2024 أكتوبر 29 - تم تعديله في [التاريخ]

وثائقي "جزيرة موغادور": إحياء لتاريخ عريق وإنتاج أكاديمي رصين


العلم الإلكترونية - هشام الدرايدي 

يعد الوثائقي الذي أخرجه الأستاذ الباحث في التاريخ، محمد أبيهي، عملا سينمائيا مميزا ومؤثرا، رغم اعتماده على آليات تقنية بسيطة متاحة للعوام لتحقيق هذا الإنتاج الأكاديمي الاحترافي الكبير، حيث يعرض الوثائقي المنجز في 46 دقيقة، تاريخا غنيا من خلال معطيات مستمدة من مصادر ووثائق ومراجع ودراسات أجنبية ومغربية أكاديمية رصينة، معتمدا منهجا علميا دقيقا يبرز خبرة المخرج وعنايته في حبك سرد بأدق التفاصيل التاريخية.
 

يستعرض الوثائقي قصة جزيرة موغادور في العالم القديم، ودورها الحيوي في صناعة مادة الأرجوان التي كانت تستخرج من الصدفيات البحرية، وتستخدم لتلوين الأقمشة، حيث جعلها الملك يوبا الثاني مركزا لهذا النشاط. وقد كانت الجزيرة تُصَدر هذه الصباغة الثمينة إلى المدن الرومانية التي اعتمدتها رمزا للثراء والمكانة الاجتماعية.
 
يقدم أبيهي سردا تاريخيا مترابطا، يتناول تطور الجزيرة وامتداد دورها في حركة التجارة الأطلسية، ومرورها بعدة مراحل من الاحتلال البرتغالي وصولا إلى الدور الكبير الذي أداه السلطان سيدي محمد بن عبد الله في إعادة بناء مرسى موغادور، وتوطيد العلاقات مع القوى الأوروبية، وفتح المدينة أمام الدبلوماسية الدولية في القرن الثامن عشر.
 
كما يقدم الوثائقي عمقا ثقافيا وإرثا تاريخيا يشمل القبائل المحلية وسكانها، وتقاليدها العريقة في تأمين الطرق التجارية، وكذلك الفنون الدفاعية والرقصات مثل "أحواش إححان"، التي جسدت روح القبيلة وارتباطها بالأرض، حيثىقدمت كل هذه العناصر للمشاهد رؤية شاملة لتاريخ الصويرة وأهميتها في المجالين المحلي والدولي.
 
وأبدع أبيهي من خلال عمله، في توثيق جوانب من حياة هذه المدينة وموقعها الجغرافي الذي جعلها في مقدمة المدن المؤثرة على مدى العصور، مؤمنا بأن هذا العمل سيعيد إلى الأذهان أهمية هذا الموقع التاريخي الفريد في الصويرة وموروثه الذي يؤكد ثراء الحضارة المغربية وارتباطها بجذورها التاريخية.
 



في نفس الركن