العلم الإلكترونية - الرباط
التصريحات التي نطق بها ستيفان سيجورنيه وزير الخارجية الفرنسي في المؤتمر الصحافي رفقة نظيره ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الأفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج ، ينطبق عليها المثل ( عرف العنوان و طرق الباب ولكنه لم يدخل ) . فقد تحدث بحذرٍ شديدٍ ، كمن يخشى أن ينطق بكلمة لا يريد أن تخرج من فيه ، مستعملاً تقنيةً دبلوماسيةً تقوم على الدوران حول المعنى دون الإفصاح عن مضمونه ، فبدا و كأنه يمسك العصا من الوسط ، في موضعٍ ما كان يقتضي أي قدر من اللف، بل الخروج من ضيق التلميح إلى سعة التصريح، بالانتقال مباشرةً من الاعتراف الضمني بعدالة القضية المغربية المقدسة ، إلى الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء .
التصريحات التي نطق بها ستيفان سيجورنيه وزير الخارجية الفرنسي في المؤتمر الصحافي رفقة نظيره ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية و التعاون الأفريقي و المغاربة المقيمين بالخارج ، ينطبق عليها المثل ( عرف العنوان و طرق الباب ولكنه لم يدخل ) . فقد تحدث بحذرٍ شديدٍ ، كمن يخشى أن ينطق بكلمة لا يريد أن تخرج من فيه ، مستعملاً تقنيةً دبلوماسيةً تقوم على الدوران حول المعنى دون الإفصاح عن مضمونه ، فبدا و كأنه يمسك العصا من الوسط ، في موضعٍ ما كان يقتضي أي قدر من اللف، بل الخروج من ضيق التلميح إلى سعة التصريح، بالانتقال مباشرةً من الاعتراف الضمني بعدالة القضية المغربية المقدسة ، إلى الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء .
إن التحليل السياسي القائم على الفكر الواقعي و المنطق السليم ، يلزم المراقب أن يسجل نوعاً من التناقض في قول الوزير الفرنسي إن باريس تؤكد دعمها الواضح و المستمر لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء المغربية ، لأن الواقع ، ومنذ سنة 2007 التي قدم المغرب فيها مقترحه لمجلس الأمن الدولي ، يتنافَى مع ذلك ، باعتبار أن الدعم الفرنسي لهذا المقترح لم يكن يتسم بأي قدر من الوضوح ، كما لم يكن دعماً مستمراً ، بل كان معدوماً كلياً . واكتسى تصريح الوزير سيجورنيه بأن موقف فرنسا في الصحراء (؟ ) حين يتقدم فهذا يعني أن نتبنى البراغماتية في الملف ، مع دعم جهود المبعوث الأممي ستفان دي ميستورا من أجل إعادة المفاوضات ، كثيراً من الغموض الذي يستعصي على الفهم ، بينما السياق كان يستدعي الوضوح والدقة في التعبير . وهو الأمر الذي يجعل المراقب المدقق يرتاب في جدية ما قاله الوزير الفرنسي ( يجب على الرباط أن تعول على باريس وموقفها الواضح في دعم مخطط الحكم الذاتي).
وظهرت الضبابية في الموقف الفرنسية، رغم ما عبر عن الوزير ستيفان سيجورنيه من الرغبة في كتابة صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين ، ظهرت في حديثه عن تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، حين حرص أشد الحرص ، هكذا يبدو ، على عدم وصف الأقاليم الجنوبية بالمغربية ، في قوله (أن نحرز تقدماً يعني أن هناك تطوراً اجتماعياً في الأقاليم الجنوبية)، ثم أضاف مبدياً الحرص نفسَه (والمغرب قام بحركة تنموية مهمة في العدد من هذه المناطق (؟) ، ما يعني أن باريس ستدعم جهوده في تنمية الأقاليم الجنوبية) ، وختم تصريحه بهذا الخصوص بقوله (وهذا هو موقف باريس الحالي في النزاع). وهذا كلام تعوزه الدقة ، كما هو واضح .
ولقد كان ناصر بوريطة دقيقاً للغاية فيما قاله خلال المؤتمر الصحافي هذا ، بخصوص طبيعة العلاقات المغربية الفرنسية ، التي وصفها بأنها علاقة دولة بدولة ، يرعاها جلالة الملك محمد السادس ، ويشرف عليها رفقة الرئيس الفرنسي ، و أساسُها المتابعةُ لرئيسي البلدين . وهو رد دبلوماسي في منتهى الحصافة و الرزانة ، على ما سبق و أن صرح به وزير الخارجية الفرنسي ، من أنه كلف من الرئيس إيمانويل ماكرون بأن يتولى شخصياً كتابة فصل جديد في العلاقات بين الرباط و باريس .
والواقع الذي لا يرتفع و يشهد به العالم ، أن المغرب بفضل رؤية جلالة الملك محمد السادس ، حفظه الله ، أصبح قطبَ استقرارٍ وفاعلاً أساساً في شمال أفريقيا و البحر الأبيض المتوسط و القارة الأفريقية ، وهو يوفر فرصاً مهمةً لشركائه ، لذلك فهو شريك مطلوب و مرغوب فيه . وعلى هذا الأساس ، يجب على العلاقات المغربية الفرنسية إن تتجدد وفق مبادئ احترام و تنسيق لتكون على حق علاقات دولة بدولة ، كما قال ناصر بوريطة .
و الآن ، وقد انتهت زيارة وزير الخارجية الفرنسي للرباط ، علينا أن نتساءل ، متى سيتم الانتقال من الاعتراف الضمني غير الكافي و المشوب ببقايا الضباب ، إلى الاعتراف الفرنسي الصريح و الواضح و المقنع بمغربية الصحراء ؟ .