العلم الإلكترونية - فوزية أورخيص
جرت العادة، أن تخلد أسرة المقاومة وجيش التحرير ذكرى معركة الدشيرة الخالدة وذكرى اجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، يوم 28 فبراير من كل سنة، وذلك فخرا واعتزازا بهذه المعكرة التي كبدت المستعمر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتكللت بانتصار جيش التحرير في مدة قدرت ب 12 ساعة لا غير، استشهد خلالها 12 فردا باتت ذكراهم فخرا للمغرب قبل ربوع صحراءه التي لا تزال تتنفس على عبق شهدائها الميامين.
جرت العادة، أن تخلد أسرة المقاومة وجيش التحرير ذكرى معركة الدشيرة الخالدة وذكرى اجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، يوم 28 فبراير من كل سنة، وذلك فخرا واعتزازا بهذه المعكرة التي كبدت المستعمر خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وتكللت بانتصار جيش التحرير في مدة قدرت ب 12 ساعة لا غير، استشهد خلالها 12 فردا باتت ذكراهم فخرا للمغرب قبل ربوع صحراءه التي لا تزال تتنفس على عبق شهدائها الميامين.
وإحياء للذكرى ال65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإكراما لأرواح الشهداء، قام المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، مصطفى لكثيري، مرفوقا بوالي الجهة وعدد من المقاومين والأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية، يوم الثلاثاء المنصرم، بتدشين مراسم الزيارة للجهة العيون الساقية الحمراء انطلاقا من مقبرة الشهداء بالجماعة القروية الدشيرة بمدينة العيون، وذلك ترحما على أرواح الشهداء وعلى روح جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه آنذاك في الكفاح الحسن الثاني طيب الله ثراهما، لتستغرق الزيارة بعد ذلك ثلاثة أيام شملت على التوالي كل من مدينة العيون والسمارة وبوجدور، لتختتم هذه الزيارة في اليوم الثاني من شهر مارس الجاري.
مصطفى الكثيري: تخليد أسرة المقاومة وجيش التحرير لهتين الذكراتين هو تجديد للعهد و لروح قسم المسيرة الخضراء وتعزيز للموقف الثابت من عدالة قضية الصحراء المغربية
بهذه المناسبة الوازنة، قال الكثيري في كلمة له ألقاها خلال مهرجان خطابي نظم بقصر المؤتمرات بمدينة العيون، أمام حشد حضره علية القوم من مسؤولين ومنتخبين وأعيان وشيوخ القبائل الصحراوية وممثليهم وأفراد عن عائلات المكرمين، إن "هذين الحدثين العظيمين جسدا أسمى صور ومظاهر الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي الأبي بقيادة العرش العلوي المجيد من أجل الحرية والاستقلال واستكمال الوحدة الترابية، موضحا أنهما يشكلان محطتين تاريخيتين وازنتين في سجل أمجاد ومكارم هذه الربوع المجاهدة والقلاع الشامخة في الحركة الوطنية والوحدوية".
وألقى لكثيري، خلال كل المهرجات الخطابية بالمدن الجنوبية الثلاث، الضوء على الجوانب التي عرفتها معركة الدشيرة الخالدة والتضحيات الجسام التي قام بها المجاهدون المغاربة فوق هذه الربوع من المملكة، مجسدين برصيدهم النضالي أروع صور الوفاء والإخلاص في الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية خدمة لاستكمال الوحدة الترابية، وكذا التلاحم بين المغاربة من أقصى تخوم الصحراء الجنوبية المغربية إلى أعمق شبر من تراب المملكة الشريفة غربا وشرقا وشمالا.
وذكر المندوب السامي أيضا أن "معركة الدشيرة التي كانت أول رد فعلي بالضفة الشمالية الشرقية لوادي الساقية الحمراء، بعد أيام قليلة من استقبال جلالة المغفور له محمد الخامس لوفد من القبائل الصحراوية المغربية بمحاميد الغزلان سنة 1958، ودعوته في خطابه التاريخي إلى التحرك لتحرير الصحراء المغربية، مقدما جلالته كل الدعم للمجاهدين والوطنيين بهذه الربوع الذي شاركوا بمن فيهم أبناء القبائل الصحراوية مجاهدون من شمال المملكة من مدن الدار البيضاء وفاس والخميسات والأطلس المتوسط والريف والصحراء الشرقية وغيرها بقيادة المجاهد صالح بن عسو..".
