تعميم اللغتين الأمازيغية والإنجليزية وإطلاق مشروع" المدرسة الرائدة"
* العلم: عبد الناصر الكواي
تنتظر المنظومة التربوية والتعليمية في المغرب، إصلاحات جذرية ابتداء من الموسم الدراسي المقبل 2023-2024 وتهم على الخصوص تعميم اللغتين الأمازيغية في السلك الابتدائي، والإنجليزية في الإعدادي، وإطلاق مشروع هام باسم «المدرسة الرائدة».
ففي إشارةٍ إلى بداية نهاية الفرنسية في بلادنا، وفي ظل ظرفية دقيقة تجتازها العلاقات بين الرباط وباريس، أعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شروعَها في تعميم تدريس اللغة الإنجليزية بالتعليم الإعدادي، انطلاقا من الدخول المدرسي القادم، مؤكدة على أهمية هذه اللغة، في فتح آفاق أرحب للتلاميذ والطلبة والباحثين المغاربة مستقبلا.
وكشفت مذكرة عممتها الوزارة، تفاصيلَ خطة الوزير الوصي على القطاع، شكيب بنموسى، لهذا التعميم، وذلك استناداً لأحكام الدستور التي تنص على تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا عبر العالم، وأيضا مواصلةً لتنزيل أحكام القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين.
وفي جوابه عن أسئلة «العلم»: هل يعد القرار خطوةً نحو قطع بلادنا مع الفرنسية والانتقال إلى الإنجليزية، كما فعلت دول إفريقية أخرى مثل رواندا؟ وكيف يقرأ حيثيات هذا القرار في هذه الظرفية بالتحديد؟ وما النتائج المرجوة منه؟ قال الخبير التربوي، لحسن مادي، إن هذا القرار يدخل في إطار تطوير المغرب لمنظومته التربوية وجعلها مسايرة للمستجدات، معتبرا أن اللغة الفرنسية وحدها، لا تسمح بالانفتاح على هذه المستجدات والتواصل مع العالم اليوم.
وأضاف المتحدث، أن لغة العلم والمستقبل هي الإنجليزية. وأشار إلى أن الأساتذة في الجامعات والمختبرات الفرنسية ينشرون مقالاتهم العلمية الآن باللغة الإنجليزية، مما يعني أن نظيرتها الفرنسية باتت جد محدودة، مقدّراً أن المغرب ضيع الكثير من الوقت والموارد المالية والكفاءات في استعمال لغة واحدة للتواصل هي الفرنسية.
وشبه الخبير ذاته، قرار الوزارة في هذا الشأن، بالمفاجأة السارة جداً، موضحاً أنهم بوصفهم أساتذة جامعيين مغاربة انتظروها طويلاً، وبالتالي فالأجيال المقبلة ستكون مزودة ومتمكنة من لغة أخرى هي الإنجليزية، إلى جانب العربية والفرنسية. وهي بحسب المتحدث، إضافة جديدة لا تخص التواصل فقط، ولكن الابتكار والعلم والانفتاح على مختلف أطياف العلم.
وشدد لحسن مادي، على وجوب الاستعداد الجيد لإنجاح هذا، وذلك عبر إجراءات أساسية، مثل إعداد البرامج والكتب المدرسية، ومدرسين أكفاء يتقنون الإنجليزية، وإعادة النظر في نوعية البيداغوجيات التي يمكن استعمالها في تدريس هذه المادة، وكذلك بالنسبة للفضاءات والإدارة التربوية والمفتشين..
في المقابل، حذّر الخبير من السقوط في الارتجالية، التي يمكن أن تسبب فشل هذا المشروع الوطني، الذي سيؤدي إلى تغيير كبير لا محالةَ في الأفكار والعقليات والممارسات، سواء لدى المكونين أو المتعلمين.
وبالنسبة للنتائج المرجوة، اعتبر مادي، أنها كثيرة منها الانفتاح على دول أخرى وعلوم أخرى، وإتاحة إمكانات النشر والكتابة والقراءة بلغة العصر للطلبة والأساتذة والباحثين، معرباً عن اعتقاده أن اللغة الفرنسية قد كبحت إمكاناتِ الأساتذة وتفكيرَهم وقدرتهم على الابتكار، وحدت من إمكاناتهم العلمية، بينما اليوم يتم السماح رسميا بالانفتاح على الإنجليزية، في «ثورة سيعرفها مغربنا الحبيب الذي يبني للمستقبل والتنمية»، وفق تعبير الخبير ذاته.
يذكر أنّ وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أقرت كذلك ضمن مذكرة وزارية مفصلة، تعميم تدريس اللغة الأمازيغية تدريجيا، بسلك التعليم الابتدائي، بدءا من الموسم الدراسي .2023-2024
كما أطلقت الوزارة مشروعاً طموحاً باسم «المدرسة الرائدة»، يقوم على اختيار 12 إلى 16 مؤسسة للتعليم الابتدائي من كل مديرية جهوية للتربية والتكوين على الصعيد الوطني، شريطةَ أن يعبر 70 في المائة من أساتذتها عن رغبتهم في الانخراط في المشروع الذي يخص مؤسسات التعليم الابتدائي.
وينص المشروع على استفادة هؤلاء الأساتذة من تعويض سنوي قيمته 10 آلاف درهم، وتزويد كل منهم بحاسوب محمول، ومسلاط عاكس، وسبورة حبرية بيضاء، إلى جانب تأهيل فضاءات المؤسسات المعنية، ومنح تعويضات لمديرها ومفتش التعليم التابعة له.
كما سيستفيد الأساتذة، من تكوين خاص في مواد تخصصهم، والدعم ضمن مقاربة «طارل» التي تقوم على التدريس وفق المستوى المناسب.