قطاع ترحيل الخدمات يعزز صلابة الاقتصاد المغربي ويمنح المغرب الريادة قاريا
تحويلات مغاربة العالم فاقت كل التوقعات بغلاف 225 مليار درهم خلال سنتين
إرادة سياسية قوية للرفع من أرقام معاملات الصادرات الوطنية تتجلى أساسا في تخصيص قطاع للتجارة الخارجية في الهيكلة الحكومية الجديدة
*العلم: سمير زرادي*
كشف عزيز أخنوش رئيس الحكومة بأن قطاع التجارة الخارجية جعل المغرب نموذجا رائدا في شمال إفريقيا والعالم العربي، بالرغم من كل الظروف الصعبة التي عرفتها بلادنا على غرار باقي دول العالم، مؤكدا بأن المغرب أضحى ورشا اقتصاديا وتجاريا مفتوحا على المستويين الإقليمي والدولي، بفضل توجهه نحو مشاريع استراتيجية، أساسها بناء اقتصاد تنافسي، جعل المملكة قطبا جذابا للاستثمارات الأجنبية وجسرا محوريا بين جميع القارات والدول.
وسجل خلال جلسة المساءلة الشهرية يومه الإثنين 04 نونبر، بمجلس النواب بأن الحكومة بذلت مجهودات إضافية لتقوية التجارة الخارجية وتعزيز الصادرات الوطنية كرافعة للنمو والتنمية، والحد من خطورة تداعيات الصراعات الجيوسياسية وتأثيرها على الإمدادات الحيوية وسلاسل التوريد العالمية، وارتفاع منسوب المخاطر البيئية والتقلبات المناخية، وأساسا استغلال فرص الاستقرار السياسي والماكرو اقتصادي للمغرب، والحفاظ على أكبر قدر ممكن من مناصب الشغل ببلادنا، وضمان صمود المقاولة المغربية في وجه التقلبات الظرفية وحماية قدرتها التنافسية.
المغرب منصة صناعية للشركات المغربية والعالمية
واستنادا إلى استراتيجية تعزيز العلاقات مع الشركاء التقليديين والانفتاح على أسواق جديدة، تحول المغرب إلى منصة حقيقية للتبادل التجاري، وإقامة شراكات رابح-رابح على المستويين الإقليمي والدولي، وتسهيل عملية الاستثمارات الأجنبية، وتحرير المبادلات التجارية، وتقوية مكانة المغرب كفضاء إقليمي للتصنيع والتصدير لعدد كبير من الشركات الوطنية والعالمية.
وأمام صلابة الاقتصاد الوطني وتدابير التحكم في مؤشرات التضخم وعجز الميزانية وحجم المديوينة الخارجية، فقد تمكنت الصادرات المغربية من مواصلة مسارها التصاعدي بقيمة إجمالية تقدر بــ 331.5 مليار درهم إلى متم شتنبر 2024 بزيادة % 5.3، أي +16.8 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023.
وذلك راجع بالأساس حسب رئيس الحكومة إلى ارتفاع الطلب على المنتجات المغربية في الأسواق الدولية، وبفعل الإمكانات الهائلة التي بات يوفرها قطاع صناعة السيارات وقطاع صناعة الطيران ببلادنا.
فقد كانت سنة 2023 حسب تعبيره سنة استثنائية بالنسبة لقطاع السيارات الذي يجسد التفوق المغربي، حيث استعاد مكانته الريادية كأول قطاع تصديري، تجاوزت صادراته سنة 2023 معدل 28%، بزيادة تقارب 33 مليار درهم مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2022، كما تم تسجيل ارتفاع مهم في نسبة صادرات السيارات خلال الــ 9 أشهر الأولى من سنة 2024 بنسبة حوالي 7% لتصل إلى 115.4 مليار درهم.
أما صادرات صناعة الطيران فقد حققت نتائج مرجعية تبعث على الارتياح، بعدما سجلت زيادة مهمة بلغت نسبة 3.8% بقيمة 841 مليون درهم سنة 2023.
