أخطر ما يثير الانتباه في الإحصائيات المتعلقة بالحالة الوبائية في بلادنا تلك المتعلقة بارتفاع أعداد المصابين الذين يوجدون في غرف الإنعاش، وخصوصا الذين يخضعون للتنفس الاصطناعي الإختراقي والذين تعرف وتيرة زيادة أعدادهم سرعة كبيرة جدا.
ارتفاع أعداد المصابين بالفيروس اللعين الذين يتلقون العلاجات في أقسام الإنعاش والذين وصل عددهم إلى 281 إلى حدود الأحد، يكشف على معطى يكتسي خطورة بالغة يتمثل في التأخر في اكتشاف الإصابة، وأن إكتشاف الإصابة لا يتم إلا بعد أن تتطور الحالة الصحية إلى حالة الحرج والقلق والخطورة، وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه حاليا، فإن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون صعبة جدا، لأن البنية الاستشفائية في بلادنا لا تستحمل تطورا من هذا القبيل، ذلك أن الطاقة الاستيعابية لأقسام الإنعاش محدودة جدا، وأن ارتفاع الحالات التي تستوجب الإنعاش يهدد بعدم القدرة على الاستيعاب، وهذا ما حصل في دول تتوفر على بنية صحية قوية، ومع ذلك عرفت هذه الدول حالة وبائية خطيرة جدا، أفضت إلى ما أفضت إليه .
إن الوضع يتطلب معالجة مستعجلة تتمثل في السيطرة على منحى الإصابات عبر ضبطها بصفة مبكرة قبل تطورها إلى حالة الخطورة، وهذا ما يستوجب الرفع من القدرة على الكشف عن الإصابات في بداياتها.
هنا يتساءل الرأي العام عن أسباب التأخر في كسب هذا الرهان، خصوصا وأن بلادنا اقتنت تجهيزات، ووقعت صفقات في هذا الصدد؟
لا أحد ينكر الجهود الكبيرة التي بذلت لحد الآن، ولكن ما يحدث في شأن الارتفاع المهول في أعداد المصابين في حالة صحية حرجة يدق ناقوس الخطر، لأنه يؤشر على بداية انفلات خطير في السيطرة على الحالة الوبائية في بلادنا، مما يستوجب استنفارا استثنائيا للتصدي لهذا المنحنى الخطير.