العلم الإلكترونية - بقلم عبد الله البقالي
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تأذن فيها حكومة السويد لشخص باقتراف فعل شنيع يحرض على الكراهية والعنف ويزدري الأديان. فقد سبق للحكومة السويدية السابقة أن سمحت بذلك، وقبلها لم تتردد الحكومة الدانماركية في الترخيص باقتراف نفس الفعل الإجرامي. والمبرر كما رددت ذلك الحكومة السويدية غير ما مرة، أن الأمر يتعلق ب (ممارسة حرية التعبير) و يبدو أنها تستند في ذلك إلى حكم قضائي صادر عن القضاء السويدي أفتى في أن (الشرطة لا يمكنها منع حرق الكتب المقدسة) .
طبعا، اختفاء الحكومة السويدية و القضاء السويدي في حرية التعبير في الإذن و السماح باقتراف أفعال تكتسي طابع الخطورة، لأنها تحرض على العنف و الكراهية و تتعمد ازدراء الأديان ، لم يتوفق في إلغاء المسؤولية المباشرة للحكومة السويدية فيما حدث ، مما وضعها في مواجهة ردود فعل غاضبة جدا من طرف عدد كبير من الدول و المنظمات الدولية، و أصبحت في ضوء كل ذلك هذه الحكومة ، المسؤولة المباشرة بصفتها المرخصة باقتراف هذه الأفعال الشنيعة .
طبعا، السويد عضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة التي وضعت تعريفا دقيقا و واضحا لخطاب الكراهية و التي حددته في أنه " أي نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية، بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية ، و بعبارة أخرى على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق او اللون أو النسب أو النوع الاجتماعي ، أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية " و وافقت الحكومة السويدية على هذا التعريف و باركته ، كما صادقت بصفتها عضوا في منظمة الأمم المتحدة في سنة 2021 على تحديد تاريخ 18 يونيو من كل سنة للاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية .و بمناسبة الاحتفاء بالطبعة الأولى لهذا اليوم العالمي قال الأمين العام للأمم المتحدة و هو ينتصر لمناهضة خطاب الكراهية " إن خطاب الكراهية كجرس إنذار ، كلما تعالى صوته ، زاد خطر الإبادة الجنائية ، إنه يسبق العنف و يعززه " .
ليس هذا فقط بل أن جميع المواثيق و المعاهدات الدولية التي وافق عليها المجتمع البشري تحظر خطاب الكراهية و تفصله عن الحق في ممارسة حرية التعبير ، كما هو عليه الحال بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ميثاق الأمم المتحدة ، و بالتالي فإن الحكومة السويدية التي أكدت من خلال عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة التزامها باحترام ما يصدر عن هذه المنظمات من قرارات و مواقف ، تجد اليوم نفسها في وضع مناقض يحرجها كثيرا و لا يمكنها تبريره .
الإشكال ليس في السويد ، و لا هي قضية سويدية يمكن لحكومة هذا البلد أن تحد من اقتراف مثل هذه الأفعال التي تندرج في صلب خطاب الكراهية و التحريض على العنف و ازدراء الأديان .بل الإشكال الحقيقي يكمن في اعتبار اقتراف مثل هذه الأفعال الخطيرة ، و ربطها قسرا بحرية التعبير حقا أصليا للفرد و للجماعة في فهم و ثقافة الدول الغربية .و هذا ما يتضح من دعوة الولايات المتحدة و دول الاتحاد الأوروبي و بريطانيا ، إلى التصويت ضد قرار الأمم المتحدة المصادق عليه أخيرا ، والذي اعتبر (حرق المصحف سواء في السويد أو في حوادث مشابهة هدفه التعبير عن الإزدراء و إثارة الغضب و الخلافات) بمبرر أن الأمر يتعلق بحرية التعبير . بما يعني أننا لسنا أمام حالة معزولة ناتجة عن تصرف طائش لشخص تافه ، لم يجد سبيلا للتعريف بنفسه غير اقتراف فعل مشين و مخالف للمواثيق الدولية ، بل إن الأمر يتعلق بإرادة جماعية للإساءة إلى دين معين ، بما يتيح ، و يشرع القول بوجود حرب غربية ضد هذا الدين.
