عبد اللّه البقالي يكتب حديث اليوم

العلم الإلكترونية - بقلم عبد الله البقالي

يبدو أن قدرات بعض المخرجين السينمائيين المغاربة محدودة في قضايا محددة، ويعجزون عن الاشتغال على قضايا اجتماعية واقتصادية و سياسية كثيرة تهم المجتمع المغربي. وهكذا تجدهم حبيسي قضايا معينة تهم الجنس و الدعارة و المثلية و الدين فقط .و يتأكد عجزهم عن الإبداع و توظيف السينما لخدمة القضايا المصيرية التي تهم المجتمع برمته ، بإعادة الاشتغال على نفس القضايا في جميع انتاجاتهم السينمائية .و بالتالي فإن قضايا من قبيل الفقر و السكن و التعليم و الصحة و الهشاشة الاجتماعية و الشباب و المرأة والتحولات الاجتماعية التي يعرفها المجتمع ، و الديموقراطية و حقوق الإنسان ، ليست مهمة في نظر المخرجين و المنتجين السينمائيين الذين لا تربطهم بالمغرب غير وثيقة الجنسية ، و أنها لا تستحق الاهتمام و المعالجة من طرف السينما المغربية .

 

لسنا ضد حرية الإبداع ، و لا الحق في اختيار زوايا النظر و المعالجة ، و لكن من حقنا أن نتساءل عن الأسباب الحقيقية وراء إصرار هؤلاء على الاشتغال ، و إعادة الاشتغال ، على نفس القضايا التي لا تمثل أولوية في اهتمامات المجتمع ، و لا تمثل حقيقة هذا المجتمع في المطلق . تفسير لهذا الإصرار إلا عبر الاعتراف بوجود عجز عن الإبداع ، و الحرص على الالتجاء إلى قضايا تثير اهتمام الغرب و تحظى بأولويته مما يندرج في حرب القيم التي يخوضها هذا الغرب بشراسة عنيفة جدا، وبذلك فإنهم يسخرون أنفسهم و قدراتهم الإبداعية المحدودة لخدمة أجندات خارجية معينة.

 

حقيقة السينما تتجلى في توظيف الطاقات الرمزية و الإبداعية ، و في المساهمة في تقويم اعوجاجات المجتمع ، بأسلوب فني يحقق المتعة و التفاعل ، يفضي إلى استخلاص العبر و إعادة تشكيل القناعات بصفة طوعية و عن قناعة . و السينما ليست ممارسة سلطة الإكراه بإجبار المتلقي على التسليم بقناعة معينة ، و إن لم يفعل ، يتعرض إلى الإكراه مرة ثانية و ثالثة بإعادة تكرار نفس الإنتاج .

 

السينما ليست استنساخا لانتاجات فاشلة شكلا ومضمونا.