعتبر اقتراح الحكم الذاتي المغربي« بالأكثر جدية ومصداقية».
في حين أن باريس تعتبره «قاعدة» ذات مصداقية وجدية، مما يعني أنه هناك قواعد أخرى إلى جانبه.
أما مشكلة التأشيرات فلم تكن في الواقع سوى ورقة ابتزاز فرنسي ضد المغرب كي لا تقدم باريس أي تنازل عن موقفها التقليدي من مشكل الصحراء، وهو الموقف الذي كان أكثر تقدما حتى من المواقف الأمريكية السابقة، لكن الاعتراف بمغربية الصحراء من طرف الولايات المتحدة ،والتأييد الذي لقيه مقترح الحكم الذاتي من عدد من الدول الأوروبية جعل باريس في وضع لا تستطيع فيه تجاوز الحكم الذاتي كحد أقصى وأدنى في نفس الآن ، أي أنها لن تعترف على الأقل في الوقت الراهن بمغربية الصحراء، ولن تنزل عن تأييد الحكم الذاتي ، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية، ولكن بشكل أقل عندما اعتبرته «قاعدة»، مما يعني ضمنا أنها يمكن أن تضغط في وقت لاحق بقبول حلول أخرى من جهة أخرى، وهي رسالة موجهة للمغرب.
أما مشكلة التأشيرات التي كانت ذريعة لسوء العلاقات ، فقد ذكرت الوزيرة بأن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، وذلك دون انتفاء الأسباب التي تذرعت بها باريس، وهي عدم قبول المغرب باسترجاع المهاجرين المغاربة الموجودين في فرنسا بطريقة غير شرعية. مما يؤكد أن هذا التذرع كان واهيا .
ويأتي الموقف الفرنسي أولا من بحث باريس على صيغة للتوازن في العلاقات بين فرنسا والمغرب من جهة، وفرنسا والجزائر من جهة ثانية، حيث أن فرنسا تريد تأمين التزود بالغاز الجزائري، في نفس الوقت الذي تريد فيه الحفاظ العلاقات الاستراتيجية بعيدة المدى مع المغرب، الذي يعتبر شريكا لبلدان لاتحاد الأوروبي ، ومنها فرنسا في عدد من المجالات الاقتصادية والأمنية.
ثم ثانيا إن فرنسا تحاول بحكم منطقها التقليدي الحفاظ على امتيازاتها التقليدية اتجاه مستعمراتها القديمة.
بأن تكون سياستها متفردة في الصرامة. وهو الموقف الذي لم يعد مقبولا .
وتتلخص أهم التوجهات في العلاقات بين فرنسا والمغرب انطلاقا من وضع هذا الأخير في السياق الدولي الجديد، خاصة مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وتأييد عدد من الدول الأوروبية: إسبانيا وألمانيا وهولندا لمقترح الحكم الذاتي المغربي وكذلك وضع فرنسا بالنسبة لإفريقيا التي ركزت فيها على الجانب العسكري، وأهملت باقي الجوانب.
ومن هذا المنطلق فإن خيارات باريس في علاقاتها مع المغرب تبقى محدودة، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضية الصحراء، حيث أن السقف لن ينزل عن تأييد الحكم الذاتي، ولكنه حسب بعض الدراسات الاستراتيجية لن يذهب إلى حد الاعتراف بمغربية الصحراء، على الأقل في الوقت الراهن في ظل ضغط أزمة الطاقة ، ومحاولة باريس عدم إغضاب حكام الجزائر، التي زارها ماكرون في غشت المنصرم بعد أزمة طويلة بين البلدين.
لم تحمل زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، إلى المغرب يومي 15 و16 دجنبر الجاري أي جديد لمعالجة السبب الحقيقي للأزمة بين الرباط وباريس غير المعلنة.
ويُنتَظر ما ستحمله زيارة الرئيس ماكرون المرتقبة للمغرب، إن تمت، من جديد عما حملته وزيرة الخارجية .
ففي هذا الاتجاه أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن البلدان القريبة من المنطقة، التي لديها إطلاع جيد على ملف الصحراء المغربية، مدعوة إلى المساهمة في إيجاد أفق للحل.
وقال السيد بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة عقدها مع وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، عقب محادثاتهما الجمعة بالرباط، أنه من الضروري أن تساهم بلدان قريبة من هذه المنطقة، والتي لديها إطلاع جيد على هذا الملف، في تحديد أفق للحل (للنزاع حول الصحراء المغربية).
وشدد على أن المغرب لم يعتبر أبدا أن موقف باريس سلبي بل على العكس من ذلك، مذكرا بأن فرنسا، التي تدرك أهمية قضية الصحراء المغربية بالنسبة للشعب المغربي وللقوى الحية للبلاد، كانت سباقة منذ البداية إلى تقدير ودعم مخطط الحكم الذاتي
وأضاف أنه وخلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبفضل مبادرات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حصلت تطورات جوهرية في موقف البلدان القريبة من فرنسا، سواء على المستوى الجغرافي أو السياسي.
وسجل الوزير، بالمقابل، أن الحاجة إلى التكيف مطروحة على الطاولة ويمكن دراستها، خاصة وأن ملف الصحراء ومحيطها الإقليمي والجيوسياسي عرف مؤخرا تطورات مهمة.
