2021 يونيو/جوان 1 - تم تعديله في [التاريخ]

وقائع و خلفيات لفهم دوافع السلوك الانتهازي لمدريد في الأزمة الأخيرة بين البلدين الجارين

من الواضح أن منطق الحنين الاستعماري و سلوك الخوف و التوجس من تحول المغرب إلى دولة قوية بمنطقة شمال افريقيا، هما ما يحرك مواقف و تفاعلات حكومة مدريد مع التطورات الأخيرة لعلاقاتها مع جارها الجنوبي .


العلم الإلكترونية - رشيد زمهوط

اسبانيا التي تتشدق علنا بقوة علاقاتها التاريخية مع شريكها الجنوبي، لا تخفي في الواقع تشنجها و قلقها حين يتعلق الامر بمكاسب اقتصادية أو دبلوماسية تحرزها الرباط في المنطقة المتوسطية، ووقائع فضيحة « غالي غيت » جاءت فقط لتترجم النوايا الخفية للحكومة الاسبانية في تدبير سياسة الجوار مع المغرب .
 
الأسلوب الانتهازي في تدبير العلاقات الثنائية مع الرباط سيبرز أيضا جليا في التقرير السنوي الصادر عن إدارة الامن القومي الاسباني التابع لرئاسة الحكومة الذي سيحال على البرلمان و الذي ينتقد علنا القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية والقاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، وبسيادة المملكة على الأقاليم الجنوبية و يسمه بأنه زاد الوضع تعقيدا بالمنطقة .
 
الموقف شبه الرسمي للحكومة الاسبانية يعيد الى الذاكرة التحفظات التي أبدتها الخارجية الاسبانية من خطوة الرئيس ترامب قبل ستة أشهر و التي تعكس قلق مدريد من فقدان نفوذها الاستراتيجي بمنطقة الصحراء وشمال افريقيا و تفضح منطقها الاستعماري المصلحي الذي يتعامل مع المغرب بصفة الشريك حين يتعلق الامر بقضايا الهجرة و الامن التي تقلق راحة شبه الجزيرة الايبيرية لكنه يتملص فجأة من متطلبات الشراكة في تقدير حساسية المصالح العليا للرباط.
 
جزء غير يسير من الاعلام الاسباني انخرط بدوره منذ فترة في حملة مبيتة لتشويه صورة المغرب تعكس السلوك الاستعلائي المبني على الوصاية و التعصب الامبريالي في متابعة تطورات الازمة الأخيرة، تصل حدود تغييب أصوات الحكمة المتعددة بالمشهد السياسي الاسباني و نداءات تغيير نمط الحكومة في إدارة الازمة الأخيرة مع المغرب وتليينها حفاظا على ما تحقق من مكاسب و تراكمات إيجابية على مدى العقد الاخير.
 
التشنج الاسباني المتفاقم الحدة يجد أيضا دوافعه في توجس الاسبان في التقارب الاستراتيجي و العسكري الحثيث والمتنامي بين الرباط و واشنطن مخافة أن يتطور الى طرح وضع المدينتين المغربيتين السليبتين شمال المملكة .
 
مدريد لا تخفي قلقها من صفقات التسلح المتسلسلة التي يجيزها البنتاغون الأمريكي لفائدة المغرب , و تعتبرها تهديدا استراتيجيا مباشرا لإسبانيا , و ادعاء رفضها المشاركة في الدورة السنوية لمناورات الأسد الافريقي التي ستنطلق بعد أيام بمبرر تنفيذها في مناطق من الصحراء المغربية المسترجعة لا يستقيم عقلا و منطقا لأن مدريد لم تطرح هذه المحاذير قبل مشاركتها الفاعلة في الدورات السابقة، بقدر ما يعكس مستوى اراديا من التخبط والتناقض الذي يعكس الشعور الانهزامي لمدريد العاجزة عن تأليب المجموعة الاوربية ضد الرباط وتحقيق هدف المؤامرة الذي سطرته الجزائر قبل سنوات وينفذه بغباء وبالكثير من التهور و الاندفاعية جزء من الحكومة اليسارية بمدريد بقيادة بيدرو سانشيز و تخطيط غونزاليس لايا .
 
مساهمة إيطاليا و بريطانيا آخر مغادر للمجموعة الاوربية المتفككة في المناورات التي تقودها قيادة افريكوم الامريكية بتراب الصحراء المغربية لا يعكس فقط اعترافا من هذه الدول و غيرها بالسيادة المغربية التامة , بل يؤشر أيضا على انفراط عقد التحالف الأوربي الذي تحاول مدريد توظيفه كورقة ضغط لإخافة المغرب و احراجه .
 
بالنسبة للدبلوماسية المغربية التي تتابع تطورات الازمة المتفاقمة بالكثير من الحزم، والصلابة والبراغماتية، فإن حسابات الأجندة الاسبانية لا تشكل أي ضغط أو احراج للرباط التي حسمت موقعها قبل أسابيع حين أعلن وزير خارجيتها أنه في تقدير المصالح العليا للمملكة فلا مجال لسياسة النعامة و المواقف الرمادية.
 



في نفس الركن