واستجابة لهذا النداء السلطاني-الملكي، أوضح لكثيري "أن أبناء الأقاليم الجنوبية قدموا جسيم التضحيات في مناهضة الوجود الاستعماري الذي جثم بثقله على التراب الوطني وقسم البلاد إلى مناطق نفوذ موزعة بين الحماية الفرنسية بوسط المغرب والحماية الاسبانية بالشمال والجنوب فيما خضعت منطقة طنجة لنظام دولي"، مما جعل مهمة تحرير التراب الوطني صعبة وعسيرة، بذل العرش والشعب خلالها تضحيات كبيرة في غمرة كفاح متواصل طويل الأمد ومتعدد الأشكال لتحقيق الحرية والخلاص من الاستعمار.
ولم يكن انتهاء عهد الحجر والحماية إلا بداية لملحمة الجهاد الأكبر لبناء المغرب الجديد الذي كان من أولى قضاياه تحرير ما تبقى من الأراضي المغتصبة من نير الاحتلال. وفي هذا المضمار، كانت ملاحم التحرير بالجنوب سنة 1956 لاستكمال الاستقلال الوطني في باقي الأجزاء المحتلة من التراب الوطني حيث استمرت مسيرة الوحدة في عهد بطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس، رضوان الله عليه، الذي تحقق على يديه استرجاع مدينة طرفاية سنة 1958، بفضل العزم الأكيد والإرادة القوية والإيمان الراسخ والالتحام الوثيق بين العرش والشعب وترابط المغاربة بعضهم ببعض من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.
وأبرز لكثيري في هذا السياق، أن الشعب المغربي وفي طليعته أبناء المناطق الجنوبية المسترجعة، واصل مسيرة النضال البطولي من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية، مجسدين بذلك مواقفهم الراسخة وارتباطهم الوحدوي بوطنهم، "إيمانا ببيعة الرضى والرضوان التي تربطهم بملوك الدولة العلوية الشريفة، رافضين لكل المؤامرات التي تحاك ضد وحدة المغرب الترابية..".
وأضاف أن هذه الملحمة النضالية تواصلت في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله مثواه بكل عزم وإيمان وإصرار، وتكللت باسترجاع مدينة سيدي افني سنة 1969، وبالمسيرة الخضراء المظفرة في 6 نونبر 1975، و التي جسدت عبقرية ملك استطاع بأسلوب حضاري فريد، يرتكز على قوة الإيمان بشرعية السيادة والوحدة، عبر استرجاع الساقية الحمراء و وادي الذهب إلى حضيرة الوطن الحق، هكذا ارتفعت راية الوطن خفاقة في سماء العيون في 28 فبراير 1976، ثم اقليم وادي الذهب إلى الوطن يوم 14 غشت 1979، مؤذنة بنهاية الوجود الاستعماري في الصحراء المغربية.
وأكد الكثيري في مستهل خطابه على "أن أسرة المقاومة وجيش التحرير وهي تخلد بإكبار وإجلال الذكرى 65 لمعركة الدشيرة الخالدة والذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة، لتجدد، اليوم وإلى الأبد، موقفها الثابت من القضية الأولى للمغرب والمغاربة قاطبة، وتعلن استعداد أفرادها للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل تثبيت السيادة الوطنية بالأقاليم الجنوبية المسترجعة، ومواصلة الجهود والمساعي لتحقيق الأهداف المنشودة والمقاصد المرجوة في بناء وطن واحد موحد الأركان، قوي البنيان ينعم فيه أبناؤه بالحرية والعزة والكرامة..".
وسجل من خلال كل مداخلاته عبر هذه الجولة الاحتفالية والتكريمية والداعمة في آن واحد، أن عهد جلالة الملك محمد السادس، "يتكلل ويتجدد بمسيرات البناء والتشييد وإرساء أسس دولة الحق والقانون والديمقراطية والمدنية الحديثة، والانغمار في مسلسل النماء والتقدم وبناء الإنسان وتنمية هذه الأقاليم العزيزة لتصبح قاطرة لتنمية استثمارية، و ورشا لمشاريع تنموية واعدة ومدمجة من شأنها إرساء نموذج جديد للتنمية الشاملة والمستدامة والمدمجة في كافة المجالات وتعزيز ورش الجهوية المتقدمة، في سياق ترسيخ مسار ديمقراطي صحيح وخلاق يؤمن إشعاعها كقطب اقتصادي وطني وصلة وصل بين دول الشمال والجنوب".
أيضا ثمن الكثيري، مضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء والذي حمل إشارات قوية ورسائل بليغة حول القضية الوطنية الأولى.
وعرف لقاء العيون، تكريم 13 مجاهدا من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لايزالون على قيد الحياة باستثناء المرحومين زوكني محمود وامبارك المهر تغمدهما الله بشامل رحمته، كذا توزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة في سياق العناية الموصولة بالفئات الاجتماعية من ذوي الاحتياجات ومن هم في حالة العسر المادي، حيث قارب الغلاف المالي المخصص لهذا الإقليم ما يناهز مليون درههم (988.398 درهم).
