العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي /ت. نضال
خلال انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بمدينة تمارة، ألقى الأستاذ عبد الله البقالي مبعوث اللجنة التنفيذية للحزب، خطابا شاملا تناول فيه مختلف القضايا الوطنية والدولية والتنظيمية، حيث انطلقت من الإشادة بالمقاومة الفلسطينية، مرورا بالتحديات التنظيمية الداخلية للحزب، وصولا إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. مقدما بذلك عرضا سياسيا حافلا بالتفاصيل والرؤى النقدية لتطورات المرحلة، مع استحضار الإنجازات الملكية داخليا وخارجيا والتركيز على التحديات التي تواجه الحزب والمجتمع المغربي.
خلال انعقاد المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بمدينة تمارة، ألقى الأستاذ عبد الله البقالي مبعوث اللجنة التنفيذية للحزب، خطابا شاملا تناول فيه مختلف القضايا الوطنية والدولية والتنظيمية، حيث انطلقت من الإشادة بالمقاومة الفلسطينية، مرورا بالتحديات التنظيمية الداخلية للحزب، وصولا إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب. مقدما بذلك عرضا سياسيا حافلا بالتفاصيل والرؤى النقدية لتطورات المرحلة، مع استحضار الإنجازات الملكية داخليا وخارجيا والتركيز على التحديات التي تواجه الحزب والمجتمع المغربي.
القضية الفلسطينية في صلب العرض السياسي
افتتح عبد الله البقالي عرضه بالتأكيد على دعمه الكامل للمقاومة الفلسطينية في غزة، مشيرا إلى التواطؤ الدولي الواضح في الجرائم الإنسانية التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، مشيدا برسالة الملك محمد السادس الموجهة إلى المسؤول الأممي عن وكالة "الأونروا"، والتي أعادت التأكيد على الموقف المغربي الثابت من القضية الفلسطينية.
وأشار البقالي إلى أن الشعب المغربي عبّر عن تضامنه مع الفلسطينيين من خلال آلاف المسيرات الحاشدة في مختلف المدن المغربية منذ أول يوم من طوفان الأقصى، داعي2ا إلى الوحدة الداخلية بين جميع الفصائل الفلسطينية، باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق التحرير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
إنجازات الحزب التنظيمية ودورة جديدة من التعبئة الشاملة
انتقل مبعوث اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بعدها مباشرة للحديث عن المسار التنظيمي للحزب، موضحا أن انعقاد 86 دورة عادية للمجالس الإقليمية بكل أرجاء المملكة وفي فترة وجيزة، دليل ملموس وقاطع للشكوك على قدرة الحزب التنظيمية المتينة، خصوصا بعد نجاح المؤتمر الثامن عشر، وتجاوزه للخلافات الداخلية، مشددا على أن "الحزب الموحد والمتجذر قادر على مواجهة كل التحديات السياسية والتنظيمية كيفما كانت… ".
كما أشار إلى أن انعقاد المجلس الإقليمي بتمارة كباقي المجالس التي انعقدت يأتي في سياق بداية مرحلة جديدة من العمل السياسي والتنظيمي تمتد على مدى عام كامل، تهدف إلى تعزيز التواصل مع المواطنين وتجديد هياكل الحزب وبعث روح التحفيز على العمل المتواصل والمستدام من خلال مقاربة شمولية تخدمة مصلحة الوطن والمواطن.
الدولة الاجتماعية بين الرهانات والإنجازات
في الجانب الاقتصادي والاجتماعي، تناول البقالي مشروع الدولة الاجتماعية الذي يشرف عليه الملك محمد السادس، مشيرا إلى أنه يهدف إلى تقليص الفوارق الطبقية الحادة وتحسين ظروف عيش الفئات الفقيرة، والنهوض بمستواها المعيشي في كل مناحي الحياة.
واعتبر أن المشروع يعد خطوة تاريخية ونقلة نوعية كبيرة تشهدها المملكة، لكنه شدد على ضرورة معالجة الاختلالات في تنزيله، خصوصا هشاشة البنية الإدارية التي تحول دون تحقيق الأهداف الكبرى للمشروع، قائلا: "لا يمكن لإدارة تعاني من العطب أن تدير مشروعا ضخما بحجم الدولة الاجتماعية".
