
العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي
عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي مؤتمرا صحفيا تناول فيه موقف بلاده من الحرب الروسية الأوكرانية، مؤكدا استمرار دعم باريس لكييف، سواء على المستوى السياسي أو العسكري.
وكشفت تصريحات ماكرون عن تصعيد في نبرة المواجهة بين فرنسا وروسيا، خصوصا فيما يتعلق بمسألة إرسال "قوات حفظ السلام" الأوروبية إلى أوكرانيا، الأمر الذي ترفضه موسكو معتبرة أن أي تدخل أوروبي في الصراع الدائر بين موسكو وكييف ومحاولات دعم الأخيرة بشكل أو بآخر هو إعلان صريح بمعاداة روسيا وستعمل موسكو على مواجهته عسكريا وبشكل مباشر.
وقد أكد ماكرون في تصريحاته، أن بلاده ستواصل تقديم الدعم العاجل لأوكرانيا متجاهلا تهديدات بوتين، ومشددا على أن هذا الدعم يشمل جميع الجوانب الضرورية لتعزيز قدرة الجيش الأوكراني على الصمود في وجه الهجمات الروسية.
كما أشار الرئيس الفرنسي إلى أن باريس إلى جانب لندن، تقود مقترح تشكيل قوات أوروبية لدعم أوكرانيا، وهو ما وصفه بالخطوة غير الخاضعة للإجماع الأوروبي، لكنها تظل ضرورية حسب تعبيره. هذه الخطوة، التي ترفضها موسكو بشدة، تبرز توجها فرنسيا نحو مزيد من التدخل في الملف الأوكراني، رغم أن ماكرون حاول التأكيد على أن هذا التحرك لا يهدف إلى استبدال القوات الأوكرانية على الجبهة، وإنما لتقديم دعم محدد في مناطق حساسة تحتاج إلى دعم أمني.
من جهتها، جددت روسيا اعتبارها أن أي تدخل عسكري أوروبي مباشر في أوكرانيا يعد تصعيدا خطيرا قد يؤدي إلى تداعيات غير محسوبة، فيما قد تثير تصريحات ماكرون بشأن تشكيل قوات أوروبية دون الحاجة إلى توافق أوروبي كامل مزيدا من التوترات بين باريس وموسكو، خصوصا في ظل رفض الأخيرة لأي تواجد عسكري أجنبي على الأراضي الأوكرانية.
من النقاط البارزة التي تطرق إليها ماكرون في مؤتمره الصحفي هو الدور الصيني في جهود السلام، حيث شدد على أهمية مشاركة بكين في البحث عن حلول دبلوماسية لإنهاء الحرب. وفي هذا السياق، كلف وزير الخارجية الفرنسي بإجراء محادثات مع المسؤولين الصينيين، معربًا عن أمله في أن تلعب الصين دورًا أكثر فعالية نظرًا لعلاقتها الوثيقة مع موسكو.
لم تغب التحديات الاقتصادية عن المؤتمر الصحفي، إذ سُئل ماكرون عن إمكانية تقديم مساعدات بملياري يورو لأوكرانيا دون التأثير على الوضع المالي الداخلي، لا سيما في ظل الدين العام المرتفع لفرنسا. ورغم تأكيده على التزام باريس بهذه المساعدات، لم يوضح الرئيس الفرنسي كيف ستتمكن الحكومة من تمويلها دون اللجوء إلى زيادة الضرائب أو تحميل الاقتصاد أعباء إضافية.
وأثار قرار فرنسي للاصطفاف الى جانب أوكرانيا ودعمها ماليا وعسكريا موجة سخط عارمة في الشارع الفرنسي، الذي بات يعيش مخاوف اندلاع حرب عالمية جديدة، في حال واصل مكرون سياسة دعم أوكرانيا، ونفذ بوتين تهديداته بمواجهتها، حيث ارتفعت أصوات شعبية في شوارع باريس مطالبة قصر الإليزيه العدول عن هذا القرار، والابتعاد عن أثون المواجهة مع روسيا بسبب الملف الأوكراني، الذي يعتبرونه قرارا خاطئا سيجر فرنسا الى أتون حرب هي في غنى عنها