تستعد جهة الدار البيضاء-سطات، بقيادة والي الجهة محمد امهيدية، وبالتنسيق مع المركز الجهوي للاستثمار، لإطلاق حزمة جديدة من الإجراءات التنظيمية الخاصة بطلبات الحصول على رخص البناء. وتستهدف هذه الخطوة الشركات والمنعشين العقاريين، بهدف الحد من تنامي عمليات النصب والاحتيال في المشاريع العقارية، التي أصبحت تشكل عبئًا كبيرًا على المحاكم وتسبب خسائر مادية ومعنوية للمواطنين.
وتتضمن الإجراءات المرتقبة إلزام الشركات العقارية بتقديم وثائق تثبت وضعيتها المالية المحينة، خاصة المتعلقة بالمديونية تجاه البنوك والحجوزات التحفظية والتنفيذية المسجلة في سجلاتها التجارية. كما ستُطالب هذه الشركات بالإدلاء بنظامها الأساسي وشهادة التسوية الضريبية (Quitus fiscal)، إضافة إلى تقديم نماذج من المشاريع العقارية التي أنجزتها سابقًا. وتهدف هذه الإجراءات إلى التصدي لتسلل بعض المستثمرين غير المؤهلين، المعروفين بـ"أصحاب الشكارة"، إلى مجال الإنعاش العقاري في ظل غياب قانون منظم للمهنة.
وأفادت مصادر مطلعة بأن هذه التدابير الجديدة سيتم إدماجها ضمن مسار الترخيص الرقمي عبر بوابة "رخص"، لضمان مزيد من الشفافية والرقابة على دخول المستثمرين إلى القطاع. ويأتي ذلك بعد أن كشفت تقارير عن تسبب ضعف إدارة المشاريع وارتفاع أسعار مواد البناء في توقف العديد من الأوراش، مما أدى إلى إخلال بعض المنعشين المبتدئين بالتزاماتهم التعاقدية مع الزبائن.
وتزامنًا مع هذه الإجراءات، شهد القطاع العقاري مؤخرًا انتقال عدد من الأطر البنكية إلى الاستثمار في المجال العقاري، مستفيدين من خبراتهم في تدبير المخاطر والتمويل لتحقيق أرباح مجزية. غير أن هذا التحول كشف عن فجوة تنظيمية كبيرة بسبب غياب إطار قانوني واضح ينظم مهنة المنعش العقاري، ما يطرح تحديات تتعلق بالشفافية وحماية المستهلك واستدامة السوق العقارية.
وفي سياق متصل، أبدت وزارة الداخلية قلقها من تصاعد مخاطر الاحتيال في المشاريع العقارية، حيث تم رصد طلبات استيداع لموظفين في بعض العمالات، تبين لاحقًا انخراطهم في أنشطة البناء عبر شركات مملوكة لهم بشكل غير مباشر. وأكدت تقارير المفتشية العامة للإدارة الترابية تورط بعض هؤلاء الموظفين في معاملات عقارية وعمليات نقل ملكية بأسماء أقاربهم، ما استدعى تكثيف الجهود لضبط هذه الممارسات وحماية القطاع العقاري.