ماذا قاله، إذن، البيان التهجمي البئيس؟ بلغة مرتبكة و غير واثقة، اتهم البيان المغرب ب "قصف قوافل تجارية على الحدود بين الجزائر وموريتانيا"، وادعى أن "المغرب حاول أن يستهدف خارج حدوده المعترف بها دوليا، رعايا من ثلاث دول في المنطقة". ثم سجل إدانة ل "عمليات الاغتيال الموجهة باستعمال أسلحة حربية متطورة من قبل المملكة المغربية، خارج حدودها المعترف بها دوليا، ضد مدنيين أبرياء رعايا ثلاث دول في المنطقة". طبعا، لم يقدم البيان أية معطيات ملموسة وموثقة، حول مكان و ملابسات الحادث المفترض الذي يتحدث عنه.
في ارتباط بالموضوع، صرح، يوم أمس، السيد محمد ماء العينين ولد أييه، الناطق الرسمي باسم حكومة دولة موريتانيا الشقيقة، أن "حادث القصف الذي وقع يوم الأحد الماضي، و أدى لسقوط ضحايا و جرحى، كان خارج الأراضي الموريتانية، وأن موريتانيا ليست مستهدفة به". و لم يربط المسؤول الموريتاني، لا من قريب و لا من بعيد، بين الحادث المفترض و بين بلادنا. و بالتالي، من خلال نص البيان، و مما قاله الناطق الرسمي باسم حكومة دولة موريتانيا الشقيقة، نفهم أن "حادثا ما" قد وقع في مكان ما، في سياق ما و بطريقة ما، دون معلومات إضافية توضح الصورة أكثر. و عليه، في غياب معلومة رسمية عن الجهات المختصة في بلادنا، نحن إزاء ما يمكن تسميته بلا حدث و لا موضوع.
وسيبقى السؤال المعلق هو: إذا كانت دولة موريتانيا التي تقع في جنوب و جنوب شرق حدود المملكة المغربية، كما هو واضح في الخريطة، تقول بأن الحادث المفترض لم يقع فوق ترابها الوطني، و بيان وزارة خارجية الدولة التي تقع شرق المملكة المغربية، لم يقل أن الحادث المفترض قد وقع فوق أراضيها، فأين وقع بالضبط ذلك الحادث الذي يشير إليه البيان؟ و ستظل الكرة في ملعب أصحاب البيان التهجمي الذين عليهم أن يأتوا بالبينة على ما يدعونه، و أن ينشروا ما لديهم من معطيات تبرر ملابسات ما يتحدثون عنه لنفهم سر الربط بين بلادنا و بين حادث مفترض يدعون أنه وقع خارج حدودنا الدولية.
و إلى أن يخبرنا أصحاب البيان، في أي مكان قد جرى ما جرى؟ و كيف حدث ما حدث؟ و لماذا؟ تظل الحقيقة الوحيدة على الأرض هي أن كامل تراب الصحراء المغربية يقع بامتياز تحت سيادة الدولة المغربية، و كل من تجرأ و حاول العبور إليها، أو المرور عبرها في اتجاه معين، دون إذن من السلطات المغربية، هو بموجب القانون الدولي معتد على التراب الوطني للمملكة، يحتمل صفة متسلل يقوم بأنشطة مشبوهة، أو صفة إرهابي يتصيد فرص تنفيذ جرائمه، أو صفة حامل سلاح يترصد للقيام بمحاولة اعتداء. و بمقتضى مقتضيات القانون الدولي نفسه، لا مفر من الرد عليه من خلال قواعد دفاعية صارمة تضبطها جيدا قواتنا المسلحة الملكية الباسلة، التي لا و لن تتردد في إثبات ذلك كلما لزم الأمر.
بالتالي، الأولى لمن أصدروا البيان التهجمي أن يستوعبوا حقيقية أن المغرب في صحرائه و الصحراء في مغربها، و أن الاستمرار في التحريض ضد بلادنا بغرض خلق الفتنة هو بؤس أخلاقي مطلق، و دفع لأزلام الانفصال إلى انتحار حقيقي على أرض الصمود المغربي حيث يرابط أبناء قواتنا المسلحة الملكية الأبطال.
المغرب أكد، غير ما مرة، أن قواعد اللعبة تغيرت بشكل لا رجعة فيه، و أنه لا مجال لأي مساس بسلامة وبحرمة أراضي الصحراء المغربية. لذلك، الأولى لجيراننا من جهة الشرق، أن يكفوا عن التآمر على مستقبل الأجيال وحقها في التنمية والتقدم، وأن يوقفوا ما هم فيه من عبث و إضاعة للحبر في كتابة بيانات لا يعبأ بما فيها أحد، لأن المغرب كبير على العابثين وسالات الهضرة.
الكاتب يونس التايب