أولا: لأن منظمة الصحة العالمية تؤكد بنفسها أن رفع حالة الطوارئ الصحية لا يعني نهاية كاملة ومطلقة لحياة ووجود الفيروس، إذ أرفقت إعلانها لقرار وضع حد لحالة الطوارئ الصحية برزمة كبيرة من التحذيرات. حيث تؤكد أن الفيروس لازال حاضرا، وإن ضعفت وتيرة نشاطه وحدة الإصابة به وقوة الفتك. ولذلك أرفقت المنظمة العالمية قرارها الجديد بحث حكومات العالم على مواصلة اليقظة والحذر ومراقبة تطورات الوباء. وكشفت في هذا السياق أن الفيروس لا زال يحصد مزيدا من الأرواح، حيث لازال يتسبب في وفاة الآلاف من الأشخاص، ويصيب الملايين منهم. وبذلك فإن قرار إعلان رفع حالة الطوارئ الصحية لا يعني رفع حالة التأهب وترقب تدهور مرتقب للأوضاع الصحية في العالم.
ثانيا: يظل الرأي العام منشغلا بهذا الفيروس الخطير، لأن أسئلة كثيرة تظل مطروحة بدون تمكن الجهات المعنية به من صياغة مشاريع أجوبة مقنعة عنها. فهذا الفيروس عبث بالبشرية إلى درجة الفتك. فطوال ثلاث سنوات وحوالي 14 أسبوعا منذ تصنيف منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس كوباء عالمي، وإعلان حالة الطوارئ الصحية في العالم، اخترق هذا الفيروس أجساد 765 مليون شخص ممن أعلن رسميا عن إصابتهم به، إضافة إلى ملايين آخرين لم يتم إدراجهم ضمن لائحة المصابين رغم إصابتهم به، لسبب من الأسباب، كما أنه تسبب في هلاك ما يناهز عشرين مليون شخص، ووصلت درجة الفتك في بعض مراحل نشاطه القوي إلى وفاة 14500 شخص يوميا.
كما فرض انتشار الوباء قيودا صارمة على الأشخاص، من قبيل الحد من حرية التنقل والحجر الصحي و إجبارية ارتداء الكمامة وإجبارية التلقيح. وليس هذا فقط، بل إنه تسبب في تكلفة اقتصادية غالية جدا، نتيجة أجواء الإغلاق التام، مما كانت له تداعيات على سلاسل الإنتاج والتسويق.
وتجلت التكلفة في الارتفاع المهول في أسعار العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية والخدماتية، مما أضر بالقدرة الشرائية لملايين الأشخاص، وألقى بجحافل من المواطنين في دوائر الفقر والخصاص والهشاشة الاجتماعية. وهكذا، ليس من السهل اليوم الإعلان عن طي مرحلة قاسية اجتازتها البشرية جمعاء نتيجة خروج فيروس إلى حيز الوجود في ظروف لا تزال تكتنفها كثير من مناطق الظل دون تسليط الأضواء الكاشفة على كثير من مناطق العتمة التي فرضت على العالم.
وهكذا فإن إعلان نهاية حالة الطوارئ لا يمكن أن يقنع الرأي العام العالمي بنهاية مرحلة وبداية أخرى دون صياغة أجوبة على أسئلة حارقة تظل مطروحة بحدة كبيرة.
وفي هذا السياق يبقى التساؤل عن المصدر الحقيقي لهذا الفيروس وظروف ولادته وخروجه إلى الوجود مطروحا بحدة، لأنه من غير المستساغ أن يعجز المجتمع الدولي بكل ما يملك من إمكانيات عن تحديد هذا المصدر وإماطة اللثام عن الظروف الغامضة التي خرج فيها هذا الفيروس إلى حيز الوجود بعد مرور ثلاث سنوات كاملة؟ والمرجح لدى شريحة كبيرة من الناس وجود تستر في هذا الصدد.
كما تتعمق الأسئلة المقلقة المتعلقة باللقاحات التي تم تصنيعها في زمن قياسي للقضاء على الفيروس، حيث تسابقت كبريات الشركات على التسويق للقاحات، قيل في البداية أنها ستقضي على الفيروس وتخلص البشرية من الوباء، وراكمت أرباحا مالية طائلة مستغلة قلق وخوف الناس، قبل أن يتبين عجز جميع هذه اللقاحات عن القضاء على الفيروس، وتم تسخير الآلة الإعلامية الرهيبة بهدف إجبار الناس على تلقي اللقاحات أكثر من مرة. قبل أن تتجلى مخاوف حقيقية حول سلامة الملقحين أنفسهم.
وبالتالي فإن الرأي العام العالمي في حاجة ملحة اليوم إلى من يفسر له ما حدث، ولماذا ظهر الفيروس وفتك بأرواح ملايين الأشخاص وتسبب في تكلفة مادية واجتماعية باهضة، وما أن انتهت الشركات الغربية والشرقية من تسويق بضاعتها المتمثلة في اللقاحات، وراكمت ما راكمته من أرباح مالية طائلة، حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية رفع حالة الطوارئ، والعودة بالحياة البشرية الى مرحلة ما قبل ظهور الفيروس الخطير؟.
وفي حاجة ملحة إلى من يقنعه بأن ما حدث كان ظاهرة طبيعية لم تكن وراءها شركات أخرجت البعبع إلى الوجود لتخويف الناس، وما أن فرغت من مخططها الرهيب، وقضت وترها من البشر، حتى دفعت منظمة الصحة العالمية إلى إعلان نهاية مرحلة وبداية أخرى. وفي حاجة ملحة أيضا إلى من يقنعه بأن الأمر لم يكن يتعلق بالانتقال بالمجتمع الدولي إلى مرحلة حرب بيولوجية خطيرة تستغل خوف الناس وقلقهم على حياتهم ومصائرهم لتحقيق أهداف تندرج في الصراعات الجيواستراتيجية الدائرة رحاها بين القوى العظمى؟ .
لذلك، وإن أعلنت منظمة الصحة العالمية قرارا يبدو مفرحا للرأي العام الدولي، فإن الأجوبة على أسئلة حارقة يظل أمرًا مشروعا لا يمكن تجاوزه بتعتيم جديد.
عبد الله البقالي
للتواصل مع الكاتب:
bakkali_alam@hotmail.com