وأشاد عضو اللجنة التنفيذية للحزب بمبادرات الحكومة لدعم القدرة الشرائية، مثل دعم صندوق المقاصة وزيادة أجور بعض الفئات، لكنه انتقد غياب الآليات الفعالة لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، موضحا أن التحديات تتطلب إصلاحا شاملا لسلاسل الإنتاج والتوزيع في المغرب، محذرا من تأثير الوسطاء على الأسعار، كما حدث في أزمة ارتفاع أسعار الأضاحي المواسم الماضية.
التحديات الاجتماعية تبعث بمؤشرات مقلقة
وعبّر البقالي عن قلقه من تنامي مظاهر القلق الاجتماعي والعنف، مشيرا إلى أحداث الفنيدق الأخيرة كدليل على خطورة المرحلة، مضيفا أن ارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية يكشف بالملموس عن شعور الشباب المغربي بالإحباط والنفور من الواقع المعاش، مما يستدعي دراسة عميقة للأسباب الاجتماعية والنفسية لتفشي هذه الظاهرة بين أوساط الشباب، واستسهالهم لهذه الحلول السوداء.
كما شدد على ضرورة وضع استراتيجية وطنية شاملة للإدماج الاجتماعي، مؤكدا أن التحديات الراهنة تتطلب يقظة من الطبقة السياسية وابتعادها عن الخطابات الشعبوية.
الإصلاح السياسي وضرورة تقوية المؤسسات
وفي الشأن السياسي، انتقد البقالي ضعف المؤسسات الحزبية والبرلمانية، معتبرا أن قوة النظام السياسي ترتبط مباشرة بقوة الأحزاب والنقابات، داعيا إلى تعزيز مصداقية المؤسسات الدستورية من خلال تقوية دور الأحزاب في إنتاج الأفكار والبدائل السياسية، مشيرًا إلى أن "حزب الاستقلال"، رغم ما يواجهه من تحديات، يظل حزبا مرجعيا يمتلك رؤية واضحة للتغيير.
وأكد مبعوث اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن الأحزاب مطالبة بتجاوز حالة الركود والانتهازية التي باتت تسيطر على بعض الفاعلين السياسيين، مشددا على أن حزب الاستقلال يبقى نموذجا للنواة القوية التي تسهم في استقرار النظام السياسي بالمغرب.
وجدد البقالي التأكيد على التزام حزب الاستقلال بمواصلة العمل السياسي والتنظيمي وفق رؤية شاملة تتماشى مع تطلعات الشعب المغربي، مضيفا أن الحزب سيظل في طليعة القوى المدافعة عن الدولة الاجتماعية، ومشددا على أن التحديات تتطلب تضامنًا وطنيًا حقيقيًا بين مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين.
مقاربة متوازنة للسياسة المغربية نحو تحقيق الوحدة والتنمية في الأقاليم الجنوبية
في سياق المستجدات السياسية والدبلوماسية، أكد البقالي المؤشرات المتعددة التي تعكس تنامي التفهم الدولي للحقوق المشروعة للشعب المغربي، خصوصًا فيما يتعلق بوحدة الأراضي المغربية وقضية الصحراء.
وفي هذا الصدد، أشار إلى التحول الجذري في قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، موضحا أن القرارات الأممية لم تعد تتحدث عن "الاستفتاء" أو "تقرير المصير" بصيغتها التقليدية، بل باتت تدعو إلى حلول سياسية مستدامة ومقبولة من جميع الأطراف، مع الإشادة بالجهود التي يبذلها المغرب في هذا الإطار.
وأضاف المتحدث أن هذا التحول يمثل موقفا داعما لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، حيث باتت لغة القرارات الأممية أقرب إلى الرؤية المغربية القائمة على مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الحل الواقعي الوحيد القابل للتنزيل على أرض الواقع
الاعتراف الدولي المتنامي بمغربية الصحراء وسحب الاعتراف بجبهة البوليساريو
من أبرز المؤشرات الداعمة لموقف المغرب، أشار البقالي إلى اعتراف الدول الكبرى بمبادرة الحكم الذاتي، لاسيما مواقف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا وافتتاح عدد كبير من القنصليات العامة بكل من العيون والداخلة، لكنه شدد على أهمية الموقف الفرنسي والإسباني، باعتبارهما الدولتين اللتين كان لهما تاريخ استعماري مباشر في المنطقة، وهما على دراية بالحقائق التاريخية والجغرافية التي تؤكد مغربية الصحراء.
