لقد تآمر علينا "أنليل" وتآمر علينا "مردوخ" في السماء مع الكهنة على أرض العراق وبات الحال لا يطاق!؟.
فما جدوى أن نكتب الكلمات ونرتب المقالة.. نحذف كلمة ونضيف أخرى ونحذف الفاصلة ونضع مكانها علامات الإستفهام والتعجب.. والعجب!؟.
رمانا الآلهة من السماء والكهنة على الأرض، في وادي الجهل وفي وادي الأمية لا نعرف ثقافة الحياة ولا حتى ثقافة الموت.. ونفخر، أننا نعيش في وادي السلام، أوسع مقبرة في الكون وفي الدنيا!؟.
نحن الذين أخرجنا الآلهة من معابدها.. أخرجنا "أنليل ومردوخ" السومريين من المعابد خوفا من أن يسقطا ويتهشما، أو يطمع فيهما اللصوص، ورفعناهما للسماء تكريما، رفعناهما للسماء في لحظة ما، بوعي منا أو دون وعي، فصارا يتآمران علينا "بدسيسة" مع نفر من الكهنة الذين صاروا ينشئون المعابد بيد والمصارف باليد الأخرى، "فإستأثروا بالفيء، وأحالوا حرام الله حلالا" حتى بات فقيرنا نزيل المزابل، وإشتدت معاركنا للقفز في سيارات القمامة من يدخلها قبل الآخر!؟ نعم .. العراقيون، أصحاب الحضارة الأولى أباؤهم السومريون والبابليون والأكديون في بلاد ما بين النهرين، أفقروا، وهم ينامون على بحار من الثروات وخزين من النفط والكبريت وحتى الزئبق الأحمر!؟.
نكتب .. لأن الوطن بات جسداً وروحاً وهو جسدنا الذي يئن وروحنا التي تتعذب .. وما يسري في جسد الوطن وفي روح الوطن، من الأمراض والكوارث والفاقة والعوز، يسري في أجسادنا وفي أرواحنا، فأجسادنا وأرواحنا أوطان تئن!؟.
وهذا الوجع الذي يصيب الوطن، يصيب المرهف والمحب والعاشق بجسده وروحه، وهو الصرخة التي يحق للإنسان أن يطلقها من شدة الوجع.. فيكتبها، لأنه يكابر أن يبكي أو يصرخ، وهو العراقي الأصيل وهو إبن أول الحضارات وبانيها ومبدع الكتابة والقراءة وصانع القوانين .. نكتب الوجع في بضعة السطور وعدد من الكلمات ومن علامات الإستفهام والعجب.. هذه الكتابة أو تلك هي صرخة الوجع في الجسد والروح .. وهي المكابرة بديلا عن الآهات .. ليس غير!.
قاسم حول سينمائي وكاتب عراقي مقيم في هولندا