الأخ نزار بركة يقدم رؤية حزب الاستقلال لتحديات المغرب الراهنة والمستقبلية

العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي 

في أعقاب انعقاد الدورة الأولى العادية للمجلس الوطني لحزب الاستقلال التي احتضنتها مدينة سلا أمس السبت 7 دجنبر الجاري، ألقى نزار بركة، الأمين العام للحزب، عرضا سياسيا تناول فيه العديد من القضايا الوطنية والدولية، إلى جانب استعراض الوضعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة في المغرب والجوانب التنظيمية للحزب. وقد جاء العرض ليؤكد الدور المحوري للحزب في المشهد السياسي الوطني وسعيه المستمر إلى الإسهام في تحقيق تطلعات الشعب المغربي نحو الكرامة والعدالة والتنمية المستدامة.  

 

واستهل نزار بركة عرضه بالإشادة بالروح النضالية التي سادت بين أعضاء الحزب خلال مؤتمراته التنظيمية الأخيرة المتمثلة في المجالس الإقليمية، والتي أفضت إلى انتخاب هياكل جديدة للحزب على المستويين الوطني والمحلي، مؤكدا أن هذه المحطة التنظيمية تمثل خطوة أساسية نحو تعزيز البناء الداخلي للحزب وفق أسس الديمقراطية والتشاركية، مشيرا إلى أهمية تحديث الأنظمة الداخلية لتتوافق مع التعديلات التي تم إدراجها في النظام الأساسي للحزب خلال المؤتمر الوطني الأخير.  

 

كما أعلن الأمين العام لحزب الاستقلال عن إعداد ميثاق جديد للأخلاقيات والسلوك السياسي، الذي يُعتبر وثيقة مرجعية تهدف إلى ضبط السلوكيات الحزبية وتعزيز الشفافية والانضباط بين الأعضاء، موضحا أن هذه اللجنة التي أنشأها الحزب حديثا، ستتولى السهر على تفعيل هذا الميثاق وضمان احترامه.  

انتقل نزار بركة إلى مناقشة قانون المالية لسنة 2025، الذي اعتبره تمثلا واضحا لرغبة الحكومة في معالجة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضتها ظروف دولية صعبة.  

 

وأبرز بركة أن قانون المالية يركز على رفع أجور عدد من الفئات، مثل الأطباء والقضاة ورجال التعليم وأساتذة التعليم العالي، بزيادات مهمة ومحفزة تراوحت بين 1500 درهم و4000 آلاف درهم، في خطوة تستهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية لهذه الفئات الأساسية في المجتمع، كما أشار إلى تخفيض الضريبة على الدخل وإعفاء المعاشات من الضرائب والرواتب الشهرية التي لا تتجاوز 6 آلاف درهم، وهي إجراءات تعكس توجها حكوميا لدعم الطبقة الوسطى وتعزيز قدرتها الشرائية.  

 

وأضاف الأمين العام أن الحكومة خصصت 14 مليار درهم لدعم التشغيل، مع تركيز خاص على المناطق القروية التي تأثرت بالجفاف . وأوضح أن ميثاق الاستثمار الجديد يمنح تحفيزات خاصة للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، مما يعزز مناخ الأعمال ويشجع على الاستثمار في المناطق النائية لتوفير فرص شغل حقيقية للشباب والنساء، والفئات الأكثر هشاشة وتأثرا بالبطالة في عدد من القطاعات.  

 

وأشار إلى زيادة الاستثمارات العمومية إلى 240 مليار درهم، وتوجيهها نحو قطاعات استراتيجية مثل الفلاحة والصناعة والطاقة النظيفة، كما شدد على ضرورة التركيز على الأقاليم الجنوبية كمحور استراتيجي للتنمية، خاصة في ظل المشاريع الكبرى التي تشهدها هذه المناطق.  

كما تطرق الأمين العام للحزب إلى المشاكل الاجتماعية الملحة، مثل الفقر والفوارق المجالية، مؤكدا أن الحكومة تعمل على تعزيز الحماية الاجتماعية، خصوصا عبر مشروع التغطية الصحية الشاملة الذي سيغطي كافة المواطنين بحلول عام 2025.  

 

وأشار إلى أهمية تطوير التعليم وتحسين جودته، موضحا أن تحسين أوضاع المعلمين يعتبر جزءا من استراتيجية أوسع للنهوض بمنظومة التعليم وتوفير فرص متكافئة للجميع، داعيا إلى مواصلة الإصلاحات الصحية بما يضمن عدالة الوصول إلى الخدمات الطبية، خاصة في المناطق القروية والنائية.  

واحتلت قضية الصحراء المغربية حيزا هاما في خطاب الأمين العام الذي أشاد بالإنجازات الدبلوماسية التي حققتها المملكة تحت قيادة الملك محمد السادس. وذكر أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء ودعم الدول الأوروبية الكبرى لمبادرة الحكم الذاتي على رأسها فرنسا وإسبانيا، يمثلان نقطتي تحول في ملف الوحدة الترابية.  

 

وأكد بركة أن المرحلة المقبلة تتطلب استثمارا جادا لهذه المكاسب من أجل تعزيز الدور الإقليمي للمغرب، داعيا كافة الأحزاب الوطنية إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية لمواجهة التحديات الخارجية، خاصة المناورات التي تستهدف عرقلة تطور الملف

في إطار الحديث عن القضايا الدولية، أكد الأمين العام التزام حزب الاستقلال بمساندة القضية الفلسطينية، معتبرا أنها جزء لا يتجزأ من مبادئ الحزب، مجددا الدعوة إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيدا بالدور الذي تلعبه وكالة بيت مال القدس الشريف في دعم الفلسطينيين وحماية التراث الإسلامي والمسيحي للمدينة.  

واختتم نزار بركة خطابه السياسي بالتأكيد على أن حزب الاستقلال سيظل في صلب التحولات الوطنية الكبرى، كما سيسعى بكل جهوده إلى المساهمة في بلورة تعاقد اجتماعي جديد يحقق التوازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أهمية تعزيز دور المؤسسات الديمقراطية وتقوية الثقة بين المواطن والدولة.