العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني
تولت إسبانيا منذ يوم السبت الماضي فاتح يوليوز 2023 رئاسة الاتحاد الأوروبي ، وتأتي هذه الرئاسة في ظروف دقيقة جدا بالنسبة لإسبانيا ، حيث أنها على بعد أسابيع من الانتخابات التشريعية العامة التي ستشهد تغييرا في حكومتها بعد اقتراع 23 من شهر يوليوز الجاري، وفي حالة عدم فوز الحزب الاشتراكي العمالي وفوز الحزب الشعبي، فإن السياسة الخارجية الإسبانية ستعرف عددا من التغيرات، ومنها العلاقات مع المغرب، سواء مع إسبانيا، أو مع الاتحاد الأوروبي .
ويسود في المغرب ترقب كبير من تغيير الحكومة لصالح الحزب الشعبي إذا ما فاز في الانتخابات المقبلة، خاصة مع التصريحات الغامضة والماكرة التي أطلقها زعيم الحزب الشعبي ألبيرتو نونييث فيوجو فيما يتعلق بملف سبتة ومليلية المحتلتين، وملف الصحراء المغربية الذي شهد مع الحكومة الحالية اعترافا وتأييدا للحكم الذاتي المغربي، وملف الهجرة وكذلك ملف الصيد البحري الذي سينتهي مع الاتحاد الأوروبي في 17 من هذا الشهر.
وسيكون ملف الصحراء المغربية سواء في العلاقات الثنائية بين البلدين أو مع الاتحاد الأوروبي امتحانا حقيقيا لنوايا الحزب الشعبي الذي من المحتمل جدا أن يفوز في الانتخابات، بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات الجماعية.
وتعتزم إسبانيا بحث ملف اتفاقية الصيد البحري مع المغرب في مستهل رئاستها للاتحاد الأوروبي، على بعد أسبوعين من حلول تاريخ نهاية الاتفاقية دون أن تبدأ أي مفاوضات رسمية حولها.
وينتهي بروتوكول اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في 17 يوليوز الجاري، حيث ستكون أكثر من 120 سفينة أوروبية ملزمة بمغادرة السواحل المغربية وعدم صيد كميات السمك المسموح بها.
وكان هذا الملف موضوع لقاء بين وزير الفلاحة والصيد البحري والغذاء الإسباني، لويس بلاناس ونظيره المغربي، السبت الماضي في روما، حيث قال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء إفي إن الاتفاقية ستكون ضمن الملفات التي ستتطرق إليها إسبانيا في رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي التي بدأت السبت.
ويأتي اللقاء الثنائي الذي جمع الوزيرين على هامش مؤتمر لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، ومؤتمر آخر بين وزراء الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي حول الأمن الغذائي في روما.
وصرح بلاناس حول اتفاق الصيد البحري مع المغرب قائلاً: إنها قضية تهتم بها إسبانيا، لأنها جغرافياً هي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى القارة الإفريقية، وهناك ملفات أخرى مثل حركات الهجرة تنتج عن تداعيات عدة مرتبطة بالغذاء والتغير المناخي”.
الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في مجال الصيد البحري قائمة منذ أزيد من 30 سنة من خلال سلسلة من الاتفاقات الثنائية والبروتوكولات التنفيذية المبرمة منذ 1988، فيما تم آخر تجديد في 2019 لفترة تمتد إلى صيف العام الجاري.
وفي أبريل الماضي، صرح وزير الفلاحة والصيد البحري، محمد صديقي، أن المغرب سيدخل مفاوضات تجديد اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي بقاعدة جديدة، دون أن يكشف حيثيات التوجه الجديد، لكنه أورد أن مآل تجديد الاتفاق الذي ينتهي الشهر الجاري غير واضح.
وأشار وزير الفلاحة إلى أن كل الاجتماعات التقنية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تقام بصفة دائمة، وزاد قائلا إنه حين يصل أجل نهاية الاتفاق ويفتح الملف للنقاش سيعرف ما يجب أن القيام به. وقال: نحن مستعدون لأي احتمال، مؤكداً أن المغرب سيتفاوض بقاعدة أخرى بناءً على المؤهلات المتوفرة، وهو تأكيد على موقع القوة الذي يتفاوض منه في هذا الصدد.
وتسمح هذه الاتفاقية السارية حالياً لحوالي 128 سفينة أوروبية بدخول المياه المغربية في المحيط الأطلسي لصيد جزء من الفائض المتاح مقابل تعويض مالي يناهز 208 ملايين يورو (2.3 مليارات درهم) لمدة أربع سنوات؛ كما تلزم الاتحاد بالمساهمة في تمويل حكامة الصيد البحري وتنميته محلياً.
وبحسب الاتفاقية، يتم العمل بنظام الحصص عندما يتعلق الأمر بالصيد الساحلي، حيث تصل الحصة إلى مائة ألف طن في السنة لبعض أنواع السمك، ويشترط إركاب البحارة المغاربة على متن سفن الاتحاد الأوروبي أي ما بين 2 إلى 6 بحارة للسفينة، وتفريغ نسبة من الكميات التي تصطادها في الموانئ المغربية أي بين 25 و30 في المائة.
وتأتي رئاسة إسبانيا للاتحاد في ظرف ينتظر فيه هذا الأخير القرار الاستئنافي للمحكمة الأوروبية الذي من المرجح أن يصدر في شتنبر المقبل ، بعدما كان الحكم الابتدائي قد قضى بإلغاء الاتفاق مع المغرب، وهذا الوضع يجعل من المستحيل بالنسبة للاتحاد الأوروبي الدخول في أية مفاوضات حول هذا الملف..