هل يمكن مثلا أن نبرر الأفعال الإرهابية التي يقترفها إرهابيون باسم الإسلام، أنها تندرج في إطار حرية التعبير؟ لأن المقصود من كل عملية إرهابية ليسوا الضحايا في حد ذاتهم، بل الهدف من كل عملية ارهابية يتمثل أساسا في رسالة معينة يريد الإرهابي إيصالها إلى المجتمع، بمعنى أنه يستخدم الجريمة الإرهابية وسيلة للتعبير عن الرأي وعن الموقف.
ثم أليس اقتراف جريمة ازدراء الدين الإسلامي و احتقار المسلمين و إذلالهم بالمس بعقيدتهم، يعطي للإرهابيين مبررا يجد صداه في أعماق المسلمين في كافة أرجاء العالم، خصوصا لدى البسطاء منهم، في اقتراف مزيد من الجرائم الإرهابية، في إطار ما يمكن أن يفهم منه ردة فعل و دفاع شرعي عن النفس؟
ومهم أن نسجل في هذا الصدد، أن التصرفات المشينة المتمثلة في حرق القرآن الكريم أو تعمد الدوس عليه، أو إطلاق العنان لتعابير مسيئة في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في البرلمانات الأوروبية و في الفضاءات الأوروبية العامة ، تتزامن دوما مع تراجع الحديث عن العمليات الإرهابية التي يقترفها محسوبون على الإسلام ، مما يفهم منه أن هناك في الغرب من يتعمد الحفر في هذا الجرح من خلال اقتراف تصرفات مشينة بهدف إعادة الحياة للعمليات الإرهابية ، و كأن الأمر يتعلق بتحريض مباشر و صريح على ارتكاب الأفعال الإرهابية .
بقي أن نسائل الحكومة السويدية و القضاء السويدي، و من خلالهما جميع الأوساط الغربية التي تسمح و تأذن بحرق القرآن الكريم أو الدوس عليه أو تمزيقه بمبرر احترامها لحرية التعبير، و بأنها لا يمكنها أن تحاكم النوايا، عما إذا كانت تسمح بنفس الطريقة و بنفس الإرادة و الحرص بارتكاب تصرف أو فعل قد يفهم منه معاداة السامية مثلا؟
أترك لهم الجواب، وإن كنت على علم مسبق به.
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي تأذن فيها حكومة السويد لشخص باقتراف فعل شنيع يحرض على الكراهية والعنف ويزدري الأديان. فقد سبق للحكومة السويدية السابقة أن سمحت بذلك، وقبلها لم تتردد الحكومة الدانماركية في الترخيص باقتراف نفس الفعل الإجرامي. والمبرر كما رددت ذلك الحكومة السويدية غير ما مرة، أن الأمر يتعلق ب (ممارسة حرية التعبير) و يبدو أنها تستند في ذلك إلى حكم قضائي صادر عن القضاء السويدي أفتى في أن (الشرطة لا يمكنها منع حرق الكتب المقدسة) .
طبعا، اختفاء الحكومة السويدية و القضاء السويدي في حرية التعبير في الإذن و السماح باقتراف أفعال تكتسي طابع الخطورة، لأنها تحرض على العنف و الكراهية و تتعمد ازدراء الأديان ، لم يتوفق في إلغاء المسؤولية المباشرة للحكومة السويدية فيما حدث ، مما وضعها في مواجهة ردود فعل غاضبة جدا من طرف عدد كبير من الدول و المنظمات الدولية، و أصبحت في ضوء كل ذلك هذه الحكومة ، المسؤولة المباشرة بصفتها المرخصة باقتراف هذه الأفعال الشنيعة .
طبعا، السويد عضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة التي وضعت تعريفا دقيقا و واضحا لخطاب الكراهية و التي حددته في أنه " أي نوع من التواصل الشفهي أو الكتابي أو السلوكي الذي يهاجم أو يستخدم لغة ازدرائية أو تمييزية، بالإشارة إلى شخص أو مجموعة على أساس الهوية ، و بعبارة أخرى على أساس الدين أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق او اللون أو النسب أو النوع الاجتماعي ، أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية " و وافقت الحكومة السويدية على هذا التعريف و باركته ، كما صادقت بصفتها عضوا في منظمة الأمم المتحدة في سنة 2021 على تحديد تاريخ 18 يونيو من كل سنة للاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية .و بمناسبة الاحتفاء بالطبعة الأولى لهذا اليوم العالمي قال الأمين العام للأمم المتحدة و هو ينتصر لمناهضة خطاب الكراهية " إن خطاب الكراهية كجرس إنذار ، كلما تعالى صوته ، زاد خطر الإبادة الجنائية ، إنه يسبق العنف و يعززه " .