المندوبية السامية تكرم الرجل الوطني الوحدوي إبراهيم ولد الرشيد
تفضلت المندوبية السامية، على شرف هذا المهرجان الخطابي بالعيون ، بتكريم المناضل الوحدوي والوطني إبراهيم ولد الرشيد، كشيخ من شيوخ القبائل الصحراوية وأحد وجهائها الحكماء وسليل مجاهديها، حيث سردت المندوبية من خلال كلمة القيت في حق هذا الرجل المناضل ابن قبائل الركيبات التي ينتهي نسبها إلى القطب الرباني العابد الزاهد الشيخ سيدي أحمد الركيبي دفين منطقة الحبشي بإقليم سمارة، "أنه بدأ حياته شأنه في ذلك شأن سائر أبناء هذه الربوع الذين نشؤوا وترعرعوا تحت نير الاستعمار وفي ظل حكمه المتغطرس، فساهم مع رفاقه وأبناء عمومته إلى جانب أبناء جيله من كل القبائل الصحراوية بالمنطقة في الكفاح الوطني ضد الاستعمار الغاشم".
وفي كلمة خصها المندوب السامي للتعريف بنضال ابراهيم ولد الرشيد الذي يعد كأبرز الوجوه التي طبعت المشهد الصحراوي بالأقاليم الجنوبية المسترجعة خلال مسيرته النضالية للدفاع عن الوحدة الترابية، أن الرجل "استطاع بحكمته وحنكته تجنيب النسيج الاجتماعي والقبلي للمجتمع الصحراوي مآسي وفتن، عن طريق استحضار الأعراف القبلية المشهود بها عند أهل الصحراء في سالف الأزمان ووضع لذلك مع العديد من الآباء الأماجد حدودا وأعرافا يرجع إليها كلما وقع خصام أو نزاع بين عائلة وأخرى أو بين قبيلتين أو أكثر؛ أعراف تراعي الإنصاف وتعضد التماسك الاجتماعي وتحمي العلاقات العامة والخاصة في القضايا التي يمكن حلها بالحسنى".
وذكر في ذات السياق "أن الحاج ابراهيم جعل من بيته محجا للنضال الوطني المتواصل، ومنصة أمامية مفتوحة على كل الآراء وقاعدة خلفية للتأطير والتعبئة محتضنة لكل المشارب والأفكار خدمة للقضية الوطنية الأولى قضية الوحدة الترابية للمملكة، وبما يدحض مزاعم الخصوم، ويوجه الرأي العام المحلي والجهوي والوطني إلى العمل جنبا إلى جنب من خلال استثمار آليات الدبلوماسية الموازية داخليا وخارجيا والمتمثلة في التظاهرات القبلية والصوفية والثقافية والروحية بمختلف الزوايا والأضرحة بالمناطق الجنوبية لتأطير والتوعية و التعبئة من أجل رص الصفوف ومواصلة النضال والدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة .
وذكر المندوب السامي ببعض المحطات التي ميزت التعاون المشترك بين هذا الرمز الوطني وأسرة المقاومة والتحرير أن الرجل "قد سبق له أن استقبل قبل سنوات وفدا يضم فريقا علميا وبحثيا من أطر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بحضور المناضل الوطني الكبير والمقاوم الجسور المرحوم ناضل الهاشمي قائد المقاطعة الثامنة بجيش التحرير بالجنوب رحمه الله، وعملوا كفريق موحد للتأريخ للمقاومة الصحراوية للمستعمر وحول معارك جيش التحرير، بالصحراء المغربية ومساهمة كافة أبناء القبائل الصحراوية المغربية في ملحمة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، حيث مكنت المادة التاريخية المنجزة حينها من توفير رصيد علمي وشهادات حية هامة، أصبحت فيما بعد مرجعا أساسيا في الأعمال العلمية والبحثية التي تقوم بها المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في ورش الذاكرة التاريخية، وفي علاقاتها العلمية مع المؤسسات والمعاهد العلمية الشريكة للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي أصبحت قبلة للباحثين والدارسين في تاريخ المغرب والكفاح الوطني والمقاومة وجيش التحرير".
هذا التكريم الذي رد عنه شرفاء قبيلة الركيبات وأبناء مقاوميها أنه فخر وتكريم لقبيلة الركيبات وسائر المكونات القبلية للنسيج الصحراوي الوحدوي بأقاليمنا الجنوبية.
