2024 نونبر 5 - تم تعديله في [التاريخ]

‬بوريطة‭ ‬وهلال‭ ‬يفككان‭ ‬خلفيات‭ ‬الهذيان‭ ‬المستمر‭ ‬لحكام‭ ‬الجزائر

قصر‭ ‬المرادية‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬دفاعي‭ ‬مستمر‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬الانتكاسات‭ ‬المتتالية..


المغرب‭ ‬عكس‭ ‬جارته‭ ‬الشرقية‭ ‬لا‭ ‬يتدخل‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬الجزائر‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى


*العلم‭ : ‬رشيد‭ ‬زمهوط*

بلغة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬راقية‭ ‬ورصينة‭ ‬أصاب‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬والتعاون‮ ‬عين‭ ‬الحقيقة‭ ‬وعرى‭ ‬مواطن‮ ‬الداء‭ ‬والخلل‮ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬خلفيات‭ ‬ودواعي‭ ‬التهافت‭ ‬العدائي‭ ‬للجارة‭ ‬الشرقية‭ ‬تجاه‭ ‬المغرب‭ ‬بعد‭ ‬زيارة‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬الناجحة‭ ‬للرباط‭ ‬وتجديده‭ ‬دعم‭ ‬فرنسا‭ ‬لمغربية‭ ‬الصحراء‭ ‬ولمبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬كأساس‭ ‬واقعي‭ ‬وعملي‭ ‬وحيد‭ ‬لحل‭ ‬سياسي‭ ‬للنزاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬المفتعل‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭.‬

السيد‭ ‬ناصر‭ ‬بوريطة‭ ‬أكد‭ ‬السبت‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬خص‭ ‬به‮ ‬مجلة‭ ‬لوبوان‮  ‬الفرنسية‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يتدخل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬بالجزائر‭ ‬وهو‮  ‬يركز‭ ‬بشكل‭ ‬حصري‭ ‬على‭ ‬علاقاته‭ ‬الثنائية‭ ‬مع‭ ‬شركائه‮ ‬تاركا‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬الحرية‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الروابط‭ ‬التي‭ ‬ترغب‭ ‬فيها‭ ‬مع‭ ‬الجزائر‭.‬

وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬بكونه‭ ‬عقيدة‭ ‬واضحة‭ ‬وثابتة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬مضيفا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الجارة‭ ‬الشرقية‮  ‬تعتبر‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقات‭ ‬الرباط‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬بمثابة‭ ‬تهديد‭ ‬لها،‭ ‬فهذا‭ ‬متروك‭ ‬لتفسيرها‭ ‬الذاتي‭ ‬الخاص،‭ ‬إذ‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمملكة‮ ‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬ترهن‮ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬بتلك‭ ‬التي‭ ‬تقيمها‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬أولوية‭ ‬المغرب‭ ‬هي‭ ‬تعزيز‭ ‬علاقاته‭ ‬بما‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬مصالحه‭ ‬الخاصة‭.‬

الواقع‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬الثابت‭ ‬والأصيل‭ ‬أصالة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬للمملكة‭ ‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬السيد‭ ‬بوريطة،‭ ‬يعد‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‮  ‬رسالة‭ ‬بليغة‭ ‬وهادئة‭ ‬لنظام‭ ‬الجارة‭ ‬الشرقية‭ ‬الذي‭ ‬اختار‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه‭ ‬وبإرادته‭ ‬الحرة‭ ‬والمستقلة‭ ‬قبل‭ ‬قرابة‭ ‬الأربعين‭ ‬شهرا‭ ‬قطع‭ ‬جميع‭ ‬صلاته‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬الرباط‭ ‬و‭ ‬تحولت‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬و‭ ‬منابر‭ ‬المنتديات‭ ‬واللقاءات‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬لغة‭ ‬الحوار‭ ‬الوحيدة‭ ‬بين‭ ‬بلدين‭ ‬جارين‭ ‬لا‭ ‬تفصلهما‭ ‬الا‭ ‬حدود‭ ‬برية‭ ‬مغلقة‭ ‬بدورها‭ ‬منذ‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود‭.‬

الواقع‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‮ ‬لم‭ ‬يستفق‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬صدمة‭ ‬تخلي‭ ‬قصر‭ ‬الايليزيه‭ ‬عنه‭ ‬وانخراطه‭ ‬بقرار‭ ‬سيادي‮ ‬يتحدى‭ ‬كل‭ ‬السموم‮ ‬والمؤامرات‭ ‬في‭ ‬مبادرة‮  ‬تاريخية‭ ‬فتحت‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬وناضجة‭ ‬مع‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬قوامها‭ ‬الاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والنظرة‭ ‬الاستشرافية‭ ‬للمستقبل‭.‬

ساعات‭ ‬قبل‭ ‬هبوط‭ ‬طائرة‭ ‬الرئيس‭ ‬ماكرون‭ ‬بمطار‭ ‬الرباط،‭ ‬توجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬للقاهرة‭ ‬ومسقط‭ ‬ضمن‭ ‬خطوة‭ ‬لتوهيم‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الجزائري‭ ‬والمحيط‭ ‬الإقليمي‮  ‬بأن‭ ‬إلغاء‭ ‬الزيارة‭ ‬المبرمجة‭ ‬سلفا‭ ‬من‭ ‬تبون‭ ‬بمجرد‭ ‬إعادة‭ ‬انتخابه‮ ‬لفرنسا‭ ‬عقابا‭ ‬على‭ ‬اصطفاف‭ ‬ساكن‭ ‬الايليزيه‭ ‬مع‭ ‬الطرح‭ ‬المغربي ‬الصيف‭ ‬الماضي،‭ ‬لا‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬هيبة‭ ‬وسمعة‭ ‬وكبرياء‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬نسج‭ ‬تحالفات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬أنقاض‭ ‬الحلم‭ ‬الفرنسي‭ ‬الموؤود‭ .‬