كما واصلت صادرات القطاع مسارا تصاعديا بزيادة قدرها 20% مع نهاية شهر شتنبر 2024، ويعزى هذا التطور الإيجابي إلى ارتفاع مبيعات فئة التجميع بــ 31%، لتصل إلى 12.9 مليار درهم، وكذا مبيعات نظام ربط الأسلاك الكهربائية.
تنوع في سلة الصادرات
وبخصوص صادرات الفوسفاط ومشتقاته فقد شهدت انتعاشا ملموسا بلغ 60 مليار درهم خلال الفترة الممتدة ما بين (يناير- شتنبر 2024) بزيادة 11.3% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، مما يُظهر التطور الذي تعرفه سلّة الصادرات للاقتصاد المغربي وتوجهه نحو مزيد من التنوع والتركيب وهو ما يعد محركا قويا للتنمية على المدى الطويل، كما أن التركيز على تصدير المنتجات التحويلية التي يصعب استبدالها، مثل السيارات أو الطيران أو المنتجات المشتقة من الفوسفاط، يعزز استدامة وقوة الصادرات المغربية.
وبدوره تمكن قطاع النسيج والألبسة من تحقيق ارتفاع مهم فاق 5% بزيادة 2.2 مليار درهم لتبلغ قيمته الإجمالية أزيد من 46 مليار درهم سنة 2023.
كما شهد قطاع الإلكترونيك نموا في صادراته بلغت نسبة +21% بحوالي 3.2 مليار درهم، وهو تطور يرجع بالأساس إلى ارتفاع مبيعات المكونات الإلكترونية.
وبالموازاة مع هذه الحصيلة الإيجابية للصادرات المغربية خلال السنوات الماضية، واصلت الحكومة تبعا للمعطيات الذي تقاسمها رئيس الحكومة مع أعضاء مجلس النواب التحكم في مستويات معقولة للواردات، حيث عرفت استقرارا نسبيا ببلوغ ما مجموعه 554 مليار درهم مقابل 528.9 مليار درهم خلال 9 أشهر الأولى من السنة الماضية.
فقد تراجعت واردات المغرب من المواد الطاقية ب6 بالمائة عند نهاية شهر شتنبر2024، بفضل انخفاض الطلب على مواد الفحم بـــ 28-%، وانخفاض إمدادات غاز البترول والمواد الهيدروكربونية بــــ 15.2-%، كما تم تسجيل انخفاض مهم في واردات الزيوت ب 1.5 مليار درهم، مقابل ذلك سُجل ارتفاع في واردات الأدوية والمواد الصيدلية بنسبة 16.6%.
اهتمام دولي كبير بعرض المغرب حول الهيدروجين الأخضر
وفيما يرتبط بالاستثمارات الأجنبية بالمغرب، فقد ذكر رئيس الحكومة بأن التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 شهدت مداخيل صافية بلغت 16.3 مليار درهم بارتفاع يقدر بــ 50.7% مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، التي عرفت تراجعا في هذه المداخيل على غرار كل دول العالم خاصة الدول الإفريقية، لافتا إلى التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاستثمارية المهمة أبرزها المشروع الهام لمنظومة صناعة البطاريات الكهربائية والذي يعد الأول من نوعه بالمغرب، بقيمة استثمارية تقدر بملايير الدراهم، حيث من المرتقب أن يساهم هذا المشروع الرائد في خلق أزيد من 2.500 فرصة عمل، فضلا عن توقيع مذكرة تفاهم مع أحد الفاعلين الدوليين لإحداث أول مصنع في إفريقيا لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة بالمغرب بقيمة استثمارية تناهز 65 مليار درهم،
وهو ما سيساهم في خلق 25.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.
