2024 ماي 8 - تم تعديله في [التاريخ]

‮«‬مراسلون‭ ‬بلا‭ ‬حدود» ‬‭ ‬و«فريدوم‭ ‬هاوس»‬‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬شادة

المؤسستان تغضان‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬142‭ ‬صحافيا‭ ‬وعاملا‭ ‬إعلاميا‭ ‬وعشرات‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬أسرهم‭ ‬ويتحدثون‭ ‬عن‭ ‬خروقات‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬معينة


العلم الإلكترونية - سعيد الوزان

يبدو‭ ‬أن‭ ‬المنظمات‭ ‬الحقوقية‭ ‬الدولية‭ ‬عمياء،‭ ‬وفي‭ ‬أفضل‭ ‬الأحوال‭ ‬عمشاء،‭ ‬حتى‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تبصر‭ ‬بعين‭ ‬محايدة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬مآسي‭ ‬وتقتيل‭ ‬يطال‭ ‬الأبرياء‭ ‬العزل‭. ‬
 
ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتساقط‭ ‬فيه‭ ‬عشرات‭ ‬الصحافيين‭ ‬قتلى‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الشنعاء‭ ‬التي‭ ‬يشنها‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ضد‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬هزت‭ ‬الضمير‭ ‬الإنساني،‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬142‭ ‬صحافي‭ ‬وصحافية،‭ ‬وهو‭ ‬الرقم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتحقق‭ ‬حتى‭ ‬خلال‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬تخرج‭ ‬تقارير‭ ‬لمنظمات‭ ‬تعنى‭ ‬بحرية‭ ‬الصحافة‭ ‬غير‭ ‬عابئة‭ ‬بذلك،‭ ‬مثيرة‭ ‬حالات‭ ‬هجينة‭ ‬في‭ ‬تقاريرها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬واضعيها‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يتوفرون‭ ‬على‭ ‬النزر‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬الموضوعية‭ ‬والحياد،‭ ‬بل‭ ‬والنزاهة‭ ‬الفكرية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬في‭ ‬حدهما‭ ‬الأدنى‭.‬
 
وما‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭ ‬حقا،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬من‭ ‬مساواة‭ ‬مستحيلة‭ ‬بين‭ ‬الضحية‭ ‬وبين‭ ‬الجلاد،‭ ‬فتقوم‭ ‬بوضع‭ ‬مؤشرات‭ ‬تغفل‭ ‬فيها‭ ‬عما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وفي‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬بقاع‭ ‬العالم‭ ‬المشتعلة،‭ ‬بينما‭ ‬تسلط‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬لا‭ ‬تخطئ‭ ‬عين‭ ‬كل‭ ‬ملاحظ‭ ‬نزيه‭ ‬ومحايد‭ ‬سيرها‭ ‬الحثيث‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬تطوير‭ ‬مجالها‭ ‬الحقوقي‭ ‬والإعلامي،‭ ‬وتقوية‭ ‬ترساناتها‭ ‬القانونية‭ ‬والمؤسساتية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬
 
فالمطالع‭ ‬لتقرير‭ ‬منظمة‭ ‬‮«‬مراسلون‭ ‬بلا‭ ‬حدود‮»‬‭ ‬مثلا،‭ ‬سيصدم‭ ‬لا‭ ‬محالة‭ ‬حين‭ ‬يجد‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬قد‭ ‬وضعت‭ ‬المغرب،‭ ‬كبلد‭ ‬نموذجي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬دنيا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬دول‭ ‬بعينها‭.‬
 
‭ ‬ويمكن‭ ‬للمرء‭ ‬أن‭ ‬يهمس‭ ‬في‭ ‬آذان‭ ‬واضعي‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬المطبوخة‭ ‬على‭ ‬نار‭ ‬هادئة،‭ ‬داخل‭ ‬مطابخهم‭ ‬التي‭ ‬تفوح‭ ‬منها‭ ‬رائحة‭ ‬الشواظ‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مصنفا‭ ‬ضمن‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬فيها‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬وضعية‭ ‬صعبة‭ ‬في‭ ‬مؤشركم‭ (‬المختل‭) ‬في‭ ‬حرية‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فما‭ ‬الذي‭ ‬ستقولونه‭ ‬إذن‭ ‬عن‭ ‬وضعية‭ ‬مهنة‭ ‬المتاعب‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬المحتلة‭ ‬مثلا،‭ ‬هناك‭ ‬حيث‭ ‬مجرد‭ ‬حملك‭ ‬لكاميرا‭ ‬أو‭ ‬لقلم‭ ‬حبر‭ ‬مع‭ ‬كراس‭ ‬كفيل‭ ‬بتعرضك‭ ‬لإصابة‭ ‬مباشرة‭ ‬برصاصة‭ ‬في‭ ‬الرأس،‭ (‬من‭ ‬ينسى‭ ‬شيرين‭ ‬أبو‭ ‬عاقلة؟‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬ضربك‭ ‬بصاروخ‭ ‬تحمله‭ ‬طائرة‭ ‬مسيرة؟‭ ‬
 
ما‭ ‬الذي‭ ‬ستقولونه‭ ‬عن‭ ‬بلدان،‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬لذكر‭ ‬اسمها‭ ‬فهي‭ ‬معروفة،‭ ‬تسحل‭ ‬فيها‭ ‬أجساد‭ ‬الصحافيين،‭ ‬وتقطع‭ ‬فيها‭ ‬الألسن‭ ‬وتفقأ‭ ‬العيون‭.‬
 
ولماذا‭ ‬تستهدفون‭ ‬دولا‭ ‬دون‭ ‬غيرها،‭ ‬تسقطون‭ ‬عليها،‭ ‬ظلما،‭ ‬كل‭ ‬مفاهيمكم‭ ‬المطاطة‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرية‭ ‬التعبير‭ ‬وما‭ ‬سوى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شعارات‭ ‬براقة،‭ ‬لا‭ ‬يصدقها‭ ‬إلا‭ ‬أنتم؟،‭ ‬بأي‭ ‬مكاييل‭ ‬تقيسون‭ ‬تقاريركم،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مغموسة‭ ‬بحبر‭ ‬الأجندات‭ ‬الخفية‭ ‬التي‭ ‬تحركها‭ ‬أطراف‭ ‬مكشوفة،‭ ‬خدمة‭ ‬لمصالح‭ ‬مفضوحة؟
 
نفس‭ ‬الكلام‭ ‬يقال‭ ‬للخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬يا‭ ‬حسرة،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تر‭ ‬إلا‭ ‬تجاوزات‭ ‬وقمع‭ ‬ورقابة‭ ‬في‭ ‬وصفها‭ ‬لحالة‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬داخل‭ ‬بلادنا،‭ ‬بينما‭ ‬تدير‭ ‬رأسها‭ ‬غافلة‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬آلة‭ ‬القتل‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬في‭ ‬قفز‭ ‬سافر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬عرف‭ ‬وكل‭ ‬شريعة‭ ‬وكل‭ ‬دين،‭ ‬على‭ ‬مرأى‭ ‬ومسمع‭ ‬من‭ ‬العالم‭.‬
 



في نفس الركن