حيث قال أحد الشيوخ الأبرار في مجلس بيت الحاج إبراهيم على شرف زيارة وفد المندوبية السامية لمدينة العيون، أن" تكريم الحاج إبراهيم ما هو الى تكريم صريح من طرف أسرة المقاومة والتحرير لقبيلة الركيبات وتتويج لتضحيات هذه القبلية في الدفاع عن الوحدة الترابية والتصدي لمطامع الأعداء على غرار باقي القبائل الصحراوية الأخرى ضحت بالغالي والنفيس وشكلت بلحمتها وتوحدها حصنا منيعا يقف حاجزا أمام كل المطامع والدسائس التي حاولت وتحاول عبتا المس باستقرار هذا البلد الآمن".
وقال هذا المقاوم الصحراوي إن قبلية الركيبات هي جزء لا يتجزأ من هذا المكون الصحراوي المغربي الوحدوي الموحد خلف القيادة الرشيدة للملك محمد السادس لتوحيد الصفوف من اجل مغرب موحد من طنجة الى الكويرة، وختم قوله " كان اباؤنا على العهد وهكذا سنبقى استنادا لقوله الكريم " رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
والجدير بالذكر أن قبيلة الركيبات هي قبلة صحراوية تنتسب إلى مولاي عبد السلام بن مشيش ويتصل نسبها بالأدارسة ويتأصل النسب ويعلو إلى النسب العلوي الشريف لفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
السمارة ودور السد المنيع ضد المد الاستعماري نحو السواحل الجنوبية
السمارة تلك الحاضرة العريقة بماضيها الجهادي والتجاري كنقطة عبور للقوافل التجارية وربط العمق الافريقي بشماله وكمنارة للعلم وتثبيت أسس الدين الإسلامي الحنيف ضد أي مد عقائدي آخر لكثرة زواياها الدينية، جعلها اليوم تستحق أن تحمل لقب العاصمة العلمية والروحية للأقاليم الجنوبية، ولتكون منارة وضاءة ضمن صفحات كتب التاريخ الشاهدة على قوة الصمود ولاستماته التي أبان عنها أبناء هذه المنطقة، حينما هبوا فرادى وجماعات لمواجهة وصد أولى محاولات التغلغل الاستعماري في السواحل المغربية.
وكان المهرجان الخطابي الذي نظمته المندوبية السامية يوم الأربعاء بالسمارة، والذي عرف حضورا وازنا من خيرة شبابها وشيوخها، ليمز اللقاء أيضا الحضور القوي للمرأة الصحراوية التي اعتادت ان تكون شريكة في النضال والكفاح والاهتمام بما يشغل الوطن ومواطنيه.
خلال هذه المحطة من الجولة لوفد اسرة المقاومة وجيش التحرير، قال المندوب السامي "إن سجل تاريخ الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة يتضمن صفحات مشرقة عديدة وأياما خالدة مشهودة زاخرة بالقيم والمعاني والعبر التي يجدر بالناشئة والأجيال الحاضرة والصاعدة الاغتراف من معينها، لما ترمز إليه من دلالات عميقة تجسد انتصار إرادة العرش والشعب والتحامهما الوثيق دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية”.
واستحضر بالمناسبة “تفاعل أبناء هذه الربوع الأبية من آل الشيخ ماء العينين والركيبات والعروسيين وآيت يوسى وغيرهم من أحرار المنطقة مع جل الملاحم البطولية والانتفاضات الشَّعبية التي قادتها الحركة الوطنية منذ مطلع ثلاثينيات القرن الماضي، والانتفاضات العارمة والمظاهرات الحاشدة والعمليات الفدائية التي اجتاحت سائر ربوع الوطن بعد إقدام سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب على نفي رمز الأمة والسيادة الوطنية جلالة المغفور له سيدي محمد بن يوسف وإبعاده عن عرشه وشعبه ووطنه في 20 غشت 1953م”.
وذكر في هذا الصدد، بأنه “منذ ذلك الحين، اصطف أبطال ومجاهدو الأقاليم الجنوبية خلف الشيخ ماء العينين الذي أسس رباطا للجهاد والمقاومة بحاضرة السمارة الشامخة لمواجهة المد الاستعماري الغاشم المتربص بأرض المغرب، دافعت حاضرة السمارة العريقة عن حوزة الوطن، واصطف أبطال ومجاهدو الأقاليم الجنوبية خلف الشيخ ماء العينين الذي أسس رباطا للجهاد والمقاومة بحاضرة السمارة الشامخة لمواجهة المد الاستعماري الغاشم المتربص بأرض المغرب، برا وبحرا، بعد أن بسط نفوذه على إمارتي الترارزة والبراكنة في الشمال الموريتاني..".
واضاف أن “سجل الكفاح الوطني يحتفظ للأقاليم الصحراوية المغربية هذين الحدثين "جسدا معا النضال المستميت الذي خاض غماره العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي بالتحام وثيق وترابط متين من أجل استكمال حلقات مسلسل الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية..".
