العلم الإلكترونية - أنس الشعرة
كتبَ غويتصولو ذات مرة في كتابه، "مشكلة الصحراء"، نهاية السبعينيات منَ القرن الماضي، أن الشيءَ الوحيد الذي ورثه اليسار الإسباني، عن حقبة فرانكو هو نزاع الصحراء المغربية، هذهِ العبارة طبعت تاريخ اليساريين مع المغرب بخصوص هذا الملف لأمد طويل ولازال، إلا أن رسالة بيدور سانشيز، إلى الملك في مارس 2021، أكدت على أن خطة الحكم الذاتي، هي الحل الأمثل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بهذه الحركة الدبلوماسية، فتحَ سانشيز بابًا جديدًا للعلاقات الثنائية بينَ البلدين، وحرر بعضَ اليسار أيضا من إرث وثقل قضية عادلة عندَ المغاربة.
كتبَ غويتصولو ذات مرة في كتابه، "مشكلة الصحراء"، نهاية السبعينيات منَ القرن الماضي، أن الشيءَ الوحيد الذي ورثه اليسار الإسباني، عن حقبة فرانكو هو نزاع الصحراء المغربية، هذهِ العبارة طبعت تاريخ اليساريين مع المغرب بخصوص هذا الملف لأمد طويل ولازال، إلا أن رسالة بيدور سانشيز، إلى الملك في مارس 2021، أكدت على أن خطة الحكم الذاتي، هي الحل الأمثل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، بهذه الحركة الدبلوماسية، فتحَ سانشيز بابًا جديدًا للعلاقات الثنائية بينَ البلدين، وحرر بعضَ اليسار أيضا من إرث وثقل قضية عادلة عندَ المغاربة.
وفي سياق الزيارة الأخيرة، التي قام بها سانشيز يوم 02 يوليوز، إلى مدينة مراكش، ومنها بالتتابع نحو مدن: طنجة وشفشاون وتطوان، تثيرُ أكثر من سؤال وتحمل دلالاتٍ عدة، تعيد نسج الأطروحة الإسبانية الرئيسة: "علينا الاحتياط منَ الجار الجنوبي على الدوام". زيارة سانشيز لقضاء عطلتهِ الصيفية، يجب النظر إليها من منظور العلاقات الدولية، ومن منظور العلاقات الاستراتيجية بينَ البلدينِ تحديدًا، فتصرفه هو في المقام الأول، تصرف سياسي في ظرفية دقيقة وحساسة، لاسيما أن الزيارة الأولى له، نحو الجزائر كانت في 07 و08 أكتوبر عام 2020، ورغم أن الانتخابات الإسبانية الحالية، مازالت تحمل في طياتها مفاجآت أخرى، إلا أنه كما ذكرنا آنفا، فإن اختيار المغرب في هذا الظرف هي رسالة استراتيجية بالأساس وتحمل العديد من الرسائل:
§ الرسالة الأولى: تحمل زيارة سانشيز إلى المغرب، رسالة إلى النخبة والدولة العميقة الإسبانية، لإنهاء مرحلة عدم الثقة المتبادلة، و القطع مع أطروحة "الخطر التاريخي"؛
§ الرسالة الثانية: أيضا موجهة نحو الإعلام الإسباني حول المغرب، لإعادة استكشافه من جديد، والتعديل من خطابه تجاههُ، بعد المرحلتين؛ الأولى في سياق الانتقال الديمقراطي، والثانية، بعد موت الملك الحسن الثاني، وحكم الملك محمد السادس، وحان دور المرحلة الثالثة، لإبرام خطاب جديد؛
§ الرسالة الثالثة: أخرى، موجهة إلى اليسار المعتدل والراديكالي، تفيد أن مرحلة معارضة ملفَ الصحراء ولى إلى غير رجعة، ويجب الحسم فيه، لأنه معيق لتطور البلدين، وهي نظرة سانشيز التي ما فتئ يذكر بها.
§ الرسالة الرابعة: موجهة إلى المغرب، وهي مرتبطة بتأكيد العلاقات الاستراتيجية الثنائية، وضرورة تطويرها، وبما أن إسبانيا ما فتئت تجدد تأكيدها على "مصداقية وواقعية"، خطة الحكم الذاتي، فإن سياق العلاقات الاستراتيجية يقتضي المرور إلى الملفات الاستراتيجية الأخرى والمهمة للطرفين، وهما ملفي الصيد البحري والهجرة، الأول؛ ذو طبيعة استعجالية، ومنَ المنتظر في حالة عودة سانشيز إلى رئاسة الحكومة الإسبانية، أو ترؤس ألبيرتو فييخو لها، أن يكونَ أول الملفات المطروحة بين البلدين، أما الملف الثاني؛ المرتبط بالهجرة، فطبيعته ممتدة، ولا يرتبطُ بإسبانيا وحدها بل هو أيضا ملف أوروبي بامتياز، علما أن المغرب عليه أن يستحضر في ملف الهجرة الوضعية الخاصة للجالية المغربية في إسبانيا، الذي تتحكم فيه السياقات التاريخية والدينية والسياسية؛
§ الرسالة الخامسة: كان منَ المتوقع أن تكونَ ردة فعل الجزائر، على القرار الذي اتخذته إسبانيا بشأن الاعتراف بخطة الحكم الذاتي عنيفًا، حيث سارعت إلى سحب سفيرها يوما واحدا بعد هذا الاعتراف، ثم في 08 يوليوز 2022 علقت معاهدة الصداقة معها، وبالتالي؛ انطلقت الأزمة الديبلوماسية والقطيعة التجارية بين البلدين. وتتجسدُ أكثر في هذهِ الزيارة، التي تؤكدُ مدى رسوخ العلاقات المغربية الإسبانية، ومن جهة أخرى بأن قرار سانشيز بشأن الاعتراف بخطة الحكم الذاتي، كانَ قرارًا استراتيجيًا من داخل الدولة العميقة، وفي هذا السياق ذاته، فإن رسالة سانشيز نحوَ الجزائر، أن لا مجال للعدول عن هذا القرار الذي أعاد مستوى العلاقات المغربية الإسبانية إلى المستوى الاستراتيجي.
رسائل سانشيز إثرَ هذه الزيارة، هي جزء أيضا من خطتهِ للضغط على خصومهِ في الداخل والخارج، وإعلان استباقي لتوجهات سانشيز الكلية نحوَ المغرب، سواء للمعارضة الإسبانية، أو القيادات الجزائرية، التي تنتظر صعود اليمين لرئاسة الحكومة الإسبانية، لتبرير عودة علاقاتها مع إسبانيا.