ووفق البقالي فإن هذه المواقف تكتسي أهمية بالغة، خاصة أن فرنسا وإسبانيا تضطلعان بدور حيوي في الاتحاد الأوروبي، مما يعزز مكانة المغرب في المحافل الدولية ويؤكد عدالة قضيته. كما أشار البقالي إلى ضرورة استثمار الوثائق التاريخية التي تثبت مغربية الصحراء وتقديمها بشكل متكامل لدعم الموقف الوطني، مسلطا الضوء على العبء الكبير الذي سيحمله الباحثون المغاربة لاستخراج الحقائق الدامغة والغميسة من خلال مئات الآلاف من الوثائق الأرشيفية التي استعادتها المملكة مؤخرا من السلطات الفرنسية.
كما استعرض المسؤول الحزبي سلسلة النجاحات الدبلوماسية المغربية في دفع الدول لسحب اعترافها بـ"الجمهورية الوهمية". وأبرز في هذا السياق قرار دولة بنما الأخير، التي تُعد من أقدم الدول التي اعترفت بجبهة البوليساريو، بسحب اعترافها، معتبرا أن هذا القرار يشكل انتصارا تاريخيا للمغرب، ويعكس الجهود المكثفة للدبلوماسية المغربية في تعزيز التأييد الدولي لمغربية الصحراء. كما أن ارتفاع عدد الدول التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي المغربي يعكس التحول الإيجابي على الصعيد العالمي تجاه القضية.
النهضة التنموية في الأقاليم الجنوبية والجهود الدبلوماسية الفعالة
كما تحدث البقالي بإسهاب عن التحول الكبير الذي شهدته الأقاليم الجنوبية بفضل جهود التنمية الشاملة التي أطلقها جلالة الملك وتجندت لها كل المملكة، مشيدا بدور السكان المحليين الذين أصبحوا طرفا أساسيا في مواجهة الأطروحات الانفصالية، فضلا عن مشاركتهم الفاعلة في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي جودت من المستوى المعيشي للفرد، وحولت المنطقة إلى نموذج يحتذى به إفريقيا ودوليا.
وأكد أن التنمية في الأقاليم الجنوبية تفوق بكثير ما يمكن أن تجده في بعض الدول المجاورة، حيث تم تطوير بنية تحتية متقدمة تشمل المدارس والمستشفيات والمكتبات والملاعب الرياضية والربط الطرقي والجوي والبحري، مشيرا إلى وجود أكثر من 100 ملعب رياضي في مدينة العيون وحدها، مما يبرز رؤية الدولة لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة في المنطقة.
وأوضح البقالي أن المغرب نجح في المزج بين الجهود الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية لتحقيق وحدة وطنية شاملة، مؤكدا أن مؤشر جودة الحياة في الأقاليم الجنوبية شهد تحسنا ملحوظا بفضل الاستثمار في التعليم والصحة والتشغيل، مما يعزز من قدرة المغرب على مواجهة أي تحديات مستقبلية، مضيفا أن هذه الجهود تعكس التزام الدولة المغربية بتنمية كل جهاتها، حيث أصبح المواطن في الأقاليم الجنوبية شريكا أساسيا في بناء مغرب موحد ومستقر.
النظام الجزائري في مأزق مستمر يرقص رقصة "الديك المذبوح"
فيما يتعلق بالوضع في الجزائر، سلط البقالي الضوء على ما وصفه بـ"رقصة الديك المذبوح"، مع استمرار النظام الجزائري في استنزاف موارده الاقتصادية والسياسية في محاولات يائسة لعزل المغرب. وأشار إلى الميزانية الضخمة التي تخصصها الجارة الشرقية لدعم جبهة البوليساريو وتمويل الحملات الإعلامية ضد المغرب، مؤكدا أن هذه السياسات لم تحقق أي نتائج ملموسة، بل زادت من عزلتها الدولية وتعميق الهوة بينها وبين الشعب الجزائري الذي يرزح في الفقر رغم امتلاكه لثروات طاقية هائلة.
وأشار إلى أن الجزائر تعاني من "مرض مزمن اسمه المغرب"، حيث أصبحت وسائل إعلامها تركز بشكل مفرط على كل ما يتعلق بالمملكة المغربية صغيرة وكبيرة، في حين تغفل عن مشاكلها الداخلية وتطلعات شعبها.
واختتم البقالي عرضه بالتأكيد على أن الصحراء كانت وستظل جزءا لا يتجزأ من المغرب، وأن المغاربة يعيشون حياتهم بشكل طبيعي في أقاليمهم الجنوبية، مؤكدا أن مشروع الحكم الذاتي يمثل الحل الأمثل لتسوية النزاع المفتعل، ومشيرا إلى أن المغرب ماضٍ بثقة نحو تحقيق المزيد من المكاسب السياسية والتنموية.