2022 أكتوبر 18 - تم تعديله في [التاريخ]

‭ ‬هل‭ ‬يساهم‭ ‬خفض‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬في‭ ‬تراجع ثمن الأندية ‬

أمام‭ ‬الارتفاع‭ ‬المهول‭ ‬لأثمنة‭ ‬الأدوية‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬


العلم الإلكترونية - لحسن الياسميني

يعتبر‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬ارتفاعا‭ ‬مهولا‭ ‬في‭ ‬أثمنة‭ ‬الأدوية‭  ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬،‭ ‬ومنها‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬،‭  ‬وتمثل‭ ‬هذه‭ ‬الوضعية‭ ‬عاملا‭ ‬حاسما‭ ‬من‭ ‬عوامل‭  ‬تعقد‭ ‬المشكل‭ ‬الصحي‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭  ‬فئات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭ ‬المغربي‭ ‬لا‭ ‬تشملها‭ ‬التغطية‭ ‬الصحية‭ ‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭  ‬توفر‭ ‬فئات‭ ‬مهمة‭ ‬على‭ ‬‮«‬الراميد‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التغطية‭ ‬لا‭ ‬تشمل‭ ‬الأدوية‭‬، ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬الاستشفاء‭ ‬فقط،‭ ‬والاستشفاء‭ ‬حصريا‭ ‬في‭ ‬المستشفيات‭ ‬العمومية،‭ ‬ليبقى‭ ‬الراميد‭ ‬الذي‭ ‬تسلمه‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭  ‬شهادة‭ ‬ضعف‭ ‬مستديمة‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تغطية‭ ‬تكاليف‭  ‬الاستشارات‭ ‬الطبية‭ ‬والدواء‭  ‬او‭ ‬بالأحرى‭ ‬نسبة‭ ‬منها‭   ‬التي‭  ‬يعوضها‭ ‬الصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تبقى‭ ‬ضعيفة‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬الثمن‭ ‬الحقيقى‭ ‬الذي‭ ‬يدفعه‭ ‬المواطن‭ .‬بحكم‭ ‬الفرق‭ ‬مع‭ ‬الثمن‭  ‬المرجعي‭ ‬الذي‭ ‬يعتمده‭ ‬الصندوق‭ ‬سواء‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأدوية‭ ‬أو‭ ‬للاستشارات‭ ‬الطبية‭ . ‬

وكان‭ ‬تقرير‭ ‬أعدته‭ ‬لجنة‭ ‬موضوعاتية‭ ‬حول‭ ‬الأمن‭ ‬الصحي،‭ ‬شكلها‭ ‬مجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬منذ‭ ‬أشهر،‭ ‬قد‭ ‬وقف‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬السياسة‭ ‬الدوائية‭ ‬ببلادنا‭.‬وأكد‭  ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬تمت‭ ‬مناقشة‭ ‬مضامينه‭ ‬خلال‭ ‬جلسة‭ ‬عامة‭ ‬بمجلس‭ ‬المستشارين،‭ ‬الثلاثاء‭ ‬19‭ ‬يوليوز‭ ‬2022،‭ ‬أن‭ ‬الأدوية‭ ‬الأكثر‭ ‬استهلاكا‭ ‬تتسم‭ ‬بالغلاء‭ ‬مقارنة‭ ‬بدول‭ ‬الجوار،‭ ‬وخصوصا‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬والمستعصية‭.‬

كما‭ ‬رصدت‭ ‬المجموعة‭ ‬التي‭ ‬عقدت‭ ‬لقاءات‭ ‬عديدة‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬ومع‭ ‬ممثلي‭ ‬الأطباء‭ ‬والصيادلة،‭ ‬الإقبال‭ ‬الضعيف‭ ‬على‭ ‬وصف‭ ‬الدواء‭ ‬الجنيس‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬الأطباء‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬جودته،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬الضرائب‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬تستعمل‭ ‬بكثرة‭ ‬وذات‭ ‬التكلفة‭ ‬المرتفعة‭.‬

ولفت‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬غلاء‭ ‬تكلفة‭ ‬العلاج‭ ‬مقارنة‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬يدفع‭ ‬بعض‭ ‬الأسر‭ ‬إلى‭ ‬التوجه‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الصيدليات‭ ‬بدون‭ ‬وصفة‭ ‬طبية،‭ ‬أو‭ ‬استعمال‭ ‬بعض‭ ‬الأعشاب‭ ‬والمستحضرات‭ ‬الطبيعية‭.‬

وسجل‭ ‬التقرير‭ ‬ارتفاع‭ ‬نفقات‭ ‬الأسر‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الأدوية،‭ ‬التي‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬نسبة‭ ‬43‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الانفاق‭ ‬الإجمالي‭ ‬على‭ ‬العلاج،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬ندرة‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬وعدم‭ ‬انتشارها‭ ‬بشكل‭ ‬عادل‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الترابي‭.‬