ليس هذا فقط بل أن جميع المواثيق و المعاهدات الدولية التي وافق عليها المجتمع البشري تحظر خطاب الكراهية و تفصله عن الحق في ممارسة حرية التعبير ، كما هو عليه الحال بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ميثاق الأمم المتحدة ، و بالتالي فإن الحكومة السويدية التي أكدت من خلال عضويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة التزامها باحترام ما يصدر عن هذه المنظمات من قرارات و مواقف ، تجد اليوم نفسها في وضع مناقض يحرجها كثيرا و لا يمكنها تبريره .
الإشكال ليس في السويد ، و لا هي قضية سويدية يمكن لحكومة هذا البلد أن تحد من اقتراف مثل هذه الأفعال التي تندرج في صلب خطاب الكراهية و التحريض على العنف و ازدراء الأديان .بل الإشكال الحقيقي يكمن في اعتبار اقتراف مثل هذه الأفعال الخطيرة ، و ربطها قسرا بحرية التعبير حقا أصليا للفرد و للجماعة في فهم و ثقافة الدول الغربية .و هذا ما يتضح من دعوة الولايات المتحدة و دول الاتحاد الأوروبي و بريطانيا ، إلى التصويت ضد قرار الأمم المتحدة المصادق عليه أخيرا ، والذي اعتبر (حرق المصحف سواء في السويد أو في حوادث مشابهة هدفه التعبير عن الإزدراء و إثارة الغضب و الخلافات) بمبرر أن الأمر يتعلق بحرية التعبير . بما يعني أننا لسنا أمام حالة معزولة ناتجة عن تصرف طائش لشخص تافه ، لم يجد سبيلا للتعريف بنفسه غير اقتراف فعل مشين و مخالف للمواثيق الدولية ، بل إن الأمر يتعلق بإرادة جماعية للإساءة إلى دين معين ، بما يتيح ، و يشرع القول بوجود حرب غربية ضد هذا الدين.
هل يمكن مثلا أن نبرر الأفعال الإرهابية التي يقترفها إرهابيون باسم الإسلام، أنها تندرج في إطار حرية التعبير؟ لأن المقصود من كل عملية إرهابية ليسوا الضحايا في حد ذاتهم، بل الهدف من كل عملية ارهابية يتمثل أساسا في رسالة معينة يريد الإرهابي إيصالها إلى المجتمع، بمعنى أنه يستخدم الجريمة الإرهابية وسيلة للتعبير عن الرأي وعن الموقف.
ثم أليس اقتراف جريمة ازدراء الدين الإسلامي و احتقار المسلمين و إذلالهم بالمس بعقيدتهم، يعطي للإرهابيين مبررا يجد صداه في أعماق المسلمين في كافة أرجاء العالم، خصوصا لدى البسطاء منهم، في اقتراف مزيد من الجرائم الإرهابية، في إطار ما يمكن أن يفهم منه ردة فعل و دفاع شرعي عن النفس؟
ومهم أن نسجل في هذا الصدد، أن التصرفات المشينة المتمثلة في حرق القرآن الكريم أو تعمد الدوس عليه، أو إطلاق العنان لتعابير مسيئة في حق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في البرلمانات الأوروبية و في الفضاءات الأوروبية العامة ، تتزامن دوما مع تراجع الحديث عن العمليات الإرهابية التي يقترفها محسوبون على الإسلام ، مما يفهم منه أن هناك في الغرب من يتعمد الحفر في هذا الجرح من خلال اقتراف تصرفات مشينة بهدف إعادة الحياة للعمليات الإرهابية ، و كأن الأمر يتعلق بتحريض مباشر و صريح على ارتكاب الأفعال الإرهابية .
بقي أن نسائل الحكومة السويدية و القضاء السويدي، و من خلالهما جميع الأوساط الغربية التي تسمح و تأذن بحرق القرآن الكريم أو الدوس عليه أو تمزيقه بمبرر احترامها لحرية التعبير، و بأنها لا يمكنها أن تحاكم النوايا، عما إذا كانت تسمح بنفس الطريقة و بنفس الإرادة و الحرص بارتكاب تصرف أو فعل قد يفهم منه معاداة السامية مثلا؟
أترك لهم الجواب، وإن كنت على علم مسبق به.