كما أطلقت الحكومة "عرض المغرب" لتطوير الهيدروجين الأخضر الذي يشكل عرضا تنافسيا وتحفيزيا في هذا المجال، بمقاربة شمولية وشفافة ورؤية واضحة أمام المستثمرين، حيث تلقت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة MASEN ما يقارب 40 طلبا من جميع أنحاء العالم (أمريكا، أوروبا، آسيا، أستراليا ومن المغرب كذلك)، تغطي بالخصوص الأقاليم الجنوبية.
مساهمة مواطنة لمغاربة العالم
ولم يفت رئيس الحكومة بهذه المناسبة استحضار المساهمة المواطنة لمغاربة العالم في الرفع من مستويات الإيرادات الخارجية خلال الثلاث سنوات الماضية، إذ سجلت تحويلات مغاربة العالم مستويات قياسية فاقت كل التوقعات المنتظرة، حيث تم تحويل ما مجموعه 115 مليار درهم سنة 2023 مقابل 110 مليار درهم سنة 2022 بارتفاع قدره 4.1%.
وخلال التسعة أشهر الأولى من سنة 2024 استمر منحى الارتفاع في التحويلات بنسبة 5.2% مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023 لتبلغ 91.5 مليار درهم.
المنحى الإيجابي بصم كذلك على نتائج غير مسبوقة في قطاع ترحيل الخدمات، حيث بلغ حجم صادراته 18 مليار درهم سنة 2023، بارتفاع نسبته 14% بالمقارنة مع سنة 2022، بوأت المغرب المرتبة الثانية على صعيد إفريقيا في هذا المجال.
وبفضل هذه الأرقام، حقق ميزان الخدمات فائضا بلغ 133 مليار درهم في عام 2023، مقابل 116 مليار في عام 2022.
ونتيجة لهذا الأداء المتميز لكل القطاعات الإنتاجية والخدماتية، فقد تحسن مستوى تغطية السلع والخدمات بشكل ملحوظ، من 80.8% خلال الفترة يناير-شتنبر 2019، إلى مستوى قياسي يفوق 82.9% خلال نفس الفترة من 2023 و2024، وهو أفضل أداء منذ سنة 2003.
نتيجة تضافر هذه النجاحات، حقق المغرب إنجازا تاريخيا خلال سنة 2023، حيث تراجع عجز الحساب الجاري إلى مستوى قياسي، بالإضافة إلى عجز الميزانية، وتراجع حجم المديونية إلى ما دون 70% بعدما تجاوزت نسبة 72% من الناتج الداخلي الخام خلال الفترات السابقة، مع العلم أن حجم المديونية ارتفع بمقدار 20% ما بين 2011 و2020.
وتابع السيد عزيز اخنوش عرضه بالتأكيد على أن الأثر الإيجابي للجهود الحكومية ساهم في تحسن مستويات التصنيف الائتماني للمغرب، والذي بموجبه حافظ المغرب على آفاقه الإيجابية وفق تقرير وكالة "ستاندرز أند بورز".
مسؤولية سياسية للحكومة لمواجهة صعوبات الظرفية
وقال في ختام تدخله "الحكومة واجهت بكل مسؤولية مختلف الإكراهات والصعوبات الظرفية الوطنية والدولية، كما تمكنت من تحسين كل المؤشرات التجارية والماكرو اقتصادية مقارنة مع عدد من البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وعلى الرغم من كل النجاحات المحققة، لا تزال إرادتنا السياسية قوية للرفع من أدائنا دوليا، والرفع من أرقام معاملات الصادرات الوطنية.
هذه الإرادة التي تجسدت من خلال تخصيص قطاع للتجارة الخارجية في الهيكلة الحكومية الجديدة، سيعمل بتعاون وتنسيق مع القطاعات المعنية، وعلى رأسها قطاعا الخارجية والاستثمار، على بلورة تصور جديد يتلاءم وطموحنا الحكومي في هذا المجال.
بشكل سيكون له الأثر الإيجابي على القيمة المضافة للاقتصاد الوطني وخلق فرص الشغل، باعتبارها أولوية وطنية نحن مسؤولون على تنزيلها بشكل لا يقبل التأخير".