2024 ماي 17 - تم تعديله في [التاريخ]

وجهة خطر.. بين مسلم ورمضان لم تثْبت رؤية هلال الكِتاب!


العلم - بقلم محمد بشكار

بيْن مسلم ورمضان، لم يعُد ينْقصُ معرض الكِتاب إلا شعبان أو (شعبولا) قبل أنْ تثبت رؤية الهلال، وما عُدْنا نعْرف هل إقحام وزارة الثقافة لهذه الأضواء بين رفوف الكتُب، هو جَلْبٌ للأنظار أو صَرْفٌ للإنتباه عن سوق القراءة، فيَا لَكساد بضاعة النّاشرين وأسْفارها التي تُقدَّرُ برُزَم، ألمْ يقُولوا لكل مقام مقال، أما إذا كان المقام موسيقياً فله نغم، على أنْ لا يكون فنا سوقيا يشُوبه الإبتذال !

لن نتحدّث عن الإستدعاء الرّسْمي المصحوب بالوزير وحاشيته، للمغني الشعبي محمد رمضان، فالصورة المُلْتَقطة من عين الحدث لا تحتاج لتعليق، ولا تستحق على الخدِّ حتّى أشدّ التصفيق، بل إنها تؤكد المثل المغربي الذي يقول: جاء لِيُكحِّل للعين فأعْماها، والجميع يَعْلم من أهْل الحلِّ والعَقْد من بيده المِرْوَدْ !

ثُم لماذا يسْتدعي المسؤولون عن معرض الكتاب، مؤلفاً كالروائي السّعودي أسامة المُسلم، وهم يعْلَمون أو لا يعلمون، أنّه يُجيِّشُ خلفه فيلقا من المؤثرين التيكتوكيين مدفوعي الثمن باهظاً، لِنقُل الحقيقة دون مُواربة ولسنا من الحاسدين، هذا الكاتب الذي حجّ إليه غفيرا مُراهقات ومُراهقون في صفوف طويلة حدَّ الإغماء، لَمْ يكُن هو نفسه المقصود طلبا لتوقيع من يده الكريمة، بل يكْمن في لاوَعْي هؤلاء الشباب المهووسين بعوالم هاري بوتر، ذلك اليوتوبر الذي انتقل بروايات المؤلف من الكتابي إلى الشفوي، ليزيد من ذيوعها باللغة الدارجة في مواقع التكاسل الاجتماعي، وهكذا مع مُسلم استطاع الجِنُّ ما لم يسْتطِعه الإنس ولو برُقْية شرعية أو شعرية، ولا عتَب على هذا الكاتب الشّاب الذي انقلب في لمحة عين ببلدنا، من كاتب مغمور إلى مشهور، من حقِّه أن يُوقِف الحركة بين يديه ويُجمِّد باقي أنشطة المعرض، فساحة الأدب مفتوحة للتّباري واستقطاب العدد الأكبر من القُرّاء،  والشّاطر من لا ينتظر رجَب كي يُثير العجب، من حقِّه أن يُوظِفُ مُؤثرين من العالم الإفتراضي للترويج لبضاعته، ألمْ ترَ مع دُنُوِّ عيد الأضحى، كيف فتح حتى الكسَّابة من الفلاحين أصحاب الضّيعاتِ، أسواقا في مواقع الإنترنت لبيع الأغنام، وأصبح اليوتوبر برّاحاً إنْ لم أقُلْ شنّاقاً، يروِّج مُقابل بعض العَلَف للخروف بالثُّغاء والصورة !  

من حقّ  الكاتب أيضا أن يُلْفتَ باقي الكُتّاب إلى سوق جديدة مَن لم يخُضْها فسَلْعتُه كاسدة، بغضِّ النظر عن قيمة هذا المنتوج المقروء ورقيّاً والمسموع افتراضياً، هل تتوفر فيه أسباب الأدبية التي تمنحه الأبدية العابرة للأجيال، أم مُجرد موضة مرحلية من صنيع الترند، لا تتجاوز في دغدغتها لأهواء المراهقين، حدود فقاعة مآلها الزوال آجلا أو عاجلا بهبّة هواء، ولكن من وجهة نظري لا يجبُ أنْ نصْدِر أحكام قيمة جزافية في مدى إنشائية أو أدبية ما يكتبه أسامة المسلم، ذلك من اختصاص غربال النقد الأدبي، أليس الأنجع تعميق دراسة هذه الظاهرة الأدبية، والسؤال عن الدافع وراء هروب جمهور القُرّاء من الواقع إلى المواقع ! 

أما الفوضى العارمة التي أرْبَكت البرنامج العام لمعرض الكتاب، بسبب تهافُت الزُّوار الشباب للظفر بتوقيعٍ من هذا الكاتب، فاللائمة تقع على الساهرين في الكواليس على تنظيم معرض الكتاب، كان الأجْدر تأطير الحدث تحت سقف عُنوان مناسب يليق بالأدب التيكتوكي، واستباق جماهيرية هذا الوافد الجديد المحفوفة بالأخطار، من خلال تحْديد تاريخ ومكان لا يجعلُ سيْل الزبد يتجاوز أفق الإنتظار !

عمود منشور بجريدة "العلم" يوم الجمعة 17 ماي 2024




في نفس الركن