العلم الإلكترونية - الرباط
تعد زيارة الدولة التي يبدأها اليوم إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية ، للمملكة المغربية، علامةً فارقةً في العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ، من جهة، و حدثاً دولياً ذا أبعاد عميقة، من جهة أخرى . و تأتي هذه الزيارة التي لا نتردد في اعتبارها تاريخيةً ، تلبية لدعوة كريمة من جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله وأيده، في سياق إقليمي ودولي، يعرف تطورات متلاحقة على المستوى الجيوسياسي، لها تداعيات على صعيد الأمن و السلم الدوليين ، تقتضي إعادة بناء النظام العالمي على قواعد القانون الدولي، ووفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
تعد زيارة الدولة التي يبدأها اليوم إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية ، للمملكة المغربية، علامةً فارقةً في العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين ، من جهة، و حدثاً دولياً ذا أبعاد عميقة، من جهة أخرى . و تأتي هذه الزيارة التي لا نتردد في اعتبارها تاريخيةً ، تلبية لدعوة كريمة من جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله وأيده، في سياق إقليمي ودولي، يعرف تطورات متلاحقة على المستوى الجيوسياسي، لها تداعيات على صعيد الأمن و السلم الدوليين ، تقتضي إعادة بناء النظام العالمي على قواعد القانون الدولي، ووفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
إن فرنسا الدولة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، و الدولة المحورية في الاتحاد الأوروبي ، والفاعل المؤثر في السياسة الدولية، تؤكد اليوم عبر زيارة رئيسها إيمانويل ماكرون للمغرب ، تجديد التزامها المطلق بالشرعية الدولية، واعترافها الكامل بعدالة قضية الصحراء المغربية ، وبالحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف، التاريخية والشرعية والجغرافية ، للمملكة المغربية ، التي تعد الدولة الفرنسية شاهدةً عليها عبر العصور المتعاقبة، وهو الأمر الذي عبرت عنه، وبمنتهى الدقة في المفردات والعمق في معانيها ، حين عدت المبادرةَ المغربية للحكم الذاتي، الحلَ الوحيدَ للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وتعبير (الحل الوحيد) انفردت به فرنسا ، فلم يرد في دعم الدول الأخرى لمبادرة الحكم الذاتي، وإن كان هذا الانفراد الفرنسي ذو العمق التاريخي والاستراتيجي، لا يقلل أبداً من القيمة العظمى للدعم الذي عبرت عنه الدول الكثيرة المساندة للموقف المغربي.
فرنسا معقل الحرية والديمقراطية ومنبت حقوق الإنسان، التي يستقبل المغرب، ملكاً وشعباً و حكومةً، رئيسَها هذا اليوم، تربطنا بها صلات تاريخية متينة، ووشائج القربى الثقافية والحداثية والعلمية والتكنولوجية، ليس منذ عام 1912 الذي أبرمت فيه معاهدة فاس للحماية الفرنسية، يوم 30 مارس ، وإنما قبل ذلك التاريخ بمراحل، إذ تداخل تاريخ البلدين خلال عصور السلاطين العلويين، وامتزجت الروابط بين الدولتين، من عهد السلطان مولاي سليمان، مروراً بالسلطان مولاي عبد الرحمان بن هشام ، والسلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان (محمد الرابع) ، و السلطان مولاي الحسن الأول، إلى السلطان مولاي عبد العزيز، والسلطان مولاي عبد الحفيظ ، والسلطان مولاي يوسف، والسلطان سيدي محمد بن يوسف (محمد الخامس) ، جد جلالة الملك محمد السادس ، نصره الله . وإذا كانت العلاقات المغربية الفرنسية، منذ مطلع القرن التاسع عشر، قد تراوحت بين المد والجزر، لأسباب يذكرها التاريخ ، فإن هذه العلاقات الثنائية، تكللت بالوسام الذي وشح به الجنرال ديجول صدر السلطان سيدي محمد بن يوسف، في يوم 18 يونيو عام 1945، باسم ( رفيق تحرير فرنسا) ، وقال ديجول في تلك اللحظة التاريخية مخاطباَ الملك المقاوم الأول (إنني أقدم في شخصكم جزيل الشكر للشعب المغربي الباسل إثر عزيمتكم القوية ومساعدتكم لنا).
وهكذا يكون الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يستقبل اليوم من حفيد رفيق تحرير فرنسا، جلالة الملك محمد السادس، أعزه الله ونصره، وباسم الشعب المغربي الذي ساهم الآلاف من أبنائه الشجعان، في المجهود الحربي تحت العلم الفرنسي، خلال الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية ، والحرب الهندية الصينية ، فسقطوا في ميادين المعارك الحربية ، جنباً إلى جنب ، مع رفاقهم الفرنسيين. وبذلك امتزج الدم المغربي بالدم الفرنسي في تلك الحروب الضارية.
هذا التاريخ المشترك بين المغرب وفرنسا، نستحضره اليوم، والمملكة المغربية تستقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أجواء من الترحيب الحار ، والامتنان للموقف القوي والصريح والمشروع، الذي اتخذته الدولة الفرنسية إزاء الاعتراف بمغريية الصحراء، ودعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية.
والتاريخ لا يرجع إليه للاستقواء أو للابتزاز، أو لما يعرف عند بعضهم بإنصاف الذاكرة التاريخية، وإنما يعاد إلى التاريخ للاعتبار وللدفع بمسار التقدم نحو الأمام. فنحن الشعب المغربي ، لا نستحضر الوقائع التاريخية بروح المظلومية، كما يفعل جيراننا الشرقيون الذين يفتقرون للوعي الحضاري وروح التسامح والقيم الإنسانية، وإنما نأتي بالمحطات التاريخية، لتقوية العزيمة و الإصرار على المضي قدماً على طريق صناعة المستقبل المشترك للشعبين المغربي والفرنسي.
لقد عرف تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية، محطات عديدة، تجاوزها العصر ، من معركة إسلي لعام 1844، إلى الاتفاق الفرنسي الإنجليزي (1904) ، والاتفاق الفرنسي الإسباني (1904)، ومعاهدة فاس (1912)، والمعاهدة الفرنسية الإسبانية ( 1912)، إلى نصل إلى المحطات الواعدة، من بيان سيل سان كلود (6 نوفمبر 1955)، إلى التصريح المشترك (2 مارس 1956)، فإلى التمثيل الدبلوماسي الفرنسي المغربي (28 ماي 1956).
نحن بإزاء تاريخ حافل يتعين علينا أن نعيد قراءته ، من أجل أن نبني الحاضر و نعلي صروح التنمية المستدامة و نرسي قواعد متينة لعلاقات جديدة ، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والحفاظ على المكاسب والتعاون معاً في حفظ الأمن والسلم في الإقليم وفي العالم أجمع. وتلك هي الشروط الموضوعية لصناعة المستقبل المشترك للشعبين الصديقين المغربي و الفرنسي.
فمرحباً بالرئيس إيمانويل ماكرون في ضيافة حفيد السلطان رفيق تحرير فرنسا، جلالة الملك محمد السادس، نصره الله .