العلم الإلكترونية - الرباط
تعود المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة إلى الانعقاد في نسختها الثانية ، و هذه المرة تحط الرحال بعاصمة البوغاز ، طنجة ، التي تحتضن طيلة يومي الجمعة و السبت 20 و 21 دجنبر الجاري المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة في طبعتها الثانية ، بعد حوالي خمس سنوات عن تنظيم النسخة الأولى لهذه المناظرة التي كانت قد انعقدت في نفس الموعد من سنة 2019 بمدينة أكادير .
تعود المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة إلى الانعقاد في نسختها الثانية ، و هذه المرة تحط الرحال بعاصمة البوغاز ، طنجة ، التي تحتضن طيلة يومي الجمعة و السبت 20 و 21 دجنبر الجاري المناظرة الوطنية حول الجهوية المتقدمة في طبعتها الثانية ، بعد حوالي خمس سنوات عن تنظيم النسخة الأولى لهذه المناظرة التي كانت قد انعقدت في نفس الموعد من سنة 2019 بمدينة أكادير .
و اختارت الجهة المنظمة لهذه الدورة شعارا مركزيا تمثل في « الجهوية المتقدمة بين تحديات اليوم و الغد « و وجهت الدعوة للمشاركة في هذا الحدث الهام إلى أكثر من 1400 مشارك ، يمثلون مجالس الجهات 12 ، و الذي كانت المشاركة تقتصر في البداية على رؤساء هذه المجالس و نوابهم ، لكن تقرر في الأخير توسيع مجال مشاركة المستشارين الجهويين بفسح المجال أمام جميع أعضاء مكاتب المجالس الجهوية و رؤساء اللجان ،و ضمان تمثيلية جميع مكونات المجالس في إطار من الليونة .كما يشارك في هذه المناظرة منتخبون ترابيون آخرون من مجالس الجماعات المحلية و الإقليمية و ممثلون عن قطاعات وزارية و عن مؤسسات دستورية و مؤسسات عمومية و جامعيون و خبراء و فعاليات من الممتنع المدني ذات الصلة . و علمنا أن المشاركون في المناظرة سيتوزعون على ثلاث ورشات في اليوم الأول وثلاث أخرى في اليوم الثاني .
و الواضح أن الرهان كبير جدا من تنظيم هذه المناظرة ، بهذا الحجم بالنظر إلى أن تجربة الجهوية المتقدمة لم تجد طريقها السالك نحو النجاح في بلادنا لحد الآن .
و الحقيقة أن هذا التأخير في تنزيل جهوية متقدمة حقيقية ليس مشكلا في حد ذاته ، لأن الانتقال من نظام مركزية مطلقة إلى نظام جهوية متقدمة يتميز بالصعوبة و التعقيد ، و حينما ننظر حاليا إلى التجارب العالمية المتقدمة في هذا الصدد ، خصوصا في القارة الأوروبية ، نلاحظ أن هذا الانتقال استغرق مددا طويلة جدا ، إلى أن تلمس طريقه السالك نحو النجاح ، و لكن الإشكال الحقيقي بالنسبة للتجربة الوطنية يتمثل أساساً فيما إذا كان هذا الانتقال البطيء يسير في الاتجاه الصحيح ؟
من الصعب الإنكار بأن بلادنا لم تحقق مكاسب و إنجازات على هذا المستوى ، و من الصعب المقارنة بين ما كان عليه الأمر قبل مدة طويلة ، و ما هو عليه الحال حاليا ، و من المنطقي القول بأن نظام الجهوية المتقدمة خرج إلى الوجود في شكل مؤسسات ، و حدد الإطار العام لهذا النظام الهام ، و تم تشغيل محركاته في محاولة لانطلاق الركب .و هذا في حد ذاته إنجاز كبير جدا ، لأن المرحلة الصعبة تتمثل أساسا في البدايات حيث يتم الانتقال من لاشيء إلى وجود شيء واقعي و سائد .
و في تقديرنا فان الدورة الثانية للمناظرة الوطنية الجهوية المتقدمة التي تنطلق أشغالها غدا تمثل فرصة أساسية لفحص محركات هذه المراكب الجهوية التي انطلقت قبل سنوات عديدة ،و من قمة إصلاح الأعطاب التي أبانت عنها التجربة و الممارسة .و نخال أن وزارة الداخلية و المنتخبون الجهويون من مختلف مواقعهم و الخبراء الذين تابعوا التجربة منذ بدايتها ، و جزء كبير من الطبقة السياسية الوطنية ، راكموا جميعهم من التجارب بما يؤهلهم لإنجاز تقييم موضوعي و حقيقي لهذه التجربة ، و هم اليوم قادرون على الانتقال بهذا إلى المستوى الذي يأمله المغاربة قاطبة .
و هذا التقييم يفرض علينا اليوم أن نعترف بأن مجالس الجهات ظلت حبيسة إكراهات كبيرة و معيقة ، و تحولت في كثير من المرات إلى صناديق للتمويل ، مجردة من صلاحيات حقيقية بما يخلصها من ضيق آلية الوصاية الذي يخنق أنفاسها ، كما أنها تواجه عجزا ماليا كبيرا يحول دون قيامها بالأدوار التنموية المناطة بها ، كما أنها تفتقد أيضا إلى تعزيز حقيقي للحكامة و إلى آليات حقيقية لتقييم سياساتها الجهوية ، و تعرف وهنا كبيرا فيما عقد عليها من آمال في قيام ديمقراطية تشاركية جهوية حقيقية ، ناهيك عما بدأ من اختلال واضح في خريطة الجهوية بوجود جهات معزولة و عديمة الإمكانيات و مفتقدة إلى المؤهلات بما ضيق عليها الخناق ، و قضايا و إشكاليات أخرى تكبل مجالس الجهات و تكبح جماح العاملين فيها ، و تعطل التنمية المستدامة التي تبرر وجودها أصلا .
لذلك كله وغيره كثير ، فإن الرهان على الدورة الثانية من المناظرة الوطنية الجهوية المتقدمة بحب أن تمثل منعطفا حاسما في مسار هذه المؤسسات الترابية الدستورية الوازنة ، و مهم جدا أن نسجل في هذا السباق أن الحكومة مهدت لهذا الحدث البارز بأن برمجت المصادقة في اجتماعها الأسبوعي الذي تعقده اليوم على مراسيم تطبيقية هامة جدا تتعلق بتفعيل اللاتمركز ، و هي المراسيم التي تأخرت عن موعد خروجها إلى الوجود لمدة ناهزت 13 سنة ، لأسباب موضوعية لأنه كان من المفروض الانتهاء من جميع القوانين التنظيمية بمراسيمها التطبيقية في أجل أقصاه خمس سنوات بعد إقرار دستور 2011 .و كان من الصعب ، بل من المستحيل الحديث او المراهنة على تفعيل حقيقي لنظام الجهوية المتقدمة دون توفير التربة الحاضنة له من خلال تنزيل فعلي لنظام اللاتمركز .