العلم الإلكترونية - الرباط
تجدد الحديث، أخيرا، عن الإشكالات التي تعانيها أنظمة التقاعد في بلادنا، بعد إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم 2019 – 2020، و الذي دعا فيه الحكومة إلى ضرورة الشروع في تدابير إصلاح هيكلي لأنظمة التقاعد ، بهدف تقريب الأنظمة القائمة من نظام مستهدف تم تحديده مسبقا .
تجدد الحديث، أخيرا، عن الإشكالات التي تعانيها أنظمة التقاعد في بلادنا، بعد إصدار المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم 2019 – 2020، و الذي دعا فيه الحكومة إلى ضرورة الشروع في تدابير إصلاح هيكلي لأنظمة التقاعد ، بهدف تقريب الأنظمة القائمة من نظام مستهدف تم تحديده مسبقا .
وتوالت مطالب الحقوقيين و النقابيين و الباحثين، بعد الاطلاع على التقرير، من أجل التعجيل بإصلاح صندوق التقاعد وتفادي انزياحه نحو كارثة محتملة، قد تعصف به وتتسبب في أزمات اجتماعية تمس فئة عريضة من المجتمع.
وأبرز فاعلون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن القاعدة التي ينبغي الانطلاق منها لإصلاح أنظمة التقاعد ، هي اعتماد مبدأ المعالجة بالأثر الرجعي، بما يعني شمولية الرؤية إلى الحالة الراهنة من جميع الجوانب، لا أن يقتصر الأمر على جانب واحد يتعلق بالظرفية الراهنة منفصلة عن الظروف السابقة، وهو ما يقتضي التوسع في تطبيق المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح الملفات ومساءلة كل من مر من موقع المسؤولية على صعيد المصالح المختصة بالتقاعد.
وقال عمر اللولي، الأستاذ الباحث في القانون العام، إنه من المهم جدا الالتفاف حول فكرة الإصلاح الوقائي لأنظمة التقاعد، لكن الأهم كذلك هو افتحاص نوازل اختلال هذه الأنظمة و الوقوف عند أسبابها ومسبباتها، والتي اتضح أن من بينها الفساد وسوء التدبير من قبل المكلفين بإدارتها، وهو ما يستوجب المحاسبة وفق المبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأكد عمر اللولي في تصريح لـ»العلم» أن عملية الإصلاح لا يجب أن يؤدي ثمنها الموظف و المتقاعد، ولا يجب أن تعتمد الحلول السهلة والمؤقتة، المتجلية في رفع سن المتقاعد أو الزيادة في المساهمات التي تستحضر فقط توازن الصناديق، بل يجب استحضار عدم خلق متقاعدين مفلسين في المستقبل، أو غير قادرين على مجاراة القدرة الشرائية.
ودعا الأستاذ الباحث الحكومة إلى اعتماد المقاربة التشاركية في عملية الإصلاح والاستماع إلى رؤية الفرقاء الاجتماعيين والمنظمات الحكومية، وعدم اعتماد هذه المنهجية كوسيلة لمداهنة الرأي العام، كما فعلت الحكومة السابقة.
و بالرجوع إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد أكد هذا الأخير أنه من المهم مراجعة الإطار التنظيمي لنظام تقاعد العاملين غير الأجراء، لاسيما فيما يتعلق ببنيته الأساسية، ومعاييره الرئيسية، وكيفية عمله، وحكامته.
واعتمد المجلس اقتراحاته بناء على مهمتين رقابيتين كان قد أنجزهما سنة 2020 ، خصتا مجال التقاعد، وركزت هاتان المهمتان أساسا على الإصلاح المنهجي لأنظمة التعاقد الحالية، وكذا توسيع نطاق التغطية ليشمل العاملين غير الأجراء.
و أظهرت خلاصات المهمة الرقابية ضرورة الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، مبرزة أن الإجراءات المقترحة غير كافية رغم أهميتها؛ ذلك أن المقياس المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد، بل يقتصر على الشق المدني للصندوق، ولن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، وستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد.
وكان الصندوق المغربي للتقاعد قد قدم خلال يوم دراسي بالبرلمان، جملة من الاقتراحات في إطار الإصلاح الشمولي لإرساء القطب العمومي وضمان ديمومة أنظمة التقاعد التي يهددها شبح الإفلاس.
وهمت هذه الاقتراحات، حول موضوع الحماية الاجتماعية، ونسبة مساهمة الموظف في نظام المعاشات المدنية، والتي تصل حاليا إلى 14 في المائة من كامل الأجرة النظامية، حيث اقترح الصندوق، وفي إطار الإصلاح الشمولي، استثمار هذا المجهود المساهماتية لضمان معدل تعويض مناسب يمكن من الحفاظ على القدرة الشرائية للمنخرط خلال فترة التقاعد.
وزاد الصندوق في اقتراحاته، أن إرساء مبدأ المراجعة الدورية للمعاشات في إطار الإصلاح الشمولي (كاعتماد مثلا نسبة التضخم كمرجع) سيشكل إضافة نوعية تساهم في تجاوز نواقص المنظومة الحالية، ذلك أن نظام المعاشات المدنية رغم أنه يوفر معاشات مهمة عند الإحالة على التقاعد إلا أن هذه المعاشات لم تعرف عمليا أية مراجعة منذ 1997 لارتباط آلية مراجعتها بالراتب الأساسي.
وعلى مستوى التوازن المالي لأنظمة التقاعد، أكد الصندوق أنه يجب الاعتماد على دراسات اكتوارية تعطي فكرة على المصاريف والمداخيل لمدة لا تقل عن 60 سنة، حتى تمكن هذه الإسقاطات على المدى البعيد من ضمان توزيع عادل للمنافع وتكلفة تمويلها على مختلف الأجيال (على الأقل جيلين).
في نفس السياق سبق لوزيرة الاقتصاد والمالية، أن أكدت صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس،ب عد أن كشفت دراسة أشرفت الوزارة على إعدادها عن طريق مكتب دراسات أن منظومة التقاعد تتميز بعدم تجانسها، وتحتاج تدخلا عاجلا لإصلاحها قبل أن تتعرض للإفلاس الكامل.
الوزيرة أبرزت، أن إصلاح صناديق التقاعد سيكون محور نقاش مع النقابات خلال جولات الحوار الاجتماعي ، مضيفة في هذا السياق أن النقاش حول هذا الورش ينبغي أن يتسم بالمسؤولية.