2022 أغسطس/أوت 4 - تم تعديله في [التاريخ]

وفاة "اليوسفي" تنكَأ جراح ضحايا سنوات الرصاص

ردود أفعال حقوقية تطالب بضرورة تفعيل مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب


العلم الإلكترونية - الرباط

خلفت وفاة مدير الشرطة القضائية سابقا والمعروف بـ”جلاد درب مولاي الشريف” “اليوسفي قدور”، صدا في الأوساط الحقوقية خاصة لدى ضحايا سنوات الجمر والرصاص.

وطالبت العديد من الفعاليات الحقوقية بضرورة التعجيل بطي صفحة الماضي عبر تفعيل مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، إذ رفعت لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب وعدد من ضحاياه سابقا، مطالب “الإسراع بإقرار الآلية الوطنية المستقلة للحقيقة، قبل وفاة كل المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب وفي مقدمتهم الجلادين”.

واقترن اسم “قدور اليوسفي” الذي توفي يوم الخميس 28 يوليوز 2022 بشكل قوي بما سمي ب”سنوات الجمر والرصاص”، حيث “كان مسؤولا عن أحد أكبر مراكز التعذيب في المغرب، وهو المعتقل السري درب مولاي الشريف بالدار البيضاء”، تقول اللجنة ذاتها.

وكشفت لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب، أن “الجلاد" قدور اليوسفي، أشرف على استنطاق وتعذيب آلاف الرجال والنساء والأطفال المنتمين إلى أبرز الحركات المناضلة ببلادنا.

وطالبت اللجنة بـ”الإسراع بإقرار الآلية الوطنية المستقلة للحقيقة، قبل وفاة كل المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب، وللكشف عن الحقيقة الكاملة في ملف مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري، وهي مطالب، حسب اللجنة، تتميز بإجماع الحركة الحقوقية والأحزاب التقدمية والديمقراطية”.

وقبل أن يعلق على وفاة قدور اليوسفي، قال عبد الاله بنعبد السلام منسق الإئتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إن تجربة المغرب في العدالة الانتقالية فيها عدد من الجوانب التي كانت مهمة، لكن ليس كما يقولون؛ لأن مسلسل هيئة الإنصاف والمصالحة انطلق بالموازاة مع تكرار الانتهاكات، بعدما وقعت أحداث 16 ماي 2003، وكان هناك تعذيب”.

ومن منطلق أن “سياسة الإفلات من العقاب تشجع على تكرار الانتهاكات” قال بنعبد السلام في تصريحه إن “وفاة اليوسفي قدور ضيعت على المجتمع وقوفه أمام القضاء، ليعرف المجتمع جرائمه ومن كانوا يعطونه الأوامر، وبدفنه دفن معه جزء من الحقيقة ومن ذاكرة هذا الشعب”.

كان المعتقل السياسي السابق، والديبلوماسي الأممي الحالي، جمال بنعمر، قد كتب على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي، في وقت سابق، عن قصته مع قدور اليوسفي، حين ضح أمره للصحفيين في منتصف التسعينيات عندما شاهده في مقر الأمم المتحدة في جنيف ضمن وفد حكومي رسمي جاء لتقديم تقرير إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالتعذيب.

المؤتمر الذي تحدث عنه بن عمر هو المؤتمر الدولي ضد التعذيب الذي عقد سنة 1995، وحضره وفد رسمي مغربي من أجل مناقشة التقرير الدولي حول التعذيب، والإجابة على أسئلة الخبراء في اللجنة، وكان من ضمن الوفد قدور اليوسفي، غير أن هذا الأخير، ومن أقحمه في الوفد، لم يكونوا على علم بتواجد معتقلين سياسيين سابقين، في المؤتمر الأممي، ممن سبق لقدور اليوسفي أن عذبهم شخصيا، وكان من ضمن من تعرف عليه الراحل إدريس بن زكري، وجمال بن عمر، وكان الأخير حينها يشتغل في منظمة العفو الدولية في لندن، قبل أن يلتحق بالأمم المتحدة كدبلوماسي.

من جهته أكد مصطفى المانوزي، رئيس سابق للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف ورئيس المركز المغربي للديمقراطية والأمن، أن قدور اليوسفي “أحد الجلادين المعروفين” و”لم يمر فقط بدرب مولاي الشريف، بل كان من مهندسي الفرقة الوطنية للضابطة القضائية، وكانت ارتباطاته بالمخابرات معروفة، واشتغل في جميع المعتقلات السرية والعلنية.

وأوضح في تصريح للصحافة أن من بين المعتقلات التي أشرف عليها الراحل، مخفر منطقة المعاريف بالدار البيضاء، المعروف بالمهدم، معتبرا أنه كان أحد المعالم التي ينبغي الإبقاء عليها شاهدة، وقد كان يشرف على التعذيبات من سنة 1963 إلى سنة 1970، ثم بعد محاكمة مراكش وصولا إلى ما عشتُه في اعتقالات 1981 و1984، حيث أشرف على تعذيبي”.

وشدد المانوزي على أن المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف كانت لديهم لائحة بأسماء الجلادين، لكن لم يطالب يوما، بالمساءلة؛ بل قلنا لنؤجل المسؤوليات الفردية، ليكون نوع من التعاون من الدولة (…) ولما ظهر أن الأفق في الدولة لم ينتج، ولم تتعاون بعض الأجهزة، قررنا استحضار أسماء، في إطار الشهادة لمعرفة أين دفن الحسين المانوزي، وليس لمساءلتهم”.



في نفس الركن