العلم الإلكترونية - الرباط
ما زالت تجاوزات وتخبط السلطة المنظمة في تدبير الاقتراع الرئاسي الذي جرى قبل أسبوعين بالجزائر وتحصينه من العبث، تلقي بظلالها الوارفة على المشهد السياسي الجزائري وتستأثر باهتمام وتحليل هيئات دولية أجمعت تحاليلها و تقييماتها على خلاصة مفادها بأن النظام الحاكم بالجزائر ومن خلال العديد من القرائن والتجليات قد أخطىء مجددا موعده مع تثبيت أسس و مؤسسات الدولة الديمقراطية .
ما زالت تجاوزات وتخبط السلطة المنظمة في تدبير الاقتراع الرئاسي الذي جرى قبل أسبوعين بالجزائر وتحصينه من العبث، تلقي بظلالها الوارفة على المشهد السياسي الجزائري وتستأثر باهتمام وتحليل هيئات دولية أجمعت تحاليلها و تقييماتها على خلاصة مفادها بأن النظام الحاكم بالجزائر ومن خلال العديد من القرائن والتجليات قد أخطىء مجددا موعده مع تثبيت أسس و مؤسسات الدولة الديمقراطية .
محليا ووسط أجواء انتشاء الأغلبية الرئاسية بالانتصار «العريض» للرئيس المعاد انتخابه ما زال جزء من المعارضة الحزبية والذي وإن ابتلع على مضض نتائج الاقتراع الرئاسي إلا أنه لم يزك من خلال مواقف محتشمة صدقيتها و ما زال يناوش في هامش حرية تعبير يضمحل بشكل تدريجي متسارع من أجل التعبير عن مطالب متجددة بتحقيق انتقال ديمقراطي سلس ومتوافق عليه .
حركة مجتمع السلم الإسلامية التي كان مرشحها لانتخابات الرئاسة في الجزائر، عبد العالي حساني الشريف قد اتهم عقب الإعلان عن النتائج الأولية للاقتراع قد اتهم السلطة الوطنية المنظمة للانتخابات في الجزائر بارتكاب «الغش» و«التزوير» في نسبة المشاركة، اعتبرت في آخر بيان لها أن ما حدث في الانتخابات الرئاسية من تجاوزات وعبث، يعتبر بنص القانون جريمة انتخابية تقتضي حل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتحميل المسؤولية للمتسببين فيها، ومتابعة أولئك الذين أجرموا في حق الوطن، والقانون، والمترشحين.
الحزب الاسلامي الأول في الجزائر كشف ما وصفه بالعطب الذي أصاب صورة مؤسسات البلاد و شدد على الحاجة الماسة لمراجعة المنظومة القانونية والمؤسسية للانتخابات، بمقاربة تعيد الاعتبار للفعل الانتخابي بعيدا عن الإجرام الممنهج في اللعب بإرادة الناخبين، وتدليس النتائج.
حماس نبهت إلى ظاهرة العزوف الانتخابي التي أصبحت تزداد وتتعاظم بسبب فشل السياسات العمومية، وانعدام ثقة الناخبين في العملية الانتخابية والقائمين عليها، والتيئيس الممنهج للمشاركة في الانتخابات، والذي من شأنه أن يهدد مصداقية الاستحقاقات الانتخابية القادمة ويضعف شرعية المؤسسات المنتخبة.
الأمين العام لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش دعا بدوره الرئيس المعاد انتخابه لاتخاذ «قرارات سياسية جريئة لإرساء مناخ من التهدئة والانفتاح الديمقراطي لتقوية البلاد في مواجهة التحديات الكبرى».
الحزب المتجذر بمنطقة القبائل جدد مطلبه بفتح «تحقيق معمق حول الظروف التي أحاطت بتنظيم العملية الانتخابية وإعلان النتائج المؤقتة من قبل السلطة الوطنية للانتخابات». وأكد أنه من الواضح أن «هذه الهيئة تجاهلت تماما الإرادة الشعبية بنشرها أرقاما دون أي أساس، تتناقض مع كل محاضرها الصادرة عن امتداداتها المحلية، ناهيك عن الغموض التام الذي أحاط بحساب نسبة المشاركة، والخروقات الجسيمة التي رُصدت في عدة مراكز اقتراع والتي كانت بالتواطؤ مع الإدارة المحلية». وأضاف أنه «من الضروري أن تتخذ السلطات إجراءات صارمة لتحديد المسؤوليات ومتابعة جميع المتورطين في هذا التلاعب الفاضح، الذي شوّه الانتخابات وألحق الضرر بصورة البلد»
حركة “النهضة” جددت من جانبها مطلبها بفتح تحقيق معمّق حول ملابسات العملية الانتخابية الأخيرة، مشدّدة على الحاجة الماسة لإدخال تعديلات جوهرية على مستوى “السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”، بما يستجيب لمطالب الطبقة السياسية منذ بداية الانفتاح السياسي، ويعيد المصداقية للفعل الانتخابي وإمكانية إصلاح الأوضاع بالاحتكام للإرادة الشعبية الحقة في كنف الشفافية والنزاهة.