وشددت‭ ‬المجموعة‭ ‬الموضوعاتية‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬تشجيع‭ ‬استعمال‭ ‬الدواء‭ ‬الجنيس،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدماجه‭ ‬ضمن‭ ‬البروتوكولات‭ ‬العلاجية،‭ ‬وجعل‭ ‬الأطباء‭ ‬يقبلون‭ ‬بوصفه،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬مراقبة‭ ‬تصنيعه‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬جودته‭ ‬وسلامته‭ ‬وفعاليته،‭ ‬وحضر‭ ‬بيع‭ ‬الأدوية‭ ‬خارج‭ ‬الصيدليات،‭ ‬ومحاربة‭ ‬ظاهرة‭ ‬بيع‭ ‬الأدوية‭ ‬والمضادات‭ ‬الحيوية‭ ‬خارج‭ ‬المسار‭ ‬العادي‭ ‬للعلاج‭ ‬وبدون‭ ‬وصفات‭ ‬طبية‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وتماشيا‭ ‬مع‭ ‬تصور‭ ‬الحكومة‭ ‬القاضي‭ ‬بإحداث‭ ‬وكالة‭ ‬وطنية‭ ‬للأدوية‭ ‬والمنتجات‭ ‬الصحية،‭ ‬طالبت‭ ‬المجموعة‭ ‬الموضوعاتية‭ ‬بتمكين‭ ‬هذه‭ ‬الوكالة‭ ‬من‭ ‬الآليات‭ ‬القانونية‭ ‬الضرورية‭ ‬ومن‭ ‬الموارد‭ ‬المالية‭ ‬والبشرية‭ ‬المناسبة،‭ ‬وضمان‭ ‬استقلاليتها،‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬مراقبة‭ ‬جودة‭ ‬الأدوية‭ ‬وسلامتها،‭ ‬وضبط‭ ‬السوق‭ ‬وفق‭ ‬شروط‭ ‬المنافسة‭ ‬الشفافة،‭ ‬والتحكم‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطنين،‭ ‬والحرص‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬شراء‭ ‬واستعمال‭ ‬الأدوية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ ‬والمستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬بشكل‭ ‬يضمن‭ ‬عدم‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬تعارض‭ ‬المصالح‭.‬

ومن‭ ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬ثمن‭ ‬الأدوية‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬منها‭ ‬،‭ ‬عدم‭ ‬مراقبة‭ ‬المنافسة‭ ‬،‭ ‬والضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تعكف‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬وزارة‭  ‬الصحة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والوزارة‭ ‬المنتدبة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالميزانية‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬اللمسات‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬القرار‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الذي‭ ‬يخص‭ ‬تخفيض‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬على‭ ‬الأدوية،‭ ‬وتخفيض‭ ‬الرسوم‭ ‬على‭ ‬المنتجات‭ ‬الصحية‭ ‬والمستلزمات‭ ‬واللوازم‭ ‬الطبية‭ ‬وشبه‭ ‬الطبية‭ ‬المستوردة‭ ‬،‭ ‬ونقلت‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬سيعلن‭ ‬عنه‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2023،‭ ‬يأتي‭ ‬تنفيذا‭ ‬للتعليمات‭ ‬السامية‭ ‬لصاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬صحة‭ ‬ووصول‭ ‬المواطنين‭ ‬إلى‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬في‭ ‬صميم‭ ‬الاهتمامات‭ ‬الوطنية‭.‬

وأكد‭ ‬البلاغ‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬الذي‭ ‬اشتغل‭ ‬عليه‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬كبير‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬السيدين‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والوزارة‭ ‬المنتدبة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالميزانية‭ ‬سيسمح‭ ‬بتخفيض‭ ‬أسعار‭ ‬الأدوية،‭ ‬وكذلك‭ ‬المنتجات‭ ‬الصحية‭ ‬والمستلزمات‭ ‬واللوازم‭ ‬الطبية‭ ‬وشبه‭ ‬الطبية‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬الخارج،‭ ‬مما‭ ‬سيمكن‭ ‬من‭ ‬توفيرها‭ ‬للمواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬بأثمنة‭ ‬معقولة‭.‬

وكانت ‬وزارة‭ ‬الصحة‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬قد‭ ‬أعلنت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬مستعجلة‭ ‬لتكوين‭ ‬وتأمين‭ ‬المخزون‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬والمنتجات‭ ‬الصحية‭ ‬المعرضة‭ ‬للنقص‭ ‬أو‭ ‬انقطاع‭ ‬الإمدادات‭ ‬الحالية‭ ‬أو‭ ‬المحتملة‭ ‬لسنة‭ ‬2023،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مهمتها‭ ‬لضمان‭ ‬الإمداد‭ ‬المناسب‭ ‬والمستمر‭ ‬واتخاذ‭ ‬كافة‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬لمنع‭ ‬وتخفيف‭ ‬أي‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬الإمداد‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬تنتظر‭ ‬فئات‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬لمشاكل‭ ‬غلاء‭ ‬الدواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خفض‭ ‬الأثمنة‭ ‬وتعميم‭ ‬الحماية‭ ‬الصحية‭. ‬كما‭ ‬تنتظر‭ ‬التعامل‭ ‬بصرامة‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬أثمنة‭ ‬الأدوية‭ ‬والاستشارات‭ ‬الطبية‭ ‬،‭ ,‬وظروف‭ ‬وأثمنة‭ ‬الاستشفاء‭ ‬في‭ ‬المصحات‭ ‬الخاصة‭ . ‬

‭ ‬فهل‭ ‬سيساهم‭ ‬خفض‭ ‬الرسوم‭ ‬والضرائب‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬أثمنة‭ ‬الأدوية؟‭ ‬



في نفس الركن