Quantcast
2022 مارس 21 - تم تعديله في [التاريخ]

عودة‭ ‬الوعي‭ ‬إلى‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإسبانية


العلم الإلكترونية - الرباط
 
الموقف الاستراتيجي القوي والشجاع الذي اتخذته الحكومة الإسبانية حيال القضية المغربية المركزية بتأكيدها على أهمية الصحراء بالنسبة للمغرب ، وإعلانها عن أن اسبانيا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب إلى مجلس الأمن الدولي عام 2007، بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف المفتعل حول الصحراء المغربية، هذا الموقف يعد بكل المقاييس، عودة للوعي السياسي الرشيد إلى العلاقات المغربية الإسبانية، باعتبار مدريد المغرب حليفا استراتيجيا لإسبانيا، بكل الدلالات السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية لكلمة الحليف الاستراتيجي، مع التأكيد على أن الجارة الأيبيرية ستتخذ هذه الخطوات، التي هي في الوقت ذاته إلتزامات، من أجل ضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين المغرب وإسبانيا معا .
 
فقد استرجعت الحكومة الإسبانية الوعي الذي كان غائبا عنها، ليس منذ تدهور العلاقات الثنائية بينها وبين المغرب طيلة العام الماضي فحسب ، وإنما قبل أكثر من أربعة عقود، حين اندلعت الأزمة المفتعلة حول الصحراء المغربية من طرف النظام الجزائري والجبهة الانفصالية البوليساريو، التي تأسس، تحت عين عناصر من الجيش الإسباني وبدعم منها خلال مرحلة الاحتلال الإسباني للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية. في تلك المحطة المفصلية من تاريخ المنطقة، اتخذت اسبانيا موقفا متناقضا مع كونها كانت القوة الاستعمارية للصحراء المغربية زهاء تسعة عقود، بينما كان الوضع الطبيعي أن تقف اسبانيا مع المغرب وهو يدافع عن وحدته الترابية ويتصدى للمؤامرات على سيادة أراضيه وسلامتها الإقليمية . وهو الأمر الذي كان له تأثيره على إطالة أمد النزاع المصطنع ودخول المنطقة في متاهات جرت قضية الصحراء المغربية إلى مسارات ملتوية استغلها خصوم الوحدة الترابية المغربية لمحاولة تحقيق مطامعهم، استطاع المغرب بقيادة العرش أن يجهضها ويحبطها ويقضي عليها في المهد.
 
ولم تكن اسبانيا خلال تلك المراحل تقف في صف العدالة لنصرة القضية المغربية ، و هي التي تملك الحجج والدلائل والبراهين وتعرف الحقائق التاريخية والجغرافية ، وبدلا من أن تؤدي الدور المطلوب منها ، وهي أهل له لما بين يديها من معطيات ، لاذت بالصمت واختارت أن تراقب من بعيد ، وفي فترات عصيبة انحازت بطرق ملتوية إلى جانب الطرف الباغي والعدواني والمتآمر على المغرب.
 
ومما هو مقطوع به، أن اسبانيا هي الدولة الأكثر معرفة بحقائق الأمور المتعلقة بالصحراء المغربية ، بحكم أنها ظلت تسعة عقود تحتل الأقاليم الجنوبية للمغرب . ولذلك لم يكن منتظرا منها موقف الحياد المموّه، أو موقف اغتنام الفرص لتحقيق المصالح ، أو موقف الغموض الذي هو أقرب إلى التأييد للمعتدي على التراب المغربي منه إلى مساندة المغرب والانتصار للحقائق التاريخية والجغرافية التي هي على علم واسع بها.
 
وهذا هو المدلول الواقعي لما نسميه غياب الوعي الذي طبع المواقف الإسبانية السابقة ، وهو ما يعد اليوم من آثار الماضي ، التي اندثرت وانمحت بهذا الموقف الاستراتيجي القوي والشجاع الذي اتخذته الحكومة الإسبانية وعبرت عنه أقوى ما يكون التعبير وبأوضح البيان، في الرسالة التاريخية التي بعث بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، والتي تعهد فيها بالتزام بلاده الامتناع عن أي عمل أحادي إزاء المغرب. وهي خطوة واسعة ومتزنة في الاتجاه الصحيح، من شأنها أن تمهد لمرحلة جد متطورة من العلاقات بين البلدين لبناء تعاون وشراكة متينين يخدمان المصالح الاستراتيجية للدولتين الجارتين اللتين يربطها تاريخ مشترك، ومصالح مشتركة، وتحديات مشتركة، ومصير مشترك .
 
تلك هي الحقائق الساطعة التي بدت اليوم واضحة بعودة الوعي إلى العلاقات المغربية الإسبانية، مستأنفة لدورة حضارية جديدة تخدم السلام العالمي والبشرية جمعاء.
 

              

















MyMeteo



Facebook
YouTube
Newsletter
Rss

الاشتراك بالرسالة الاخبارية
أدخل بريدك الإلكتروني للتوصل بآخر الأخبار