العلم الإلكترونية - الرباط
ليست الحكومة الحالية جديدة من حيث الترتيب العددي باعتبارها الرقم 32 في تاريخ الحكومات المغربية منذ الاستقلال، ولكنها جديدة أيضا، بصفة أنها مؤسسة لجيل جديد من السياسات العمومية، و مدشنة لعهد ليس كالعهود السابقة، و واضعة القواعد لمرحلة واعدة دخل المغرب فيها الطور المتقدم من التطور والتجديد والتحديث يقود طلائعه جلالة الملك محمد السادس بالحكمة البالغة وبالرؤية الواضحة وبالإرادة القوية والواعية لبلوغ المستوى من التقدم الذي يليق ببلادنا ويشرف المواطنين ويرفع من مكانة الوطن ومنزلة الأمة المغربية بين الأمم .
من هذا المنظور الواسع الأفق نرى أن الحكومة الجديدة هي، وبكل المقاييس ، حكومة إقلاع ديمقراطي وانطلاق إنمائي، بقدر ما هي تؤسس لعهد جديد يفتح أمام البلاد الآفاق الواسعة للإنعاش الاقتصادي وللإنجاد الاجتماعي وللإسناد السياسي في المعارك ذات الجبهات المتعددة التي ينخرط فيها المغرب ويخوض غمارها بقدر كبير من الثقة بالقدرات الذاتية وباليقين الذي لا يتزعزع في النصر المظفر على مختلف المستويات في الحاضر والمستقبل القريب.
ومن المؤكد أن قوة الحكومة من قوة الدولة، وأن القوتين تستمدان من متانة النسيج المجتمعي ومن صلابة الوحدة الوطنية، وأنه بقدر التفاني في خدمة مصالح المواطنين والاستجابة لانتظاراتهم وتلبية مطالبهم والتجاوب مع تطلعاتهم، تكتسب الحكومة القوة الداعمة والقدرة الوافرة على الإنجاز لتحقيق الأهداف المسطرة.
وهو الأمر الذي وعته الحكومة الوعي الرشيد حين حددت ثلاثة محاور إستراتيجية في البرنامج الحكومي، تشمل تدعيم ركائز الدولة الاجتماعية، ومواكبة التحول الاقتصادي، وتعزيز فعالية الإدارة ونجاعتها. وعلى هذه الركائز الثلاث وضعت الحكومة الالتزامات العشرة التي قطعتها على نفسها وتعهدت بالعمل بها أمام ممثلي الأمة المغربية ونوابها تحت قبة البرلمان، فكانت منسجمة مع المبادئ الموجهة الخمسة ومعبرة أقوى ما يكون التعبير عن طبيعة المهام الوطنية الكبرى التي تضطلع بها. فتحصين الاختيار الديمقراطي وتعزيز آلياته، ومأسسة العدالة الاجتماعية، ووضع الرأسمال البشري في صلب تفعيل النموذج التنموي، وجعل كرامة المواطن أساس السياسات العمومية، وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى وتعزيز قدرتها الشرائية والادخارية، ليست مجرد مبادئ وإنما هي التزامات أيضا، بالمقاييس السياسية والأخلاقية ، وقبل هذه وتلك، المقاييس الوطنية.
استنادا إلى ما التزمت به الحكومة على مستويين متكاملين متداخلين، يتضح أنها ستفي بتعهداتها أمام نواب الأمة ، وستكون حكومة قوية بروح المبادرة، وحكومة قادرة بإرادة الابتكار، وهما عنصران من عناصر النجاح في العمل السياسي المسؤول أمام المواطنين، ومقومان من مقومات الارتقاء إلى المستويات العليا من التقدم الذي هو جوهر التغيير المنشود المحقق للأهداف الوطنية السامية.