وأكد المندوب السامي أن تخليد الذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية المسترجعة، يشكل وقفة للتأمل والتدبر وفسحة لتنوير أذهان الناشئة والأجيال الجديدة بما تطفح به من دروس بليغة وعبر ثمينة تدعو للتحلي بقيم المواطنة الإيجابية وشمائل الوطنية الصادقة.
وختاما لزيارة مدينة سمارة و تتمينا لمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، والذي حمل إشارات قوية ورسائل بليغة حول قضية الوحدة الترابية للمملكة، وجدد المندوب السامي، موقف أسرة المقاومة وجيش التحرير الثابت من المخطط المغربي القاضي بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الصحراوية في ظل السيادة الوطنية، كمقترح حكيم و واقعي وينسجم مع القانون الدولي وميثاق منظمة الأمم المتحدة، مما جعله يحظى بدعم واسع من المنتظم الأممي.
وعرف هذا المهرجان الخطابي تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير اعترافا بمناقبهم الجليلة وأعمالهم الحميدة، وتكريم 8 من المقاومين الذين تغمدهم الله برحمته، وتوزيع غلاف مالي للإعانات ودعم المشاريع الصغرى لفائدة عدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين واباء المقاومين حاملي المشاريع بغلاف مالي بلغ 788.395 درهم.
ودائما في إطار احتفالات الشعب المغربي بالذكرى 47 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الاقاليم الجنوبية ، احتضن فضاء الذاكرة التاريخية انشطة احتفالية تجسد لروح المواطنة التي تمتد فروعها من طنجة الى الكويرة، حيث عرف مشاركة أزيد من 6 مؤسسات تعليمية وجمعيات نشيطة ك جمعية 20غشت لأبناء المقاومة بالسمارة وجمعية رغيوة لأبناء المقاومة، وكانت طبيعة المشاركة في الحفل عبارة عن مسرحية ورقصات من إسهام مؤسسة القاضي عياض للتعليم الخصوصي إضافة الى مشاركة ثلة من التلاميذ في زي أعضاء جيش التحرير .
كما تم تنظيم دوري لكرة القدم باسم المقاومة وتم توزيع الميداليات على الفائزين. علاوة على إلقاء كلمات حماسية للتلاميذ حول الذكرى بحضور المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير والوفد المرافق له، كما تم تتويج فضاء الذاكرة بجائزة التميز سلمها المندوب السامي للقيم على الفضاء الدكتور جودا الوالي.
حول مجهودات الإقليمية للمندوبية بالسمارة، قال عادل لعويسيد النائب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالسمارة، في تصريح لجريدة العلم بالمناسبة، إن" النيابة الاقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالسمارة تنهج سياسة الانفتاح الموسع وتسطير برامج عمل على طول السنة مع شركاء من مصالح خارجية، ومؤسسات تعليمية عمومية وخصوصية، زد على ذلك الانفتاح على فعاليات المجتمع المدني بالإقليم، كل هذا الهدف الأساسي منه هو ترسيخ قيم المواطنة وتربية الناشئة على الروح الوطنية، فإن إدارة المقاومة بالسمارة لسباقة في إنجاح كل التظاهرات الثقافية والعلمية بمشاركة أطرها بشكل يليق بالذكريات الوطنية".
وأضاف النائب أن فضاء الذاكرة التاريخية يعمل بدوره على استقبال الزوار من كافة شرائح المجتمع ليتم تقديم لهم الشروحات بشكل مفصل حول أبرز المحطات التاريخية بالاقليم، كما يسهر على تزويد ذخيرته من المعروضات المتحفية الإثنوغرافية والتاريخية من كافة المتدخلين وأخص بالذكر أسرة المقاومة.
المندوبية السامية تختم جولتها بمنارة الجنوب بوجدور
حط وفد المندوب السامي لقدماء المقاومة جيش التحرير الرحال بمدينة بوجدور كآخر محطة لبرنامج المندوبية السامية، وذلك يوم الخميس الموافق ل 2 مارس من الشهر الجاري، واستهل البرنامج الختامي باستقبال الوفد من طرف عامل الإقليم ورؤساء المصالح الخارجية وثلة من اعيان المنطقة وشيوخ القبائل الصحراوية من ربوع هذا الإقليم وصفوة من مقاومين وأبنائهم، لتنطلق الجموع بعدها إلى مقبرة الشهداء للترحم على أرواحهم الطاهرة وفي مقدمتهم المقاوم الأول وبطل التحرير المغفور له محمد الخامس ورفيقه في الكفاح ومبدع المسيرة الخضراء المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراهما والدعاء الصالح.
