2024 شتنبر 1 - تم تعديله في [التاريخ]

هل‭ ‬بدأ‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬للجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي؟


الافـتتاحية


فتحت‭ ‬الزيارة‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬العامة‭ ‬لقوات‭ ‬الدفاع‭ ‬الوطني‭ ‬الإثيوبي‭ ‬للمغرب، ‬البابَ‭ ‬أمام‭ ‬التساؤل‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬لوجود‭ ‬الجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬التي‭ ‬أنشأتها‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬فعلاً‭ .‬خاصة‭ ‬و‭‬أن‭ ‬زيارة‭ ‬المسؤول‭ ‬العسكري‭ ‬الإثيوبي‭ ‬الكبير‭ ‬لبلادنا‭ ‬،‭ ‬قد‭ ‬جاءت‭ ‬غداة‭ ‬زيارة‭ ‬رسمية‭ ‬لوفد‭ ‬عسكري‭ ‬مغربي‭ ‬أجراها‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬،‭ ‬وصفت‭ ‬حينها‭ ‬بأنها‭" ‬خطوة‭ ‬لإعادة‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬والأمني‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬، ‬لما‭ ‬يرقى‭ ‬لتاريخ‭ ‬الدولتين‭".

ويستمد‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬وجاهته‭ ‬من ‭"‬نداء‭ ‬طنجة‬‮" ‬الذي‭ ‬وقعه‭ ‬تسعة‭ ‬رؤساء‭ ‬حكومات‭ ‬ووزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬أفارقة‭ ‬سابقون،‭ ‬عقب‭ ‬انعقاد‭ ‬مائدة‭ ‬مستديرة‭ ‬بطنجة‭ ‬،‭ ‬بعنوان‭ (‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬قضية‭ ‬الصحراء‭ ‬المغربية‭)‬،‭ ‬عقدت‭ ‬ضمن‭ ‬فعاليات‭ ‬المنتدى‭ ‬الدولي‭ (‬ميدايز‭) ‬،‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022‭ . ‬وهو‭ ‬النداء‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ (‬ضرورة‭ ‬تصحيح‭ ‬الشذوذ‭ ‬التاريخي‭ ‬والانحراف‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والشعور‭ ‬السياسي‭ ‬المضاد‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬و‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬الإبقاء‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭ ‬داخل‭ ‬المنظمة‭ ‬القارية،‭ ‬على‭ ‬الكيان‭ ‬الوهمي،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬سلبي‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬القارة‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬يعيق‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬ويهدد‭ ‬الوحدة‭ ‬الأفريقية‭ ‬والتكامل‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬تهديد‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬الإقليمين‭).‬

وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬التطور‭ ‬الحالي‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬العلاقات‭ ‬المغربية‭ ‬الإثيوبية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬جوانبها‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية،‭ ‬غير‭ ‬متاحة،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬طبيعي‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المستويات،‭ ‬فإن‭ ‬المراقب‭ ‬للأوضاع‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬توقع‭ ‬قفزة‭ ‬نوعية‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬وجمهورية‭ ‬أثيوبيا‭ ‬الفيدرالية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬تنعكس‭ ‬على‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬تخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لبلادنا‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬أن‭ ‬ثلثي‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬القارية‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬تعترف‭ ‬بالكيان‭ ‬الوهمي‭ ‬لجبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬نصف‭ ‬بلدان‭ ‬القارة‭ ‬قد‭ ‬فتحت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الساعة‭ ‬،‭ ‬قنصليات‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العيون‭ ‬و‭ ‬الداخلة‭. ‬هذا‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الدينامية‭ ‬العالية‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية،‭ ‬والتي‭ ‬تعزز‭ ‬الحضور‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬و‭ ‬توسع‭ ‬من‭ ‬دوائر‭ ‬‮ ‬التعاون‭ ‬الفاعل‭ ‬و‭ ‬ذي‭ ‬المصداقية‭ ‬والجدوى،‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬و‭ ‬شقيقاته‭ ‬الدول‭ ‬الأفريقية‭ .‬

ويحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬استقراء‭ ‬‮ ‬للأوضاع‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬،‭ ‬خلال‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬،‭ ‬إن‭ ‬الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬قد‭ ‬فرض‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬داخل‭ ‬المنظمة‭ ‬القارية‭ ‬،‭ ‬بحيث‭ ‬تزايد‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬رؤساء‭ ‬الدول‭ ‬والحكومات‭ ‬و‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬الأفارقة،‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬تسمى‭ (‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬الصحراوية‭ ‬الديمقراطية‭) ‬‮ ‬هي‭ ‬مجرد‭ ‬كيان‭ ‬مصطنع‭ ‬فُرض‭ ‬على‭ ‬منظمة‭ ‬الوحدة‭ ‬الأفريقية‭/ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬،‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬شرعية‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬لأي‭ ‬عنصر‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬المكونة‭ ‬للدولة‭ ‬،‭‬ وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعله،‭ ‬حسب‭ (‬نداء‭ ‬طنجة‭) ‬كياناً‭ ‬وهمياً‭ ‬بلا‭ ‬سيادة‭ ‬و‭ ‬بدون‭ ‬مسؤولية‭ ‬قانونية‭ ‬دولية‭ ‬،‭ ‬و‭ ‬بالتالي‭ ‬بدون‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬‮‬،‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بقاء‭ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬الوهمي‭ ‬،‭ ‬ولا‭ ‬نجد‭ ‬وصفاً‭ ‬أعمق‭ ‬و‭ ‬أدق‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬،‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬، ‬يعد‭ ‬انتهاكاً‭ ‬صارخاً‭ ‬للمادتين‭ ‬3‭ (‬ب‭) ‬و4‭ (‬ب‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬التأسيسي‭ ‬للاتحاد‭.‬

بناء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬الاعتبارات‭ ‬والاختلالات‭ ‬القانونية‭‬، ‬تقدمت‭ ‬28‭ ‬دولة‭ ‬أفريقية‭ ‬بطلب‭ ‬تجميد‭ ‬عضوية‭ ‬الجمهورية‭ ‬الوهمية‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬البوليساريو‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ . ‬وقد‭ ‬ازداد‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬المطالبة‭ ‬بتجميد‭ ‬عضوية‭ ‬‮ ‬هذا‭ ‬الكيان‭ ‬المصطنع‭ ‬،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مطرد،‭ ‬نتيجة‭ ‬لدينامية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬المغربية‭ ‬التي‭ ‬تنبني‭ ‬على‭ ‬الرؤية‭ ‬المستنيرة‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬وأيده‭.‬

نعم،‭ ‬بدأ‭ ‬العد‭ ‬التنازلي‭ ‬للكيان‭ ‬الوهمي‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬إيذاناً‭ ‬بعهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الأفريقي‭ ‬الخلاق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬و‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬والتنمية‭ ‬الشاملة‭ ‬المستدامة‭ ‬واحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬و‭ ‬التفعيل‭ ‬العملي‭ ‬لمقاصد‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدول‭ ‬ووحدتها‭ ‬الترابية‭ ‬وسلامتها‭ ‬الإقليمية‭.‬

العلم



في نفس الركن