الذي‭ ‬وقع‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬تبون‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬وسلطنة‭ ‬عمان‭ ‬بخفي‭ ‬حنين‭ ‬ولم‭ ‬يتحصل‭ ‬من‭ ‬قائدي‭ ‬البلدين‭ ‬العربيين‭ ‬الملتزمين‭ ‬بمواثيق‭ ‬ومواقف‭ ‬الأسرة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬وعد‭ ‬أو‭ ‬التزام‭ ‬بالوقوف‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المصالح‭ ‬المغربية‭ ‬العليا‭.. ‬ليجد‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬أمامه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تبعات‭ ‬وعواقب‭ ‬انتكاسة‮  ‬دبلوماسية‭ ‬جديدة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬مندوب‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬قناعات‭ ‬أعضاء‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ - ‬باستثناء‭ ‬الموزمبيق‭ ‬الدائرة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬ورثة‮  ‬الهواري‭ ‬بومدين‭ ‬–‭ ‬تجاه‭ ‬مبادرة‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬ورفض‭ ‬الجهاز‭ ‬التنفيذي‭ ‬الأممي‭ ‬الانصياع‭ ‬للإملاءات‭ ‬الجزائرية‭ ‬بتعديل‭ ‬مسودة‭ ‬نص‭ ‬القرار‭ ‬الأممي‮  ‬الذي‭ ‬صاغته‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المعترفة‭ ‬بدورها‭ ‬سلفا‭ ‬بسيادة‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬صحرائه‭.‬

لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عنجهية‭ ‬وتخبط‭ ‬أدوات‭ ‬النظام‭ ‬الجزائري‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬المهول‭ ‬من‭ ‬المنعرجات‭ ‬والقرارت‭ ‬العشوائية‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تشويه‭ ‬سمعة‭ ‬بلادهم‭ ‬وتسويد‭ ‬صورتها‭ ‬الدولية،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬حكام‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭ ‬مازالوا‭ ‬ممعنين‮  ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الضلالة‭ ‬وسلوكات‭ ‬التضليل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الركوب‭ ‬على‭ ‬الاحتفالات‭ ‬الرسمية‭ ‬بعيد‭ ‬ثورة‭ ‬الفاتح‭ ‬نونبر‭ ‬الجزائرية،‭ ‬وتسويق‭ ‬برنامج‭ ‬وحمولة‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬الاحتفالي‭ ‬كنصر‭ ‬وهمي‭ ‬على‭ ‬المغرب‭ ‬وحليفته‭ ‬فرنسا‭ ‬والادعاء‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬مساحيق‭ ‬الخداع‭ ‬والكذب‭ ‬بأن‭ ‬جلوس‭ ‬قيادات‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬مغاربية‭ ‬الى‭ ‬جانب‭ ‬زعيم‭ ‬جمهورية‭ ‬الخيام‭ ‬بتندوف‭ ‬بالمنصة‭ ‬الشرفية‭ ‬للاستعراض‭ ‬العسكري‮  ‬الاستفزازي‭ ‬بقلب‭ ‬العاصمة‭ ‬الجزائرية‭ ‬هو‭ ‬دلالة‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬العقول‭ ‬الصغيرة‭ ‬للنظام‭ ‬على‭ ‬عزلة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬المباشر‭ ‬و‭‬تأكيد‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬الجزائر‭ ‬القوة‭ ‬الضاربة‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬موازين‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬ساعات‭.‬

أمام‭ ‬هذا‭ ‬التخبط‭ ‬الجنوني‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬المعارك‭ ‬الدونكيشوطية‭ ‬الفاشلة‭ -‬بخليط‭ ‬من‭ ‬سلوك‭ ‬الهذيان‭ ‬والغباء‭ ‬المركب‭ ‬وحتى‭ ‬العجز‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬جوهر‭ ‬الحقائق‭ ‬و الوعي‭ ‬بدرجات‭ ‬التغيير‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬أنماط‭ ‬التفكير‭ ‬وتمثلها‭ ‬في‮  ‬تدبير‭ ‬العلاقات‮  ‬الجوارية‭ ‬والتحالفات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والجهوية‭ ‬وشروط‭ ‬تعهدها‭ ‬وضمان‭ ‬استدامتها‭ - ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬استحضار‭ ‬خلاصة‭ ‬دالة‭ ‬وبليغة‭ ‬وردت‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬ممثل‭ ‬المغرب‭ ‬الدائم‭ ‬بالأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬السفير‭ ‬عمر‭ ‬هلال‭ ‬الذي‭ ‬يفيد‭ ‬أن‭ ‬نزوات‭ ‬الجزائر‭ ‬المتكررة‭ ‬سلوك‭ ‬معتاد‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬انتكاساتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬و‬موقف‭ ‬دفاعي‭ ‬وظيفي‭ ‬لحكام‭ ‬الجزائر‭ ‬بعد‭ ‬الإخفاقات‭ ‬الدبلوماسية‮  ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‮  ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭. ‬



في نفس الركن