وفي هذا الإطار، نظمت المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، بمقر عمالة إقليم بوجدور، مهرجانا خطابيا، بتنسيق مع السلطات المحلية والمجالس المنتخبة وفعاليات المجتمع المدني. تحت شعار "صيانة الذاكرة الوطنية تأكيد للتشبث بالوطنية وترسيخ لقيم المواطنة "
وابرز المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير مصطفى الكثيري في كلمة له، أن المندوبية تسعى من خلال هذا المهرجان الخطابي المنظم تحت شعار "صيانة الذاكرة الوطنية تأكيد للتشبث بالثوابت الوطنية وترسيخ لقيم المواطنة" إلى جعل هذين الحدثين التاريخيين لحظة برور وعرفان بما قدمه أبناء قبائل بوجدور الأبية من تضحيات جسام في سبيل وحدة البلاد الترابية، وفرصة لترسيخ السلوك المدني القويم والاعتزاز بالانتماء للوطن والانخراط في الدفاع عن قضاياه.
وأشار الكثيري أن الإحتفاء اليوم بهاتين الذكريين، يعد عربون وفاء والتزام بالميثاق الغليظ الذي جمع ويجمع على الدوام العرش العلوي المجاهد بساكنة الأقاليم الجنوبية الصحرواية، وإحياء واستذكار واستظهار لذاكرة وطنية تأبى الاندثار والنسيان، دونت في القلوب والأذهان قبل أن توثق في الكتب بحروف من ذهب.
وذكر أن هاته المحطة سجلت أروع صور البذل والعطاء والتضحية ونكران الذات والكفاح المستميت الذي حمل مشعله رجال ونساء ضحوا بالغالي والنفيس في سبيل إقرار الشرعية والمشروعية التاريخية، والتي كانت معركة الدشيرة الخالدة في 28 فبراير من سنة 1958 إحدى أهم مظاهرها وتجلياتها بهاته الربوع الشامخة من المملكة المغربية.
وجدد الكثيري التأكيد على التعبئة التامة والمستمرة والتجند الموصول لسائر فئات وشرائح المجتمع المغربي من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية تحت القيادة الحكيمة لباعث النهضة المغربية وقائد الدبلوماسية المغربية صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي لا يألو جهدا ولا يدخر وسعا للارتقاء بشعبه نحو مدارج التقدم والبناء الديمقراطي وتنمية البلاد وتثبيت أسس المجتمع الحداثي والديمقراطي والمؤسساتي وترسيخ العدالة الاجتماعية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمندمجة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية والبيئية.
وأضاف أنه نظرا لأهمية صيانة الذاكرة الوطنية في تربية الناشئة والأجيال الصاعدة للاعتزاز بهويتها والتمسك بالثوابت الوطنية، فقد عملت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على أجرأة مجموعة من التدابير التي تتوخى إخصاب الذاكرة الوطنية وتثمينها، مشيرا في هذا الصدد أنه تم إحداث شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، والتي بلغت إلى حد الآن 104 وحدة - فضاء موزعة على مختلف ولايات وعمالات وأقاليم المملكة، ومنها فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ببوجدور.
وبهذه المناسبة، تم توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ببوجدور والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ببوجدور في مجال مواكبة ورش التشغيل الذاتي والعمل المقاولاتي والإقتصاد الاجتماعي والتضامني لفائدة بنات وأبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالإقليم، بما يقتضيه ذلك من خلق فرص الشغل وتوفير ظروف اندماج اجتماعي واقتصادي ملائمة.
وعرف هذا المهرجان الخطابي الذي حضره عامل إقليم بوجدور، ابراهيم بن ابراهيم، وعدد من المقاومين، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، توزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسرة المجاهدة في سياق العناية الموصولة بالفئات الاجتماعية من ذوي الاحتياجات ومن هم في حالة العسر المادي، حيث خصصت المندوبية لهذا الإقليم غلافا ماليا بقيمة 274.111 درهم.
وفي هذا المضمار أيضا جدد المندوب السامي قوله إن "هذان الحدثان التاريخيان اللذان يوثقان للروابط المتينة التي تجمع ساكنة الصحراء المغربية بالمملكة دليلاً قاطعاً على مدى تشبت ساكنة هذه الربوع بعمق روابط البيعة لسلاطين الدولة العلوية الشريفة."
واغتنمت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ببوجدور من خلال هذا المهرجان الخطابي فرصة لتشكر عمالة إقليم بوجدور في شخص عامل إقليم بوجدور، ومن خلاله كل مكونات عمالة الاقليم، للاهتمام البالغ والكبير الذي يولونه لتوفير ظروف اشتغال ملائمة، تعكس مدى الانخراط المسؤول والجدي في مبادرات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وفي سيرورة الاعتــناء بالذاكــرة التاريخيـة الوطنيـة ، وكذا للمجلس الإقليمي لبوجدور بكل مكوناته، لما يقدمه من دعم مادي وتعاون مستمر في إطار اتفاقية الشراكة والتعاون المبرمة معه، والتي تروم صيانة الذاكرة التاريخية الوطنية، والاسهام في ترسيخ قيم الوطنية والتشبث بأهداب العرش العلوي المجيد، حيث تتم من خلال المجلس الاقليمي التغطية المادية والمعنوية لكل الأنشطة المرتبطة بالاحتفالات والذكريات المخلدة وطنياً ومحلياً، بالإضافة إلى ما يبذله المجلس الاقليمي من جهد في الانخراط في كل المبادرات المتقدم بها من طرف المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير.