وكانت مشاعر فرنسا تجاه المغرب قد تغيرت منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
حيث لم تنظر باريس بعين الرضى إلى التحول الأمريكي في موقفه من الصحراء، وهو الملف الذي ظلت فرنسا تتحكم فيه لعقود، حيث شعرت بأن أهم وسيلة ضغط في علاقتها مع المغرب قد انتفت، هذه الوضعية كرسها التوجه المغربي الذي دعا عددا من شركائه بمن فيهم فرنسا إلى الخروج من المنطقة الرمادية، والتعبير بوضوح عن موقفهم من قضية الصحراء التي أصبحت المنظار الذي ينظر به المغرب لعلاقاته الخارجية.
فخلال زيارتها الأخيرة للمغرب واجتماعها بالسيد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لم تعط وزيرة الخارجية الفرنسية أية إشارة تلمح لتغير موقف باريس من قضية الصحراء في اتجاه الخروج من الموقف الملتبس الذي سماه السيد بوريطة بالمنطقة الرمادية.
حيث ذكرت الوزيرة بأن موقف بلادها من قضية الصحراء «موقف ثابت وواضح».
وكانت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية قد شددت، أخيرا ، على أن موقف فرنسا المتعلق بالصحراء « ثابت، لفائدة حل سياسي عادل، دائم، ومقبول لدى جميع الأطراف، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة»، مؤكدة في هذا السياق أن مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يشكل قاعدة لمناقشات «جادة وذات مصداقية».
وأضافت«نأمل في استئناف المفاوضات بين الأطراف من أجل التوصل إلى حل عادل وواقعي»، مشيرة إلى ثبات موقف فرنسا، وخاصة المتعلق بتجديد ولاية بعثة المينورسو.
هذا الموقف الذي يبدو أقل من الموقف الإسباني الذي يعتبر اقتراح الحكم الذاتي المغربي« بالأكثر جدية ومصداقية».
في حين أن باريس تعتبره «قاعدة» ذات مصداقية وجدية، مما يعني أنه هناك قواعد أخرى إلى جانبه.
أما مشكلة التأشيرات فلم تكن في الواقع سوى ورقة ابتزاز فرنسي ضد المغرب كي لا تقدم باريس أي تنازل عن موقفها التقليدي من مشكل الصحراء، وهو الموقف الذي كان أكثر تقدما حتى من المواقف الأمريكية السابقة، لكن الاعتراف بمغربية الصحراء من طرف الولايات المتحدة ،والتأييد الذي لقيه مقترح الحكم الذاتي من عدد من الدول الأوروبية جعل باريس في وضع لا تستطيع فيه تجاوز الحكم الذاتي كحد أقصى وأدنى في نفس الآن ، أي أنها لن تعترف على الأقل في الوقت الراهن بمغربية الصحراء، ولن تنزل عن تأييد الحكم الذاتي ، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية، ولكن بشكل أقل عندما اعتبرته «قاعدة»، مما يعني ضمنا أنها يمكن أن تضغط في وقت لاحق بقبول حلول أخرى من جهة أخرى، وهي رسالة موجهة للمغرب.
أما مشكلة التأشيرات التي كانت ذريعة لسوء العلاقات ، فقد ذكرت الوزيرة بأن الأمور عادت إلى ما كانت عليه، وذلك دون انتفاء الأسباب التي تذرعت بها باريس، وهي عدم قبول المغرب باسترجاع المهاجرين المغاربة الموجودين في فرنسا بطريقة غير شرعية. مما يؤكد أن هذا التذرع كان واهيا .
ويأتي الموقف الفرنسي أولا من بحث باريس على صيغة للتوازن في العلاقات بين فرنسا والمغرب من جهة، وفرنسا والجزائر من جهة ثانية، حيث أن فرنسا تريد تأمين التزود بالغاز الجزائري، في نفس الوقت الذي تريد فيه الحفاظ العلاقات الاستراتيجية بعيدة المدى مع المغرب، الذي يعتبر شريكا لبلدان لاتحاد الأوروبي ، ومنها فرنسا في عدد من المجالات الاقتصادية والأمنية.
ثم ثانيا إن فرنسا تحاول بحكم منطقها التقليدي الحفاظ على امتيازاتها التقليدية اتجاه مستعمراتها القديمة.
بأن تكون سياستها متفردة في الصرامة. وهو الموقف الذي لم يعد مقبولا .
وتتلخص أهم التوجهات في العلاقات بين فرنسا والمغرب انطلاقا من وضع هذا الأخير في السياق الدولي الجديد، خاصة مع الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وتأييد عدد من الدول الأوروبية: إسبانيا وألمانيا وهولندا لمقترح الحكم الذاتي المغربي وكذلك وضع فرنسا بالنسبة لإفريقيا التي ركزت فيها على الجانب العسكري، وأهملت باقي الجوانب.
ومن هذا المنطلق فإن خيارات باريس في علاقاتها مع المغرب تبقى محدودة، خاصة فيما يتعلق بالموقف من قضية الصحراء، حيث أن السقف لن ينزل عن تأييد الحكم الذاتي، ولكنه حسب بعض الدراسات الاستراتيجية لن يذهب إلى حد الاعتراف بمغربية الصحراء، على الأقل في الوقت الراهن في ظل ضغط أزمة الطاقة ، ومحاولة باريس عدم إغضاب حكام الجزائر، التي زارها ماكرون في غشت المنصرم بعد أزمة طويلة بين البلدين.