تواصل مؤسسات الحزب وهيئاته التفاعل مع القضايا والمستجدات الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية يؤطرها موقع الحزب كضمير للأمة وتراثه النضالي ومبادئه، التي تؤطر مواقفه المبدئية المعبرة عن انشغالات وآمال المواطنين والمتماهية مع انتظاراتهم الظرفية أو المتواترة.
ضمن هذا النهج الثابت والمسؤول توقفت اللجنة التنفيذية، التي عكفت في اجتماعها الاخير على تدارس مشروع قانون المالية لسنة 2021، عند عدد من الاعطاب والخيارات الحكومية غير الموفقة، التي افقدت مسودة المشروع النفس الإبداعي الذي يؤهله للاستجابة لآمال وتطلعات المواطنين فضلا عن عجزه عن إحداث القطائع الضرورية مع مظاهر الأزمة متعددة الأبعاد، وعن تقديم بدائل خلاقة لتحقيق إقلاع اقتصادي حقيقي، ولتوفير الحماية الاجتماعية للمواطنين.
قيادة الحزب بعد استماعها للعرض الهام والمفصل الذي قدمه الامين العام للحزب، حول أهم مضامين المشروع واستحضارها لجوهر توجيهات جلالة الملك الواردة في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، والتحديات التي تواجه بلادنا في ظل هذه الظرفية الصعبة، سجلت بوضوح أن المشروع يكشف العجز البين للحكومة، وعدم قدرتها على مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وهي في طور البداية، وارتكان الحكومة للحلول الترقيعية المحدودة الأثر.
ضبابية وهشاشة التدابير والإجراءات، التي يقترحها مشروع القانون الذي سيؤطر المشهد الاقتصادي والاجتماعي للبلاد لسنة كاملة في عز مؤشرات أزمة مركبة وسياق دولي صعب، يحددها الحزب في غلبة السياسات والاختيارات الموغلة في الليبرالية التي تصر الحكومة على الاستمرار في تبنيها على الرغم من ان الأزمة أشرت على نهاية صلاحيتها الاقتصادية والاجتماعية وهي في العمق تعاكس إرادة تقوية السيادة الوطنية، وتحقيق الأمن المائي, الطاقي و الغذائي، والانتقال الرقمي لبلادنا.
من الواضح أن فلسفة الاجتهاد الحكومي في صياغة المشروع المسيجة بالحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية واجترار الوصفات الجاهزة لمواجهة الموازين المختلة, قد انتجت وثيقة مرجعية هشة وهجينة تكرس العجز الحكومي في التفاعل مع المستجدات المفاجئة أو التحديات الناجمة عن الازمات الطارئة.
هذا السلوك المتكرر في الأداء الحكومي المختل هو ما يبرر موقف الحزب الرافض لمواصلة الحكومة منهجية استهداف الطبقة الوسطى ببلادنا والاستقواء عليها وضرب قدرتها الشرائية، ولجوئها في تمويل عجزها السياسي والمالي إلى جيوب المواطنين من الطبقة الوسطى التي تعرف اندحارا خطيرا، وإلى المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي هي في حاجة أصلا إلى الدعم والإسناد والتعزيز من أجل تحريك عجلة الاستهلاك والإنتاج الوطني، وتحفيز الاستثمار، وخلق فرص الشغل والحفاظ عليه.
سياسيا يعكس مشروع قانون المالية البناء المهتز للأغلبية الحكومية وتكشف صيغته المرتجلة استمرار المسلسل المؤسف للمشاحنات والخصومات والصراعات داخل مكونات الأغلبية الحكومية التي أصبحت عاملا يعرقل الإصلاحات السياسية التي تتطلع إليها بلادنا في توطيد مسارها الديمقراطي، نتيجة عجزها عن التوافق حول المنظومة الانتخابية، وتصدير خلافاتها إلى البرلمان مما يفوت على البلاد زمنا سياسيا ثمينا للتعجيل بإصلاحات هيكلية هامة من قبيل قانون الإطار للتعليم والقانون التنظيمي للأمازيغية ومشروع القانون الجنائي وغيرها من الاوراش المعطلة.
اجتماعيا يستغرب بلاغ الحزب كيف للحكومة أن تعلن من جهة الانطلاق في ورش تعميم الحماية الاجتماعية، في الوقت الذي يخلو مشروع قانونها المالي من أي تدبيريفيد الشروع في الإصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد وهو ما يكشف نيتها غير السليمة وسعيها للتملص من مسؤولياتها والتزاماتها عبر تصدير الأزمات إلى الحكومة المقبلة والدفع بها نحو خيار وحيد هو التأشير على إفلاس منظومة المعاشات المدنية سنة 2022، مع ما يعنيه ذلك من استنزاف متجدد لجيوب المواطنات والمواطنين من أجل تمويل هذا العجز وتأخير هذا الإفلاس لبضع سنوات أخرى....
العلم