أيضا عبرت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية عن امتنان شكرها للمجلس الجماعي وكل مكوناته لتعاونه وكذا المجلس العلمي المحلي لبوجدور وفعاليات المجتمع المدني، ومساهماتهم المعنوية التي تعكس مدى انخراطهما في الارتقاء بالذاكرة التاريخية الوطنية، من خلال الأنشطة التوعوية، التثقيفية، الفكرية والتربوية.
ودائما في اطار توجيه ومواكبة ورش التشغيل الذاتي والعمل المقاولاتي والإقتصاد التضامني لفائدة بنات وأبناء قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بالإقليم، بما يقتضيه ذلك من تكوين وتأطير وتوفير ظروف اندماج اجتماعي واقتصادي ملائمة، يكون لها أثرا إيجابيا على أسرة المقاومة وجيش التحرير ، تم خلال هذا اللقاء توقيع اتفاقية إطار للتعاون والشراكة بين النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ببوجدور والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ببوجدور، والتي تتعلق بالتكوين في مجال التشغيل الذاتي والعمل المقاولاتي والاقتصـــــاد الاجتمــــاعـــي والتضـــــــامـــني لفئة المنتمين من بنات وأبناء أسرة المقاومة والتحرير بالإقليم من الاستفادة من كل الخدمات الاجتماعية المقدمة من طرف الوكالة السالفة الذكر.
وتتويجا لهذا المهرجان الخطابي تلاوة نص البرقية المرفوعة إلى السدة العالية بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بابي عبد المولى إطار بالنيابة الإقليمية فليتفضل مشكوراً، على غرار ما اختتم به لقائي لعيون وسمارة، لتختم مراسيم الاحتفال بزيارة فضاء الذاكرة للمندوبية السامية والتعرف على انجازاتة وما يقدمه من تعبئة وتحسيس وتكوين للناشئة وتربية على المواطنة. وتم خلالها أيضا منح المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير شهادة التميز لفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير ببوجدور نظيرا لحسن أدائه وتدبيره وتفاعله مع محيطه خلال سنة 2022.
فضاءات الذاكرة حصن لصيانة الموروث التاريخي وتربية الأجيال على المواطنة
أفاد لكثيري، في تصريح للوفد الصحفي المرافق، أن المندوبية انكبت طيلة ال 20 سنة الماضية على تكريس جهودها المعنوية والمادية لإحداث فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، واستطاعت ان تحدث إلى حدود كتابة هذه السطور من توفير 104 فضاء عبر سائر ربوع المملكة.
وللتعرف على أدوار هذه المراكز اختارت جريدة العلم فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بالعيون نموذجا، في هذا الخصوص صرح لنا القيم على الفضاء، أنوزلا الحسان، أن هذا الفضاء المواطنة الذي تم تدشينه بمناسبة تخليد الشعب المغربي قاطبة، وفي مقدمته أسرة المقاومة والتحرير لذكرى معركة الدشيرة الخالدة وحدث جلاء آخر جندي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة يوم 28 فبراير سنة 2014، هو صرح تربوي وتثقيفي وتواصلي مع النشء وكافة أطياف المجتمع المحلي وزوار إقليم العيون، يعنى بإخصاب الذاكرة التاريخية المحلية والوطنية وصيانتها وتثمينها من خلال تخليد الذكريات والمناسبات الوطنية وإشاعة قيم الوطنية والمواطنة.
مضيفا أن الفضاء يهتم بالأساس باستعراض تاريخ المقاومة والحركة الوطنية وملاحم جيش التحرير عبر ما يوفره من وثائق تاريخية مخطوطة ومنسوخة، وصور المقاومين وأعضاء جيش التحرير وبعض الأحداث التاريخية المفصلية في تاريخ المغرب، كما تحوي قاعات عرضه مجموعة من التحف والأدوات والمعدات من قطع الأسلحة والألبسة واللوازم التي جرى استخدامها إبان فترة الكفاح الوطني، وأيضا بعض المعروضات الاثنوغرافية التي تتصل بثقافة أهل الصحراء وعيشهم البدوي.