الحركة حذرت في بيان صدر يوم الأربعاء من تداعيات ظاهرة العزوف الانتخابي والاستقالة من الحياة السياسية والتي باتت تتفاقم مع كل استحقاق انتخابي لتشكل تهديدا يشوه مصداقية الفعل الانتخابي، ومن ثم شرعية مؤسسات الدولة.
دوليا ورغم تركيز الإعلام الجزائري على عبارات ورسائل التهاني التي يتلقاها الرئيس تبون من رؤساء دول وحكومات بمناسبة إعادة انتخابه وتسويقها كاعتراف دولي بنتائج الاقتراع إلا أن منصة و مجلة وورلد بوليتيكس ريفيو الأمريكية «World Politics Review» المتخصصة والمشهورة بتحاليلها وتقاريرها العميقة التي تحتضن خبراء يعالجون بعمق أبرز الشؤون العالمية والأحداث والاتجاهات التي تشكل عالم، اليوم وفهمها صدمت بداية الأسبوع الجاري الآلة الدعائية الرسمية التابعة للنظام الجزائري حين لخصت في تقرير للصحافي والكاتب المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا فرانسيسكو سيرانو وعنوانه ب «الجزائر : نظام يائس ومتراخي».
التقرير المتعمق في فهم وتحليل خلفيات الاقتراع الرئاسي الأخير في الجزائر اعتبر أنه وبمجرد الإعلان عن نتائج انتخابات السابع من شتنبر، تحطمت مصداقيتها مستحضرا كيف صرح محمد شرفي، رئيس الهيئة المشرفة على الانتخابات في الجزائر، أن مستوى «متوسط الإقبال المؤقت» على صناديق الاقتراع تجاوز 48%. ولكن بعد يوم واحد يضيف المحلل كشفت معلومات إضافية عن تناقضات كبيرة من شأنها أن تضع مستوى المشاركة الحقيقية في الاقتراع عند 25% في أفضل الأحوال، مما دفع ليس فقط المنافسين الثلاثة بمن فيهم مرشح النظام إلى الطعن في صحة إحصاءات و أرقام الهيئة الوطنية للانتخابات.
المجلة الدولية المتخصصة في التحليل السياسي تضيف أن عددا قليلا من الجزائريين يصدقون أرقام النظام بعد أن فقدوا منذ فترة طويلة الثقة في التصويت كوسيلة لاختيار قادتهم وأن الانتخابات التي شهدت إقبالاً منخفضاً آخر، والتي يطلق عليها «الانتخابات»، تؤكد ببساطة خيبة أمل الجزائريين في حكم الجيش خلف واجهة ديمقراطية مفروضة.
المقال التحليلي يلخص الوضع بكون التناقضات الصارخة في الأرقام الأولية التي أصدرتها الهيئة الوطنية للانتخابات ترسم صورة لنظام استبدادي إما أصبح متهاونا للغاية في تزوير الانتخابات أو غير قادر على التوافق الداخلي على أفضل السبل لإخفاء عدم شعبيته بشكل فعال و يضيف أنه تم تصميم السياسة الانتخابية في الجزائر منذ فترة طويلة عموديا من أعلى إلى أسفل كأداء للمعايير الديمقراطية، مما يسمح للنظام - المعروف شعبيا باسم السلطة - بإدامة نفسه وتُستخدم ضمن هذا النهج الانتخابات الرئاسية فقط لتعيين سياسي معتمد من الجيش لرئاسة الدولة أو الحكومة، بينما يواصل الجنرالات الجزائريون تسيير النظام السياسي من وراء الكواليس.
ولكن مع تزايد عدم شعبية النظام العسكري يكتب سيرانو لم يعد تزوير الانتخابات مجرد تحديد من ينبغي أن يعمل كبديل مدني للجنرالات. بل أصبح الأمر يتعلق بشكل متزايد بتضخيم أعداد المشاركين في محاولة لإضفاء أثر من الشرعية على العملية برمتها و أن العديد من الرؤساء الجزائريين السابقين، حاولوا تقليص «وزن الجيش والأجهزة الأمنية في النظام الحاكم. لكنهم فشلوا جميعًا. ومن المرجح أن يكون أحدهم على الأقل، محمد بوضياف، قد اغتيل بسبب ذلك»....