وكشف الحسان أنزولا أن مكتبة الفضاء تتوفر على إصدارات ومنشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وإصدارات أخرى مختلفة مهداة من مجموعة من المؤسسات والمعاهد كالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وقطاع الثقافة ووزارة الشؤون الإسلامية ومنظمة الايسيسكو واليونيسكو، تم تنظيمها وترفيفها وتصنيفها تبعا للطرق العلمية المعتمدة في المكتبات العمومية، كما تتوفر حواسيب قاعة المطالعة على 40.000 وثيقة تاريخية مرقونة تعود لفترة الكفاح الوطني والمقاومة وجيش التحرير بالصحراء وشتى ربوع الوطن.
مضيفا ذات المصدر الفضاء يتوفر على قاعة للسمعي البصري تمكن من عرض أشرطة وثائقية متنوعة، وتلقى فيها عروض وندوات ومحاضرات عبر تقنية العاكس الضوئي لفائدة الزوار المختلفي الأعمار والمشارب، كما لا تخلو مكونات هذا الصرح المعرفي والتربوي من مرافق إدارية للمشرفين عليه.
وقال أنزولا إن "إحداث هذا الفضاء يأتي في سياق المكانة التاريخية التي تتبوأها المنطقة في خريطة الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة ضد الاستعمار الاسباني، وفي إطار التعريف بالتضحيات والبطولات والأعمال التي أسداها نساء ورجال قبائل المنطقة ضد الوجود الاستعماري".
و أكد على أن الفضاء ينشد أيضا الاعتراف بهذه البطولات وتمرير قيمها ودلالاتها العميقة للأجيال الصاعدة، وإيصال صورها وملاحمها المشرقة التي صنعها أبناء هذا الإقليم في سبيل عزة الوطن وحريته واستقلاله، وذلك يمر بطبيعة الحال عبر انفتاح هذا الفضاء على محيطه المحلي والإقليمي والجهوي، والتنسيق الدائم والمنسجم في إطار تشاركي مع جميع الفعاليات من أجل بلورة مجموعة من الأنشطة التربوية والتثقيفية والتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية والمحلية بشكل دائم، وتكثيفها خلال الاحتفالات المخلدة للذكريات الوطنية التي تخلدها بلادنا بكل فخر واعتزاز.
بناء على ما تم فإن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير، عموما عبر ربوع المملكة، تهدف إلى الحفاظ على الموروث التاريخي المحلي وصيانة الذاكرة التاريخية بمختلف مستوياتها، ومد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل وتعزيز تلقين التربية على القيم الوطنية والمواطنة الايجابية.
لمحة من ضفاف تاريخ النضال الوطني بأقاليمنا الجنوبية
تجسد معركة الدشيرة حلقة ذهبية ترصع سلسلة الأمجاد والملاحم البطولية للمجاهدين المغاربة ومعلمة بارزة في تاريخ الكفاح الوطني، كفاح مستميث ألحق فيه جيش التحرير هزيمة نكراء بقوات الاحتلال الأجنبي في الفترة من 1956 إلى 1960، لتظل ربوع الصحراء المغربية شاهدة على ضراوتها كمعارك "الرغيوة" و"المسيد" و"ام لعشار" و"مركالة" و"البلايا" و"فم الواد" على سبيل المثال لا للحصر، وأمام هذه الانتصارات المتتالية، لجأت قوات الاحتلال الأجنبي إلى عقد تحالف في معركة فاصلة خاض غمارها جيش التحرير بالجنوب، تلك المعركة التي اشتهرت باسم معركة "اكوفيون"، وكانت هذه الوقائع شاهدة على مدى وقوة الصمود والتصدي في مواجهة التسلط الاستعماري، ليخمد الوطيس بالمسيرة الخضراء المظفرة معلنة إنهاء الوجود الأجنبي بأقاليمنا الجنوبية.
ليواصل المغرب اليوم مسيرته التنموية والنهضوية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، دفاعا عن الثوابت الوطنية وانخراطا في المسار التحديثي للمغرب على كافة الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية انسجاما وتجاوبا مع متطلبات المرحلة التي تقتضي اندماج كافة فئات الشعب المغربي في مسلسل التنمية الشاملة والمستدامة وإعلاء صروح الديمقراطية وصيانة الوحدة الترابية وتثبيت مغربية الأقاليم الجنوبية في ظل السيادة الوطنية.
وقال "ستظل بلادنا متمسكة بروابط الإخاء والتعاون وحسن الجوار، إيمانا منها بضرورة إيجاد حل سلمي واقعي ومتفاوض عليه لإنهاء النزاع المفتعل حول أقاليمنا الجنوبية. وفي هذا النطاق، تندرج مبادرة منح حكم ذاتي موسع لأقاليمنا الصحراوية في ظل السيادة المغربية.. ووفاء لروح وقسم المسيرة الخضراء..".